الأستاذ والمفكر فرنسوا ثويال: الصراع الشيعي السنّي ليس صراعا دينيا… والقرن 21 هو قرن القطيعة الجذرية بين المذهبين

o إنك تصرّ على أنّ الصّراع السنّيّ الشّيعيّ هو صراع جيو ـ سياسيّ أكثر من كونه صراعا دينيا.. منذ متى كان الأمر كذلك؟
n منذ البداية، منذ وفاة الرسول، اندلع الخلاف بين أصحابه وعائلته حول خلافته على رأس الدين الإسلامي، ثمّ على رأس الإمبراطورية الإسلامية. إنّ مصطلح جيو سياسيّ يحتوى واقعين اثنين: واقعا اجتماعيا وواقعا جغرافيا، وينطبق على الصدامات التي وقعت حينها بين من نسمّيهم اليوم السوريين والعراقيين. السوريون يمثّلون العروبة القادمة من الحجاز لإقامة الدولة الأموية في دمشق سنة 661، والتي حكمت العالم الإسلامي منذ هذا التاريخ، والعراقيون ـ في جانب كبير منهم ـ هم الموالي أي الوافدون على الإسلام من الدول المفتوحة المغزوّة، وأغلبهم من الإمبراطورية الفارسية. وكانت الدولة الأموية لا تمنحهم نفس الحقوق الممنوحة للمسلمين الأصليين. هكذا ينضمّون إلى أشياع عليّ المرابطين في جنوب العراق الحالي. وعلى مدى قرون كانت إمبراطورية الإسلام السنّية: الأمويّة ثمّ العباسية، دائمة السعي للسيطرة على هذه الأقلّيات الشيعية ذات التركيبات المعقّدة.

o لكنّ الإسلام امتدّ، وبسرعة كبيرة، على أغلبية مناطق البحر الأبيض المتوسّط في أواسط القرن الثامن، وبعد مائة سنة تقريبا من وفاة محمد لم يعد هناك إشكال في الحقوق الممنوحة للعرب أو للوافدين على الإسلام. لماذا لم ينتهِ الصراع إذن بين السنّة والشيعة؟
n بالعكس لقد زادت حدّته في محاولة للسيطرة على العالم الإسلاميّ، وفي القرن العاشر كانت السيطرة شبه تامّة للفاطميين (شيعة إسماعيلية) – وبعد ذلك بقرن، استرجع السنّة السلطة بالقوّة – وحدها مصر بقيت فاطمية حتى إلحاقها بالسنّة على يد صلاح الدين سنة 1171.

o إنّك تنسب صفة أقلّية للشيعة بصورة آليّة، فهل كانوا دائما أقلّية في العالم الإسلاميّ؟
n تاريخهم كان دائما قدر الأقلية المضطرب، وكانت تتوالد داخل هذه الأقلّية أقلّيات متعدّدة ومتنافرة تتصارع فيما بينها. إنّ الشيعة كانوا ومازالوا أقلّية في العالم الإسلاميّ ولو أنهم أغلبية في بعض الأقطار كإيران وأذربيجان والبحرين…

o لنتكلّم عن الثّقل الديمغرافي لهذه الأقلّية: حسب بعض المصادر يمثّل الشيعة من 8 إلى 15 بالمائة من مجمل المسلمين فهل هناك إمكانية للاقتراب أكثر من الحقيقة؟
n منذ 3 سنوات أيّدت السفارة الإيرانية بفرنسا تقديراتي الشخصية: الشيعة بكلّ فصائلهم يصل تعدادهم إلى حوالي 190 مليون نسمة من مجموع 1 فاصل 5 مليار مسلم في العالم، هذا يمثّل نسبة 12 بالمائة تقريبا. بالفعل لقد تطوّر هذا العدد خلال العشرية المنصرمة، وأنا أعرف أنّ الأرقام التي نشرتها سنة 1995 أصبحت لاغية في جزء كبير منها. لقد انطلقت من قواعد رسمية أي بمعنى آخر بقوائم خاطئة، فالسلطة السنّية تعمّدت تخفيضها لغاية ما، وأنا أرى اليوم أنّ العدد أكثر من ذلك.

