الدُّرُّ الْمَنْثُورُ مِنَ الْمَأْثُورِ


شِثْرِيَّاتٌ
Proèmes

1
بِلَادُ الْمَغْرِب
..
أَرْضُ الْمَغْرِب
أَوَّلُهَا الْبَحْرُ الْمُحِيط
وَهْوَ بَحْرٌ مُظْلِم
لَا يَسْلُكُهُ أَحَد
وَلَا يُعْلَمُ سِرُّ مَا خَلْفَهُ
وَبِهِ جَزَائِرُ عَظِيمَة
مِنْهَا جَزِيرَتَان
تُسَمَّيَانِ الْخَالِدَتَيْن
عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ صَنَم
طُولُهُ مِائَةُ ذِرَاع
وَفَوْقَ كُلِّ صَنَم
صُورَةُ رَجُلٍ مِنْ نُحَاس
يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى خَلْف
أَيْ مَا وَرَائِي شَيْءٌ
وَلَا مَسْلَك
وَالَّذِي وَضَعَهُمَا وَبَنَاهُمَا
لَمْ يُذْكَرْ لَهُ اسْم!
..
وَأَوَّلُ بِلَادِ الْمَغْرِب
السُّوسُ الْأَقْصَى
وَهْوَ إِقْلِيمٌ كَبِير
فِيهِ مُدُنٌ عَظِيمَة
أَزَلِيَّة
وَقُرًى مُتَّصِلَة
وَعِمَارَاتٌ مُتَقَارِبَة
وَأَنْوَاعُ الْفَوَاكِهِ الْجَلِيلَة
الْمُخْتَلِفَةِ الْأَلْوَانِ وَالطُّعُوم
..
وَقَصُبُ السُّكَّر
لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْض
مِثْلُهُ طُولًا وَغِلْظَة
وَحَلَاوَتُهُ لَا يُعَادِلُهَا شَيْءٌ
حَتَّى قِيلَ : إِنَّ الرِّطْلَ
الْوَاحِدَ مِنْ سُكَّرِهِ
يَحْمِلُ عَشرَةَ أَرْطَالٍ مِنَ الْمَاء
وَيُحْمَلُ مِنْ بِلَادِ السُّوسِ
مِنَ السُّكَّرِ
مَا يَعُمُّ جَمِيعَ الْأَرْضِ
لَوْ حُمِّلَ إِلَى الْبِلَاد!
..
وَبِهِ تُعْمَلُ الْأَكْسِيَةُ
الرَّفِيعَةُ الْخَارِقَة
وَالثِّيَابُ الْفَاخِرَةُ السُّوسِيَّةُ
الْمَشْهُورَةُ فِي الدُّنْيَا!
..
وَنِسَاؤُهَا فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَالْجَمَال
وَالظّرْفِ وَالذَّكَاء
وَأَسْعَارُهَا _الْبِلَادُ!_ فِي غَايَةِ الرُّخْص
وَالْخِصْبُ بِهَا كَثِير!

