المخرج الروماني كرستيان مونغيو: متفرجو الأفلام الرومانية اختفوا كلياً تقريباً

لفت المخرج الروماني كرستينان مونغيو الانتباه إليه بشدة في مسرح السينما العالمية عام 2007 بفيلمه الذي يدور عن الإجهاض بعنوان «4 أشهر 3 أسابيع ويومان» الذي فاز بالسعفة الذهبية ودشن عصراً ذهبياً جديداً للسينما الرومانية. بعد خمس سنوات يعود المخرج مونغيو من جديد إلى مسابقة كان بفيلمه «ما وراء التلال».
فإذا ما كان فيلمه الأول يلقي نظرة على المؤثرات المتلفة للدولة الشيوعية على الناس العاديين في رومانيا فإنه في فيلمه «ما وراء التلال» يركز مونغيو على الفساد والإيذاء في مؤسسة سلطوية أخرى: الكنيسة الرومانية الأرذوكسية. وبمناسبة العرض الأول لفيلمه في كان تحدث مونغيو لمجلة «هوليود ربورتر» عن تأثير الفوز في مهرجان سينمائي كبير والمشكلة مع الكنيسة الرومانية وفرصه في العودة إلى بلاده بسعفة ذهبية ثانية. حين فاز ستيفن سودربرغ بالسعفة الذهبية بفيلمه الأول «جنس وكذب وشريط فيديو» قال قولته المعروفة «من هنا ستنحدر الأمور».

o كيف ستحافظ على النجاح الهائل بفوزك في كان بفيلمك الثاني « 4 أشهر و3 أسابيع ويومان»؟

n ربما لن أستطيع- لكن ثمة شيء آخر يهمني أكثر: إني غير متأكد أن فهمي للسينما يتعمق كلما كبرت في العمر. حين بدأت مهنتي كصانع أفلام كان كل شيء واضحا لي بينما أنا الآن لديّ شكوك أكثر مما لديّ تيقن. إن الشعور بالسرور بالفيلم الذي تصنعه أحياناً يكون أكثر صعوبة وأهمية من أن تكون ناجحاً معه والشعور بالسرور هو ما أريده على الغالب.

o كيف تغيرت حياتك ومهنتك نتيجة الفوز في كان عام 2007؟

n كان الأمر لفترة قصيرة من صنف التجارة والرحلات المسلية و أصبح من الأسهل العثور على المال للفيلم الجديد لكن لا يبدو أن حياتي بأكملها تغيرت في اليوم الذي أعقب حصولي على السعفة الذهبية – والسبب الرئيس أني لم أرغب بالتغير. فأنا أمتلك المكتب نفسه وأسوق السيارة نفسها وأصنع الإعلانات التجارية بين فترة وأخرى تماماً قبل عام 2007.

o يحوم طيف الدولة الشيوعية بشكل مشؤوم على شخصيات فيلم « 4 أشهر 3 أسابيع يومان». وفي فيلم «ما وراء التلال» تحوم الكنيسة الرومانية الأرثوذوكسية. كيف يمكن المقارنة بين الاثنين؟

n يشير الفيلم إلى هذا الاختلاف بين العقيدة والدين بشكل عام والكنيسة كمؤسسة. يدور فيلم « ما وراء التلال» حول الثلاثة لكن على الغالب يتناول الأعراض الجانبية لتفسير الدين حرفياً. وكذلك يهدف للحديث عن روح المسيحية المعارضة للطاعة الصارمة الكاملة للأوامر والوصايا. وأخيراً وليس آخراً يدور الفيلم حول اللامبالاة وكيف أن 50 سنة من الشيوعية تبعتها 20 سنة من خيبة الآمال غيرت الحس الأخلاقي للشعب.

