في ظل المستجدات القانونية المشددة على محاربة البناء العشوائي، والمجرمة لكل تجاوز بنائي لا يحترم نصوص التعمير ذات الصلة، والتحركات المتواصلة للسلطات المحلية لضبط المخالفات وتحريك الجرافات لهدم مختلف تمظهرات «العشوائية السفلية»، لوحظ بالمقابل، في أكثر من مدينة أو إقليم، تزايد «عناوين» قبح عمراني آخر، يمكن نعته بـ «عشوائية الأسطح» أو «الترييف من فوق»؟
وضع ينطبق على العديد من الأحياء والتجزئات السكنية المستحدثة بضواحي الدارالبيضاء – كنموذج فقط – لدرجة يعتقد معها المنشغل بـ «أحوال المجتمع»، بأن التواجد السكاني بهذه المناطق يعود إلى ما يناهز ثلاثة عقود ، في وقت لا تتجاوز مدة الاستقرار ببعض التجزئات، بالكاد، العشر سنوات.
مشاهد يقف المرء عاجزا عن استيعاب وفهم أسباب استفحالها في زمن تشدد مضامين تصريحات، أكثر من مسؤول، محليا ومركزيا، على «ضرورة احترام تصاميم التهيئة» و«عدم التسامح مع الخروقات المشوهة لتناسق البنيان وتناغم العمران»، حيث تتواصل «العشوائية الفوقية «في بعض المناطق بإيقاع قياسي، يعيد عقارب التمدن – الواقعي لا الورقي – إلى الخلف، دون اكتراث بجسامة العواقب المترتبة عن مثل هذه «المخالفات»!
واقع شكل خيبة كبيرة بالنسبة للعديد من المواطنين ممن اقتنوا مساكنهم في تجزئات محدثة بضواحي العاصمة الاقتصادية، وذلك بعد أن أغراهم الموقع ذو المناخ الصحي، البعيد عن ضجيج «الصناعة» وما تنفثه من مسببات الاختناق المادي والمعنوي، الذي يحول الصغار والكبار إلى «زبناء» شبه دائمين لأطباء الربو والحساسية، إلى جانب محتوى التصميم الأولي، المؤشر عليه رسميا من قبل مختلف الجهات المسؤولة، والمؤكد على «أن الإقامات السكنية المشكلة للتجزئة لن يتجاوز علوها الطابقين، وهذه الأخيرة مخصصة للسكن حصريا، ولن يسمح بمزاولة أي نشاط صناعي داخلها، كيفما كانت طبيعته»؟
نصوص وتصاميم لم «يستطع» محتواها «الصمود» طويلا، بعد أن ارتدت أبنية العديد من التجمعات السكنية «الحديثة»، لبوس «القتامة» بفعل انتشار مظاهر القبح العمراني «من فوق»، بشكل مقلق، ما يجعل المتتبع يتساءل بمرارة: هل «العشوائية الفوقية «باتت أمرا مقدرا لا مناص من القبول به واعتباره «واقعا» تفرضه دوافع استثناية مرتبطة بـ «تلبية مطالب سكانية» في هذه المنطقة أو تلك، بالرغم من تداعياته «الثقيلة «على أكثر من صعيد: جماليا ، بيئيا واجتماعيا…؟
اترك تعليقاً