سِجِلْمَاسَة
..
سِجِلْمَاسَة
مِنْ مُدُنِهَا الْمَشُهُورَة
وَهْيَ وَاسِعَةُ الْأَقْطَار
عَامِرَةُ الدِّيَار
رَائِعَةُ الْبِقَاع
فَائِقَةُ الْقُرَى
وَالضِّيَاع
غَزِيرَةُ الْخَيْرَات
كَثِيرَةُ الْبَرَكَات
يُقَالُ إِنَّهُ
يَسِيرُ السَّائِرُ
فِي أَسْوَاقِهَا
نِصْفَ يَوْم
فَلَا يَقْطَعُهَا!
..
وَلَيْسَ لَهَا حِصْن
بَلْ قُصُورٌ شَاهِقَة
وَعِمَارَاتٌ مُتَّصِلَة
خَارِقَة
وَهْيَ عَلَى نَهْر
يَأْتِي مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِق
وَبِهَا بَسَاتِينٌ كَثِيرَة
وَثِمَارٌ مُخْتَلِفَة
وَرُطَبٌ
يُسَمًّى النُّوبِي
وَهْوَ أَخَضَرُ الَّلوْن
حَسَنُ الْمَظْهَر
أَحْلَى مِنَ الشَّهْد
وَنَوَاهُ فِي غَايَةِ الصِّغَر!
..
ويَقَالُ إِنَّهُمْ يَزْرَعُونَ
وَيَحْصُدُونَ الزَّرْعَ
وَيَتْرُكُونَ جُذُورَهُ
وَأُصُولَهُ فِي الْأَرْضِ
عَلَى حَالِهَا قَائِمَة
فَإِذَا كَانَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِل
وَعَمَّهُ الْمَاء
نَبَتَ ثَانِيَ مَرَّة
وَاسْتَغَلَّهُ أَرْبَابُهُ
مِنْ غَيْرِ بِذْر
وَبِهَا يَأْكُلُونَ الْكِلَابَ
وَالْجَرَاذِينَ
وَغَالِبُ أَهْلِهَا
عُمْشْ الْعُيُون!

أَغْمَات
..
وَهْيَ مَدِينَتَان
أَغْمَات أُورِيكَة
وَهْيَ مَدِينَةٌ عَظِيمَة
فِي ذَيْلِ جَبَل
كَثِيرِ الْأَشْجَارِ
وَالثِّمَارِ وَالْأَعْشَابِ وَالنَّبَاتَات
وَنَهْرُهَا يَشُقُّهَا
عَلَى النَّهْرِ أَرْحِيَةٌ كَثِيرَة
تَدُورُ صَيْفاً
وَفِي الشِّتَاءِ يَجْمَدُ الْمَاء
وَيَجُوزُ عَلَيْهِ النَّاسُ وَالدَّوَاب
وَبِهَا عَقَارِبُ قَتَّالَةٌ فِي الْحَال
وَأَهْلُهَا ذَوُو أَمْوَالٍ وَيَسَار
وَلَهُمْ عَلَى أَبْوَابِهِمْ عَلَامَات
تَدُلُّ عَلَى مَقَادِيرِ أَمْوَالِهِمْ.
وَأَغْمَات إِيلَان
وَهْيَ مَدِينَةٌ كَبِيرَة
فِي أَسْفَلِ جَبَل
يَسْكُنُهَا يَهُودُ تِلْكَ الْبِلَاد!

رَقّادَة
..
وَهْيَ مَدِينَةٌ عَظِيمَة
حَصِينَةٌ خَصِيبَة
يَحْصُلُ لِلرِّجَالِ بِهَا
الضَّحِكُ
مِنْ غَيْرِ عَجَبْ
وَالسُّرُورُ
مِنْ غَيْرِ طَرَبْ
وَعَدَمُ الْهَمِّ
وَالنَّصَبْ
وَلَا يُعْلَمُ لِذَلِكَ
مُوجِبٌ وَلَا سَبَبْ!

آزُوكي
..
وَهْيَ أَوَّلُ مَرَاقِي الصَّحْرَاء
وَهْيَ مَدِينَةٌ مُتَّسِعَة
قِيلَ إِنَّ النِّسَاءَ الَّتِي فِيهَا
لَا أَزْوَاجَ لَهُنّ
إِذَا بَلَغَتْ إِحْدَاهُنّ
أَرْبَعِينَ سَنَة
تَتَصَدَّقُ بِنَفْسِهَا
عَلَى الرِّجَال
وَلَا تَمْتَنِعُ
مِمَّنْ يُرِيدُهَا!
…………………….
_أول عاصمة مرابطية.
بلاد المغرب في : « خريدة العجائب وفريدة الغرائب»_ لابن الوردي


الكاتب : إدريس الملياني

  

بتاريخ : 24/09/2021