استحقاقات ثامن شتنبر بين تحديات العزوف الانتخابي وسيناريو فشل العدالة والتنمية

د. جمال المحافظ

يبدو أن أكبر التساؤلات التي قد تشد أنظار المراقبين للشأن الانتخابي بالمغرب تتمثل في مدى تمكن العدالة والتنمية من تصدر للمرة الثالثة وعلى التوالي الانتخابات العامة التي تجري في الثامن من شتنبر، في ظل ” تراجع شعبية حزب المصباح ” خلال الولاية الحكومية الحالية.
فمن أصل 36 مليون عدد سكان المغرب، يبلغ عدد الناخبين ما يناهز 18 مليون الذين من المقرر أن يتوجهوا الى صناديق الاقتراع لاختيار أعضاء مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) وعددهم 395 نائبا، وأعضاء الجماعات المحلية في أول انتخابات، تجرى في يوم واحد للمرة الأولى في تاريخ المملكة، وهو ما قد يساهم في زيادة نسبة المشاركة، الرهان الرئيس للسلطات المغربية، خلال هذه الانتخابات التي تنظم في ظل ظروف تداعيات جائحة كوفيد 19 المستجد. وكانت الانتخابات الأخيرة قد عرفت نسبة مشاركة تقل عن 45 في المائة.
وينص الفصل 47 من الدستور على أن الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها. كما يعين الملك أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها، وبمبادرة منه، بعد استشارة رئيس الحكومة، يمكن أن يعفي عضوا أو أكثر من أعضاء الحكومة من مهامهم.

“بياضات” الفصل 47 من الدستور 

لتفسير هذا الفصل تختلف آراء الهيئات السياسية والفاعلين والمحللين حول مضامينه، إذ ترى بعض الأحزاب بأنه ” يترك بياضات ويظلّ مفتوحا على جميع التأويلات الممكنة”، في ما يتعلق بتعيين رئيس الحكومة من الحزب الذي يتصدر نتائج الانتخابات مهما كانت هوية الحزب الذي سيفوز بالانتخابات ويشكل الحكومة المقبلة.
وتعد هذه الانتخابات الثالثة منذ إقرار دستور 2011، وذلك بعد محطتين الأولى عام 2012 والثانية عام 2016 . كما أنها الخامسة من نوعها التي تجرى في عهد الملك محمد السادس . وحسب معطيات وزارة الداخلية، فإن عدد المغاربة المُسجلين في اللوائح الانتخابية، بلغ 17 مليونا و983 ألفا و490 شخصاً، ويُمثل الذكور نسبة 54 في المائة من مجموع المُسجلين باللوائح الانتخابية، فيما تشكل النساء 46 في المائة، في حين أن هؤلاء يتوزعون بين الوسط الحضري والقروي، بنسب 54 و 46 في المائة تواليا.
وتشكل الفئة العمرية ما بين 18 و 24 عاماً 8 في المائة، في حين الفئة ما بين 25 – 34 عاماً 19 في المائة،  ثم الفئة ما بين 35 و 44 عاماً، فتشكل 21 %. . بينما الفئة العمرية ما بين 45 و 54 عاماً، تشكل 24 في المائة، والفئة 55 و 59 عاما تشكل 9 في المائة، في حين أن الأشخاص الذين يتجاوز عمرهم الستين عاماً فيُشكلون 23 في المائة.
وتتنافس 1704 قائمة بالانتخابات التشريعية، وتمكنت أربعة أحزاب من تغطية كل الدوائر الانتخابية، حيث بلغ عدد لوائح الترشيح بالنسبة لأحزاب العدالة والتنمية، والأصالة والمعاصرة، والاستقلال، والتجمع الوطني للأحرار ما مجموعه 92 لائحة بواقع 305 مترشحين لكل حزب، في حين بلغ عدد لوائح الترشيح في الدوائر الانتخابية الجهوية 12 لائحة و90 مترشحا لكل حزب أيضا. وتشتمل القوائم المقدمة برسم انتخابات النيابية، في المجموع على ستة آلاف و815 ترشيحا، أي بمعدل يفوق 17 ترشيحا عن كل مقعد بالغرفة الأولى في الوقت الذي بلغ عدد الترشيحات المقدمة على الصعيد الوطني، في ما يتعلق بانتخاب أعضاء مجالس البلديات، 157 ألفا و569 تصريحا بالترشيح.

الانتخابات بين الغاية والوسيلة

في بحث أجراه ” معهد الدراسات الاجتماعية والإعلامية” حول اتجاهات المغاربة وتطلعاتهم من الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، في ظل الخيار الديمقراطي وتدنى نسبة ثقة المغربيات والمغاربة، في الأحزاب السياسية،( 11 في المئة) ففي عينة تتكون من 875 شخصا من الذكور والإناث البالغين أكثر من 18 عاما تبين أن 60 في المائة عبروا عن عدم ثقتهم في الهيئات السياسية.
ويعتبر الملك محمد السادس الانتخابات بأنها ليست غاية وإنما وسيلة لإقامة مؤسسات ذات مصداقية تخدم مصالح المواطنين، وتدافع عن قضايا الوطن معربا في خطاب ألقاه في 20 غشت الماضي عن إيمانه بأن الدولة تكون قوية بمؤسساتها، وبوحدة وتلاحم مكوناتها الوطنية، بعدما كان قد دعا قبيل الانتخابات السابقة عام 2016 المواطنين الذين يتوفرون على سلطة القرار في اختيار من يمثلونهم، إلى حسن الاختيار، لأنه لن يكون من حقهم غدا، أن يشتكوا من سوء التدبير، أو من ضعف الخدمات التي تقدم لهم.
وتتسابق وسائل الإعلام المغربية من صحافة مكتوبة وإذاعة وتلفزيون ومواقع إلكترونية ووسائك التواصل الاجتماعي، على إجراء حوارات ولقاءات مع زعماء الأحزاب السياسية، وتحليل البرامج الانتخابية، ومواكبة الأجواء التي تمر بها الحملة الانتخابية التي كانت قد انطلقت في 26 غشت الماضي وانتهت أمس في الساعة الثانية عشرة ليلا.
تنافس محموم من أجل حكومة جديدة في ظل نموذج تنموي جديد، وتحاول وسائل الإعلام، رصد السيناريوهات المحتملة لما بعد انتخابات ثامن شتنبر، والنتائج التي من المتوقع أن تسفر عنها، خاصة بالنسبة للأحزاب المرشح واحد منها لتصدر هذه الاستحقاقات التي تجرى في ظل مشروع النموذج التنموي الجديد، المخطط الذي يراهن عليه المغرب لتحقيق التنمية المستدامة، خلال السنوات المقبلة.

عن جريدة “القدس العربي”

الكاتب : د. جمال المحافظ - بتاريخ : 08/09/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *