من رسائل عبد الكبير الخطيبي إلى غيثة الخياط : 01 .. الرسالة 2: عدونا أيضا يقيم بداخلنا مثل شبح

صديقتي،

مع فجر هذه السنة الجديدة، أتمنى لك: أولا الصحة، الصحة مستلهمة إلى حد ما، وهي تصاحب الزمن في إيقاعه، من فصل لآخر. تأتي السنة وتعود، وتلك التي تعود إلينا، تحمل في طياتها بعض الوعد والعهد.
بصدد كلمة «تحاب «Aimance، يلزمني أن أقول لك، إنني لست من ابتدعها، كما ذهب إلى ذلك بعض الكتاب في فرنسا. إنها كلمة قديمة، تنتمي إلى تقاليد الشعر العفيف (سأرسل لك مقالا حول الموضوع كنت كتبته ذات مرة). كلمة تعرضت للنسيان. وإذا كان من استحقاق، فإن تحديدي هو وضعها متاحة للتداول.
إن كلمة مثلها مثل الخيط الأول لزربية، وحبكتها. نستطيع أن نحلم، وأن نفكر، وأن نهذي انطلاقا من أصدائنا وهي متعددة. تجمع داخلها تلك المتعلقة بكلمة أحب، والحب، والصداقة. ضمنها، تقفية assonanceجميلة وترابطية، وتشبيه ملائم للانفعالات التي تمنحه نفسا. يعرض المعجم الكلمات مثل تماثيل وإشارات رامزة، والحال أن الأمر يتعلق بتأصيلها في الحياة. تطعيمها بالحياة المادية واللامادية، في صميم القلب الصامت لكل كلمة التي هي ملاذ-لا أقل ولا أكثر- لحركتنا الخاصة في الحياة.
تتحدثين في رسالتك عن «صحار مأهولة بالكراهية». أجل. لا أعرف ما إذا القول المأثور للحكيم الذي يريد الإفادة من مشاعر أعدائه، يضعنا على الطريق. تحويل التدمير هو آلية جيدة لمعرفة الذات. عدونا هو أيضا بداخلنا مثل شبح، جزء متجذر في نزوعاتنا ونزواتنا. سنفيق يوما مغتاظين من سذاجتنا وأوهامنا. الفن هنا، عنيد لا ينقاد. يمنحنا سرا: يشكل تشابكاتنا مع الحياة، وانفعالاتنا، وأهواءنا. أؤمن بالفن بوصفه غاية في ذاته. غاية لا متناهية.
نحن عندنا، الصمت، وضع صليب، النار، الشعلة -كل سراء أو ضراء- كل هذه الأشياء تعرضنا للدوار. فليس ثمة حكمة ولا حمق للاحتفاء هنا. يظل كل شيء مرجأ في الممكن؟ أتساءل هل نهرب من هذه اللحظات، حيث تـأخذ الأشياء مكانها: قوة الواقع، وهشاشتنا الأصلية، والحقيقة العارية التي تصفعنا. نهرب ونلعب بهذا الهروب، بهذا الافتراق، والتلاقيات الجديدة المؤثرة.

صديقتي،
أفكر بمصطلح اللاتناظر في كل هذه الأوضاع، وسوء الفهومات الإجبارية إلى حد ما، بين الرجال والنساء. قبل أن أكون مغربيا فأنا كائن، شبيه، يسير في الحياة مقنعا؛ لأن الأقنعة والأدوار يؤسسها المجتمع، وينظمها القانون. يلزم التعامل معها، في كل الأوقات. أنا لا أتساءل الآن كيف أحيا، وأحب، وأموت متصالحا مع كل العالم، لكن ماذا يعني شغفي بالعلامة؟ اسمعي هذه الكلمة كما تريدينها، امنحيها صوتا وإيقاعا.
هل هذا المشروع التراسلي («فكرة غريبة وإشكالية» أليس كذلك!) أكثر من مجرد تعويذةexorcisme؟ أسيكون خطوا؟ لكن ما هو بالضبط؟ أنا مثلك أفكر فيه بوصفه رهانا. إنه رهان جميل.
أحييك.
عبد الكبير
* ملحوظة: ستكون لي عودة إلى كتابك «الحدائق السبع» يوما ما، لما أقرأه كاملا.

الرباط، في 6 يناير 1996


الكاتب : ترجمة وتقديم: محمد معطسيم

  

بتاريخ : 24/05/2021