رغم الحملات التحسيسية التي تنظمها الجهات المسؤولة ذات الاختصاص، مركزيا، جهويا ومحليا، مازالت حوادث السير في «طرق المغرب» تخلف أعدادا متزايدة من الضحايا بين القتلى والمصابين، كما تؤكد ذلك الإحصاءات المتضمنة في البلاغات الأسبوعية للمديرية العامة للأمن الوطني، والتي غالبا ما ترجع أسباب هذه المآسي إلى « السرعة المفرطة، وعدم انتباه السائقين، وعدم احترام حق الأسبقية…» وغيرها من العوامل المرتبطة بالعنصر البشري .
وفي هذا السياق، يلاحظ أن بعض الشباب لا يكترثون بقوانين السير و يقودون الدراجات النارية أو السيارات بشكل «غير مسؤول»، مما يتسبب في عواقب وخيمة للسائق والضحايا، وهي «سلوكات» فوضوية تتكرر كل يوم في سائر طرقات البلاد، قروية كانت أو حضرية؟
يحدث هذا رغم أن لحوادث السير تأثيرا مباشرا في تغيير مسار حياة الأفراد والأسر، كما يستشف من التجربة القاسية لإحدى الأسر من الدارالبيضاء على سبيل المثال لا الحصر .
(ن.ح) مطلقة وأم لثلاثة أطفال، و هي المعيل الأول لأبنائها، اعتادت الاستيقاظ في الصباح الباكر من أجل البحث عن لقمة عيش تقيها وطأة الفقر بمعية أبنائها، تنظف البيوت وتكنس سلالم الإقامات كل يوم ليتفضل أحد الساكنة بتزويدها ببعض المال. (ن.ح) وهي ذاهبة إلى عملها رفقة ابنتها (س.ص)- منذ حوالي أربعة أشهر – وبعد نزولها من الحافلة التي كانت تقلها إلى حي الوازيس بالدار البيضاء، أتت سيارة مسرعة بمحاذاة الحافلة يقودها شاب ودهس الأم وابنتها وأسقطهما أرضا، بعد وصول الإسعاف تم نقلهما لتلقي العلاج، بعد أن أسفر الحادث عن جروح وكسور على مستوى الوجه واليدين والورك لدى الطفلة، أما الأم فتعرضت لضربة على مستوى الرأس، الشيء الذي أدخلها في غيبوبة طويلة مع كسور متعددة بالجسم.
الحادثة غيرت مسار عيش أسرة بأكملها، فالأم التي كانت هي معيل العائلة الوحيد لم تعد قادرة على تأمين لقمة عيش الأسرة، فتدخل أفراد من عائلة الضحية وأخذوا الأطفال للإعتناء بهم بدلا من بقائهم في منزل بات بدون معيل.
هكذا في رمشة عين، تسبب تهور شاب كان يقود سيارته بسرعة لا تحترم قانون السير، في تشتيت شمل أسرة بأكملها، وجعل أم، كانت تكسب لقمة الحلال بعرق جبينها، تعاني من وضع صحي جد متدهور، تبكي بحرقة، كلما استعادت بعض وعيها، ما حل بأسرتها البسيطة من «هلاك»، بعد أن تعرضت لهزة نفسية قوية لن تنمحي آثارها بسهولة مهما تعاقبت الشهور والسنوات؟
صحافية متدربة