o ما مكانة الكنيسة في رومانيا منذ سقوط الشيوعية؟

n الكنيسة الأرثوذوكسية كانت معروفة حتى من قبل وأصبحت أكثر شعبية وقوة وغنى بعد سقوط الشيوعية. حوالي 90% من الشعب الروماني أعلنوا أنفسهم ملتزمين بالدين في الاستطلاعات وفهم السياسيون بأن نقد أي أمر مرتبط بالكنيسة الأرثوذوكسية سيكون تابواً. (ممنوعاً). ومع ذلك فما يزال شعوري بأن الإيمان بالقيم الإنسانية العميقة للمسيحية لا تنتشر بهذه الطريقة. الأسبقية العليا للكنيسة الأرثوذوكسية الآن هي بناء كاتدرائية تدعى كاتدرائية تخليص الشعب الروماني – موقعها في بوخارست في ساحة بيت الشعب الضخم التابع لتشاوتشسكو سابقا. ويكلف هذا المشروع ما يقارب من 200 إلى 400 مليون يورو. من الصعب فهم السبب في أسبقية بناء هذا المشروع في بلد فقير وبوجود 20000 كنيسة لكن أقل من 5000 مدرسة وأقل من 500 مستشفى.

o كيف يمكن مقارنة فيلم «ما وراء التلال» بفيلم « 4 أشهر 3 أسابيع يومان» على مستويي الأسلوب والثيمة؟

n صور فيلم «ما وراء التلال» باستعمال اللقطة الواحدة لكل مشهد مهما كان المشهد طويلاً أو معقداً أو لا ترافقه موسيقى – كلا القرارين تم اتخاذهما كي نجعل من المؤلف لامرئياً ما أمكن ذلك ولإعطاء المشاهد الإحساس بأن عليه أن يقرر ما هو مهم أو غير مهم. ومثل فيلم « 4 أشهر..» فإن فيلم «ما وراء التلال» يدور أيضاً حول فتاتين بينهما علاقة خاصة ورجل يؤثر على قراراتهما. الفرق الكبير يأتي من مقدار الزمن الذي تقع فيه القصة: فالفيلم الأول « 4 أشهر..» صمم كفيلم إثارة بينما فيلم «ما وراء التلال» فهو يشبه رواية عليك أن تفهم السياق قبل أن تفهم الحدث وعواقبه ودرجة المسؤولية لكل شخصية فيه.

o كان فيلم «4 أشهر..» جزء من الموجة الجديدة في الأفلام الرومانية التي حصلت على إطراء واسع حول العالم. فما هو الموقف داخل البلد؟ وهل من الصعوبة أن تجعل أفلامك وأفلام معاصريك تشاهد في بلدك؟

n إن أعداد Multiplexers ازدادت في السنوات الأخيرة وكذلك عدد بطاقات الدخول لكن في الوقت نفسه ومع اختفاء قاعات العرض ذات الشاشات القديمة المفردة فإن متفرجي الأفلام الرومانية اختفوا كلياً تقريباً. من الشائع أن فيلماً أمريكياً من الاتجاه السائد يجمع الآن 100 ألف بطاقة دخول لقاعات العرض في رومانيا بينما لا يبلغ إجمالي دخول فيلم روماني أكثر من 10 ألاف من المتفرجين لكل عنوان. يفضل الشباب تحميل الفيلم من الانترنت بينما المتفرجون الأكبر سناً لم يعدوا يذهبوا إلى السينما مفضلين مشاهدة التلفاز. إن فهم المتفرجين الشباب للسينما هو كونها تعني التسلية ،إنهم لا يشاهدون سوى الأفلام الأمريكية ذات الاتجاه السائد ولهذا السبب فإن أي فيلم آخر دون ذلك يعد غريباً. افترض أن المتفرجين على الأفلام الجادة في رومانيا قد اختفوا كلياً. فأفلامنا لها متفرجون في الخارج أكثر مما في الداخل.

o ما هو أملكم في المجيء إلى «كان» بفيلم جديد؟ هل ربما ستحصلون على سعفة جديدة؟

n سيكون الأمر باعثاً على السرور لكن من غير المحتمل. ولذا أفضل أن أحقق رغبتي التالية: أن آخذ عطلة بعد العمل المستمر لمدة 18 شهراً.


بتاريخ : 11/12/2021