o لماذا يكون من الصعب أن نحدّد هذه النسبة بدقّة؟
لأسباب ثلاثة:
n أوّلا: إنّ معظم الدول الإسلامية لا تمتلك خطّة فرز دقيقة، فنحن في فرنسا لا نعرف بالتدقيق هل نحن 65 أو 66 م نسمة، ولا ما هي نسبة المسلمين، فما بالك في بلد كالباكستان؟
ثانيا: هو أنّ السلط السنّية تحاول دائما تقليل الثقل الديمغرافي للشيعة في هذه البلدان.. أفكّر مثلا في السعودية ودول الخليج والعراق ولبنان …
ثالثا: ليس الشيعيّ مجبرا على أن يجهر بانتمائه المذهبيّ على عكس ما نتصوّره للوهلة الأولى، وهذا التقليد ليس من باب الخبث، بل بالعكس إنّه تقدير من المضطهدين الذين يريدون قبل كلّ شيء بقاء المجموعة ونجاة الأفراد.

o ولكن لماذا يختبئون؟
n لماذا اختبأ البروتستانت عن جلاّدي لويس الرابع عشر؟ لماذا اختبأ اليهود سنة 1940؟ هل لهم خيار في أنظمة تفرض فيها الأغلبية قانونها رافضة المختلفين المخالفين؟

o البروتستانت واليهود الذين ذكرتهم كانوا مهدّدين بالموت وهذه ليست حالة الشيعة في البلدان التي يمثّلون فيها أقلّية؟
n إنّ الاضطهاد والظلم شبيهان بالقمع العسكريّ، بالطبع لم يكن الشّيعة مهدّدين بالتصفية ولكنهم كانوا منبوذين ومرفوضين، وإذا سمحت لي سأعبّر لك بابتذال: إنّ الخطاب المعتمد من قبل الأغلبية السنّية المسيطرة على السلطة هو كالآتي: “أنتم الشيعة قابعون في زاويتكم هناك في الطرف الآخر من الحيّ لا نريد أن نسمع عنكم أيّ حديث”.
لي صديق لبناني كان يقول لي: في طفولتي كان الشيعة يشتغلون بوّابي عمارات. هذا المختصر معبّر جدّا ويلخّص ما يحدث في العراق، والكويت، والسعودية ..
أنا نفسي عندما كنت موظّفا شابّا في بداية 1970، وعبّرت عن اهتمامي بالشيعة كنت مدعاة لبعض السخرية والهزء، وكان يبدو لي طبيعيا أنّ هذه الأقلّيات المضطهدة والمنبوذة ستنتهي إلى الانضواء تحت لواء الحركات الثورية للمرحلة. في سنة 1995 اختتمت عمل “جيوبوليتيك دي سيفزم” بفصل تحت عنوان : “بيق بنق شيت”. وهذا العنوان يمكن أن يبدو مبالغا فيه وقتها ولكن اليوم نحن في هذا “البيق بنق” وبصورة راديكالية أكثر مما كنت أتصوّر.

o الكثير من السنّة يتذمّرون ممّا يسمّونه الدعوة التبشيرية للشيعة داخل مجتمعاتهم… هل هذا واقع أم مجرّد شائعات؟
n مرّ وقت طويل كانت الشيعة فيه تنسب إلى إيران حتى داخل العالم الإسلامي نفسه. وجاءت الثورة الإسلامية سنة 1979 لتعزّز هذا الموقف… ونكتشف اليوم أن شيعيّا من ضمن 3 هو من العالم الهندوـ باكستاني وبنغلادش من ضمنه.
التشيّع ليس النسخة الإيرانية للإسلام. إنّه دين أصبح منذ زمن تبشيريا إذ تشيّعت بعض المجموعات السنّية في إفريقيا، مثلا في نيجيريا هناك اليوم حوالي مليون شيعيّ، مع أنه منذ عقدين تقريبا لم يكن هناك شيعيّ واحد في نيجيريا. إنها ظاهرة جديدة وهذا مجرّد مثال ضمن أمثلة أخرى عديدة.

