أي قراءة للبرنامج الجديد للخوصصة لما بعد كوفيد 19؟

إدريس العاشري

 

أصبح من المحتم على كل دول العالم أن تخطط بعجالة وتضع برامج هيكلية لإعادة العافية للحياة الاقتصادية لما بعد أزمة كوفيد 19، التي مازالت لم تتضح آفاقها خصوصا بعد انتشار الفيروس المتحور بسرعة كبيرة رغم التسريع بعملية التلقيح.
نفس التوجه سيسلكه المغرب، الذي استطاع بفضل السياسة الحكيمة لجلالة الملك أن يتحكم ويدبر أزمة كوفيد 19بشكل إيجابي.
توجه نجده يتجسد في التقرير السنوي لمديرية المنشآت العامة والخوصصة، التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، برسم 2020، الذي يشير إلى أن مساهمات الدولة المقرر تفويتها في قانون مالية 2020 والقانون المعدل قد تمت إعادة برمجتها خلال سنتي 2021 و2022 بسبب تداعيات كورونا، حيث تم إعداد برنامج جديد للخوصصة في إطار خطة الإنعاش لما بعد مرحلة فيروس كورونا المستجد.
برنامج يدفع الفاعل الاقتصادي المتعطش لمعرفة مآل الوضع الاقتصادي أن يضع عدة تساؤلات تتعلق ب:
* القيمة المضافة المتوخاة من هذا البرنامج.
* هل هذا البرنامج شبيه ببرامج الخوصصة التي عرفها المغرب منذ عهد حكومة التناوب، أم أن له خاصية متعلقة باسترجاع العافية للاقتصاد الوطني لما بعد أزمة كوفيد 19؟؟
القراءة الأولية لهذا البرنامج الجديد للخوصصة تبين أن الهدف الأساسي هو إعادة هيكلة القطاع العمومي والإسراع ببيع حصص الأقلية المباشرة وغير المباشرة التي تملكها الدولة، إضافة إلى فتح رأسمال بعض المقاولات العمومية للخواص، مع التذكير أنه خلال السنة الماضية، تم تنفيذ عملية واحدة شملت حصة الدولة المملوكة في المؤسسة العقارية الجامعة الدولية للرباط لفائدة البنك المركزي الشعبي، بغلاف مالي يقدر بحوالي 110 ملايين درهم،علما أن المؤسسات العمومية المسيرة من طرف الدولة، إلى حدود نهاية سنة 2020 ، تبلغ 268 مؤسسة ومقاولة منها 225 مؤسسة عمومية و43 شركة مساهمة مملوكة، بشكل مباشر، من الخزينة، بالإضافة إلى 492 شركة تابعة أو مساهمة عمومية غير مباشرة، من بينها، فقط، شركتان مدرجتان في بورصة الدار البيضاء: اتصالات المغرب وشركة “SODEP”.
هذا العدد من المؤسسات العمومية وشبه العمومية التي تشتغل بالمال العام تجعلنا نطرح السؤال التالي :
هل فعلا تعافي الاقتصاد الوطني لما بعد أزمة كوفيد 19 رهين بعملية تفويت بعض المؤسسات العمومية سواء أكانت منتجة أو غير منتجة؟
هل فعلا لعملية التفويت علاقة بعدم مردودية وجودة أداء وتسيير المؤسسات العمومية مقارنة مع مردودية وأداء القطاع الخاص، الذي يحقق أرباحا مهمة رغم الأزمات مثل القطاع البنكي والمالي ؟
أسئلة تجعلنا نأخذ، بعين الاعتبار، ونستأنس بالتوجيهات الملكية السامية لخطاب العرش لـ29 يوليوز 2020، التي تؤكد أن الهدف وأولويات الخوصصة هو تقوية ورفع أداء المؤسسات المكونة للنسيح الاقتصادي المغربي.
حسب التقرير السنوي لمديرية المنشآت العامة والخوصصة، التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، برسم 2020، قامت الحكومة بمتابعة ودعم المؤسسات والمقاولات العمومية الأكثر تضررا من أزمة كوفيد 19، حيث بلغ الغلاف المالي لتمويل المؤسسات والمقاولات العمومية العاملة في المطارات والطرق السريعة وقطاعات السكك الحديدية والطاقة والقطاع السمعي البصري، والتهيئة : ما قدره 12.69 مليار درهم برسم سنة 2020.
إذا كانت حكومة التناوب، التي ترأسها المرحوم سي عبدالرحمان اليوسفي قد استطاعت أن تنقذ المغرب من السكتة القلبية وتقلص من مديونيته الخارجية بفضل عملية الخوصصة، فهل يمكننا أن نتفاءل خيرا من هذا البرنامج الجديد للخوصصة ونتطلع لمستقبل أفضل لما بعد أزمة كوفيد 19؟

الكاتب : إدريس العاشري - بتاريخ : 10/08/2021