هل تؤزم الهجرة من جديد العلاقة بين لندن وباريس
يوسف لهلالي
تزايدت في الأسابيع الأخيرة عملية الإنقاذ في بحر المانش بين فرنسا وبريطانيا، وذلك لتزايد عدد المهاجرين الذين يغامرون بحياتهم من أجل عبور البحر و الوصول الى إنجلترا. هذا التصاعد القياسي في أعداد المهاجرين عبر بحر المانش، دفع لندن إلى تصعيد اللهجة ضد باريس واتهامها بعدم وضع إمكانيات كافية من الشرطة والدرك لوقف هذا التدفق الكبير. وهددت لندن بقطع المساعدات المالية التي وعدت بها فرنسا لمواجهة الهجرة السرية، وهو ما ردت عليه باريس برفضها لأي ابتزاز مالي. وتصعيد اللهجة بين العاصمتين يعود لحساسية موضوع الهجرة في العاصمتين.
بوريس جونسون، منذ البريكسيت وعدد من البريطانيين يعتبرون أن قضية الهجرة انتهت بالخروج من مؤسسات الاتحاد الأوروبي، وفرنسا بدورها مقبلة على انتخابات رئاسية في أقل من ثمانية أشهر، وهو موضوع يستغله اليمين المتطرف الذي ستكون زعيمته مارين لوبين هي المنافسة الأساسية للرئيس الفرنسي إيمانييل ماكرون في الانتخابات الرئاسية المقبلة حسب استطلاعات الرأي.
وعبر هذه السنة ما لا يقل عن 14100 شخص البحر إلى المملكة المتحدة على متن قوارب صغيرة، وفق وكالة «برس أسوسييشن» البريطانية، بزيادة تتجاوز 6 آلاف شخص عن عام 2020 بأكمله.
ووصل 828 شخصا من فرنسا في يوم واحد نهاية شهر غشت، و استغل المهربون الطقس الملائم في أواخر الصيف من أجل الدفع بالمزيد من المهاجرين نحو البحر وهو ما يفسر هذا الارتفاع في المهاجرين بين الضفتين.
وقالت السلطات البحرية الفرنسية هذا الأسبوع إن دورية بحرية اعترضت سفينة أولى تقل 43 شخصا بينهم ست نساء ورضيعين، بعد أن واجهت مشاكل، وتم إنقاذ أربعين مهاجرا في عملية أخرى، فيما تم انتشال 43 آخرين من مياه بحر المانش بعد إرسالهم إشارة استغاثة.
وأعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان الخميس الماضي أن فرنسا لن تقبل بانتهاك بريطانيا قانون الملاحة الدولي ولا بأي»ابتزاز مالي» في وقت تعزز لندن جهودها لمنع المهاجرين من عبور بحر المانش.
وكتب دارمانان على تويتر «فرنسا لن تقبل بأي ممارسة تنتهك قانون الملاحة، ولا بأي ابتزاز مالي»، مضيفا «يتعين احترام التزامات بريطانيا. قلت ذلك بوضوح لنظيرتي» بريتي باتل خلال اجتماع الاخير.
وتعكس تصريحات دارمانان قلقا في باريس إزاء تقارير عن خطة للحكومة البريطانية لبدء إعادة مراكب المهاجرين قبل وصولها إلى المياه البريطانية في بحر المانش.
وباتل المعروفة بمواقفها المتشددة من الهجرة والجريمة، وافقت على استراتيجية صارمة جديدة، وفق تقارير صحافية الخميس الماضي.
وما أثار غضب المسؤولين الفرنسيين ايضا اقتراحات بأن تجمد بريطانيا جزءا من مبلغ 62,7 مليون يورو (74,2 مليون دولار) وعدت بتقديمها في وقت سابق هذا العام، لتمويل الدوريات في شمال فرنسا ما لم يتم بذل المزيد من الجهود لمنع عمليات العبور.
وتتبع فرنسا سياسة عدم اعتراض أو إعادة قوارب المهاجرين ما لم يطلبوا المساعدة، ويثير ذلك غضب الحكومة في لندن ووسائل الإعلام البريطانية الداعمة ل»بريكست»، التي تتهم فرنسا بالتنصل من مسؤولياتها.
وتضاعفت عمليات العبور غير القانونية لبحر المانش منذ نهاية 2018 رغم التحذيرات المتكررة من السلطات الفرنسية بأن الرحلة محفوفة بالمخاطر بسبب كثافة حركة المرور البحرية وبرودة المياه والتيارات البحرية القوية. وأكدت السلطات الفرنسية تسجيل 11 حالة وفاة وثلاثة مفقودين في البحر منذ عام 2018.
وتريد الحكومة البريطانية أن تجعل عمليات العبور هذه شبه مستحيلة خصوصا انها جعلت من تشديد مكافحة الهجرة أولوية منذ البريكست وتستعد لجعل شروط منح اللجوء أكثر صرامة.
ورغم إرادة الطرفين المعلنة للجم عمليات العبور، تمكن أكثر من 14 ألف مهاجر من الوصول إلى سواحل جنوب إنكلترا عبر هذا الطريق منذ مطلع السنة بحسب وكالة «بي إيه» للأنباء فيما كان العدد العام الماضي برمته ثمانية آلاف.
ومن المتوقع أن يزيد هذا الموضوع التوتر بين العاصمين للحساسية الكبيرة التي أصبحت لموضوع الهجرة في العاصميتن.
الكاتب : يوسف لهلالي - بتاريخ : 14/09/2021