o ما هي أسباب هذه التبشيرية اليوم بالذات؟
n هذه التبشيرية كانت دائما موجودة ذلك أنّ الشيعة ومنذ ظهورها كانت تطالب بمشروعية خلافة محمد معتبرة الخلافة السنية خلافة انقلابية وغير شرعية. إنه نفس النزاع بين الكاثوليك والبروتستانت: كلّ مذهب يدّعي أنّه يمثّل المسيحية الأصلية. ولكنّ هناك عاملا آخر إضافيّا: إنّ المذهب الشيعيّ يحمل شحنة انفجارية دينية وكذلك اجتماعية وسياسية، وقد استوعبها بشكل جيّد وحبّ كبير من الشيعة. و”علي شريعتي” وهو المنظّر الحقيقيّ للثورة الإسلامية، وقد مات في المنفى عامين قبل عودة الخميني إلى إيران… “شريعتي” حاول التوليف بين الماركسية والتشيّع الثوريّ. شريعتي” وضع العالم الأخروي – الآخرة- في المقدّمة. وفي انتظار المهدي يعدّ كلّ نظام غير شرعيّ، فالإمام هو الوحيد المؤهّل للهيمنة. فبالنسبة للشيعة فإنّ التاريخ غير مكتمل ولن يكتمل – غير قابل للاكتمال- وهو غير مرتكز على انتصار البروليتاريا، ولا على إدراك لغير المطلق عند هيجل ولكن على عودة هذا الإمام المختفي بين السماء والأرض، والذي ما انفكّ يتدخّل في تاريخ البشر، وهو الذي سيفكّ أغلال البشرية وقيودها ذات يوم… ومنذ سنوات، يعود هذا البعد الأخروي إلى الساحة بقوّة وتزايد.. في لبنان على سبيل المثال حكايات ظهور الإمام إلى جانب مقاتلي حزب لله تتزايد يوما بعد يوم.

تحدّثت عن لبنان، نستطيع كذلك الحديث عن العراق حيث يتساوى تقريبا السنّة والشيعة مع فارق ضئيل لصالح الشيعة، إنهما بلدان قابلان للانفجار في أيّ لحظة بين هذين المذهبين. بما تفسّر هذه الوضعية؟
لا يتعلّق الأمر بحرب دينية مذهبية، رغم أنها تستغلّ العنصر الدينيّ… تانك النقطتان الساخنتان تتّحدان في الأمر التالي: كان الشيعة مضطهدين ومقموعين اجتماعيا وسياسيا، ولكن عندما أصبحوا يمثّلون الأغلبية صحت ذاكرتهم الانتقامية على قاعدة جيو ـ سياسية، لنتكلّمْ عن العراق ـ المهد التاريخي للشيعة ـ فلا شكّ أنّ أغلبية الشيعة اليوم ينحدرون من قبائل الرحّل التي مدّنها العثمانيون بالقوّة في القرن 19 م.
هؤلاء كانوا مدعومين بالجار الفارسيّ العدوّ التاريخي للإمبراطورية العثمانية، وقد تشيّعوا بتزكية الإمبراطورية البريطانية التي لا تنظر إلا لمصالحها الخاصة، والتي موّلت في تلك الفترة، وبأموال السلطان الهنديّ الشيعيّ، ترميم وإعادة بناء مزارات الشيعة وأضرحتهم، في البصرة والنجف وكربلاء، والتي كانت قد هدّمت من طرف الوهّابية السنية في1802 و1803 .

o نفهم مصلحة الفرس في صراعهم مع العثمانيين، ولكن ما مصلحة الإنجليز في تشييع جنوب العراق؟
n بعد أن تركّزوا جيّدا في الهند، بدأ الإنجليز يتقدّمون نحو غرب آسيا وقد التقوا العالم الفارسيّ في النصف الثاني من القرن 19، وقد بدؤوا يفكّرون في حفر قناة تربط الخليج الفارسي بالبحر الأبيض المتوسط، ولتأمين القناة عليهم أن يشجّعوا الشيعة ضدّ الإمبراطورية العثمانية، وفي سنة 1917 كان هناك مشروعان متصادمان للعالم العربي.
الأوّل مشروع كولنيال اوفيس” في مصر ويرى قيام مملكة عربية كبرى بين الهند والمتوسّط ويسيطر عليها الهاشميون السنّة.
والثاني مشروع ” أنديان سرفيس ‘ يخيّر تقسيم المنطقة إلى دويلات صغيرة تسهل مراقبتها والسيطرة عليها، وهكذا ولد العراق جامعا ثلاث قطع “بيزل” متنافرة: الأكراد وبترولهم في الشمال، الشيعة والبترول أيضا في الجنوب، والسنّة في الوسط. ويمكن القول إنّها قطعة سيّئة التفصيل.

o هل يمكن أن يتحوّل الصراع إلى الكويت حيث بدأت الأقلية الشيعية تستأثر بالاهتمام؟
n منذ 15 عاما نشر “جون بيير شفانمان” كتابا متميّزا هو “الأخضر والأسود”، وفيه يؤكّد أنّ مصير دول الخليج يحدّده مصير الأقلّيات الشيعية… ليست لي إجابة على سؤالكم، من ناحية أودّ أن أقول إنّنا بالغنا في أهمّية صحوة المجموعات الشيعية، ولكن لا نستطيع أيضا أن نلغيها.. أستطيع أن ألاحظ وببساطة أنّه في الكويت والسعودية، كما في العراق يوجد شيعة في المناطق البترولية. تسألني لماذا؟ الجواب بسيط: فخلال قرون عديدة هربت هذه الأقلّيات إلى أماكن خالية من السكّان بسبب الاضطهاد الذي تعرّضت له: في سوريا ولبنان وفي تركيا واليمن لجئوا إلى الجبال، وفي العراق لجئوا إلى مستنقعات الجنوب، وفي الكويت والسعودية أقاموا في الصحارى النائية حيث حقول البترول.

o وفي اليمن حيث الثورة الشيعية والتي يتكلّم عنها الغرب باعتبار أنها تعطي إشارات واضحة عن الصحوة الشيعية؟
n حتى بداية 1960 عرف اليمن نظام حكم الإمامة وهو نظام شيعيّ، وكان يمكن أن يتواصل لولا تدخّل عبد الناصر الذي كان يريد السيطرة على البحر الأحمر فساعد على قيام ثورة جمهورية سنّية، وقد وقفت السعودية إلى جانب الإمامة، أي إلى جانب الشيعة العدوّ التقليدي للوهّابية، وذلك لردع القومية الناصرية وهو عدوّها المطلق والرئيسي. وانتهت حرب اليمن سنة 1967 باقتسام البلاد التي توحدت سنة 1990 وبذلك عدنا إلى نقطة البداية وهي محاولة مراقبة البحر الأحمر هدف السعودية والإمارات لتصدير البترول، بمنأى عن الخليج الفارسي الذي يعتبر خطرا، وبالطبع ولأسباب اقتصادية صرفة تأمل إيران إغلاق خيار البحر الأحمر، وفي نفس هذا السياق يثور يمنيّو الشمال الشيعة مذكّرين بوجودهم. ألا ترى معي أنّ الحرب ليست دينية على الإطلاق.

o أستطيع القبول بأنّ المذهب الشيعي ليس مذهبا إيرانيا، ولكنّ السنّة اليوم يرون أنّ اليد الإيرانية موجودة في صحوة هذه المجموعات الشيعية؟
n أنا لا أتحدث عن تأثير مباشر ولكن عن تأثير جانبي للاستيلاء على السلطة من طرف ثورة ذات نفس ثيوقراطي شيعيّ في إيران.
لقد ذكّرت الثورة الشيعية كلّ من كان آباؤهم وأجدادهم وأسلافهم ضحايا التدمير والإقصاء، أنهم مسلمون كغيرهم. لقد أرجعت لهم اعتزازهم وفخرهم بانتمائهم.
هل تموّل إيران بعض الفرق الشيعية؟ لا أستطيع أن أجزم… رغم أنّ البعض يؤكّد ذلك خاصة في إفريقيا ولبنان. وإن تحصّلت هذه الفرق على بعض المساعدات، فإنّني لا أعتقد أنها ستنقاد بسهولة للسيطرة السياسية الإيرانية… لا توجد كتلة شيعية متناسقة بل مجموعات متصارعة على نحو المجموعات الستالينية، تقتسم نفس العقيدة، ولكن كلّ في بيته. والمذهب الشيعي الإيراني هو في حدّ ذاته منقسم إلى جزأين متناقضين تماما: الشيعة التقليدية المنكفئة على ذاتها في انتظار المهدي دون تدخّل في شؤون الحياة، والشيعة المسيّسة الأكثر مطلبية والمتمثّلة في الخميني الذي يعتبره المذهب التقليدي مهرطقا.

o السنة يتذمّرون من الانتشار( الاكتساح) لهذا الهلال الشيعيّ؟
n هذا الهلال الممتدّ من أفغانستان إلى لبنان هو ابتداع خرافي وهميّ تدعمه هذه السنوات الأخيرة السلطة السنّية الموالية للغرب، والتي تريد أن تكون محميّة من الخطر الإيراني، والتي تضع في أعلى مخاوفها إنتاج البترول والغاز.. نعم هناك مجمع شعوب شيعية من المتوسط إلى أفغانستان.. نعم هذه المجموعات الشيعية هي في مناطق ذات مخزون هائل من البترول والغاز لكن هل هناك خطر ما؟ هذا المجمع، وأعيدها، هو خليط ومزيج في أشكاله المعتقدية وفي تركيبته الإثنو ـ قومية. إنّ الوحدة العميقة للشّيعة تكمن في أنّ هذا المذهب ومنذ ولادته كان مذهب المنبوذين اجتماعيا والمضطهدين سياسيا، هل هذا يكفي لخلق هلال مسيطر؟ نحن هنا بصدد حكاية مشوقة تروي قصة متآمرين يضعون الخطط لبعث الإمبراطورية الشيعية الكبرى والشريرة.. إنّه منطق سخيف ومضحك، تماما كذلك الذي يخشى قيام إمبراطورية سنية أو أورتودكسية موحّدة.

o لقد أثرت تركيا بعجالة، هل يمكن للوضع هناك أن يكون متفجّرا بين شيعة وسنّة؟
n الوضع أقلّ تفجّرا ممّا هو عليه في باكستان حيث العمليات بما فيها ضدّ المواقع الدينية تسقط العديد من القتلى كلّ يوم، لا يكاد يسمع بهم أحد هنا في الغرب. ولكنّ هذا العنف يمكن التفطّن إليه في بلدان الهجرة، خاصّة في ألمانيا حيث توجد جالية تركية مهمّة، وحيث الصراع بين الشيعة العلوية والسنّة يكاد يكون يوميا.. أذكر هنا أنّ العلويين المنحدرين من قبائل تركمانية قد تمدّنوا بالقوّة من طرف العثمانيين، وجنحوا إلى التشيّع تحت تأثير” ليشال” في القرن 16 وقد انضمّوا في ما بعد متطوّعين إلى الثورة اللائكية، وقد أزعجتهم صحوة الإسلام السنّيّ التوحيدي في تركيا.

o المشهد كما ترسمه يكاد يكون مظلما خاصة للمستقبل.. أليست هناك محاولات للتقريب بين الشيعة والسنة يمكن أن تؤدّي إلى بداية تفاهم ما؟
n لا، بصرف النظر عن اجتماع أو اجتماعين بين رجال دين، دون متابعة تذكر. إنّ الخصومة بين الطرفين غير قابلة للتهدئة، لأنّها ترتكز على خلافات دينية وكذلك على خلاف كبير حول الشرعية. فبالنسبة للشيعيّ فإنّ الحكم السنّيّ غير شرعيّ. لا أحد يعلم ماذا سيحدث في العشريات القادمة غير أنّ أيّ تحليل يتناول منطقة الشرق الأدنى والأوسط لا بدّ أن يأخذ بعين الاعتبار المسألة الشيعية… فيما يخصّ العراق مثلا- مهما كان مصير التواجد الغربي، فإنّ الصراع بين السنّة والشيعة سيظلّ عاملا مهيكلا للسياسة الخارجية والداخلية أيضا لهذه الدولة، إذا نجحت في الاستمرار. أمّا إذا كان لا بدّ للدولة والمجتمع العراقيّ أن يتفكّكا، فستجد القوات الغربية المتحالفة حلاّ بسيطا: تأمين مناطق استغلال وتوزيع المواد البترولية والغازية، وترك الفوضى والانحلال تسود في المنطقة. هذه المنطقة التي كانت ومنذ قديم الزمان مرتعا للاضطرابات الجيوسياسية.. من هذا المنطلق هل يكون بقاء القوات الأمريكية أو انسحابها عامل تهدئة أو العكس؟ الجواب في صحوة العالم الشيعيّ في العالم السنّيّ في لبنان والخليج، والقرن 21 هو قرن القطيعة الجذرية بين هذين المذهبين في الإسلام. والذي لا يفهم ذلك سيكون عرضة لكثير من المضايقات.
فرنسوا ثويال: [ يدرّس مادّة الجيوبوليتيك بالمعهد الأعلى للدفاع ومستشار في مجلس الشيوخ
من مؤلّفاته جيوبوليتيك الشيعة، وجيو بوليتيك الأديان – لله المتشظّي.


بتاريخ : 25/07/2017