التشكيلي عبد الله الرامي : لوحات بأبعاد فلسفية شديدة الرمزية

 

الفنان عبد الله الرامي وبطريقة ساحرة وشاعرية يود أن يصور لنا اللامرئي من خلال المرئي حيث تجتمع المعاني المختلفة المختبئة، وهذا ما يسعى إليه الفنان أي إيحاء بالدهشة والعاطفة بعقد الرابطة بين المرئي و اللامرئي وهو يدفع بأدائه إلى آفاق التلقائية والاندهاش.
فهو يتعمد الغموض في أعماله ليثير الرغبة في التأمل دون الحاجة إلى الفهم . فالأعمال التي أنجزها ليست مشاهد مباشرة إنما مشاهد رمزية يمكن أن يراها المتلقي بأكثر من معنى ووجهة نظر.
كما أن الألوان في لوحاته تلعب دورا أساسيا، فتبدو تارة تتحاور في ما بينها وتارة أخرى كأنها في صراع دائما مع الآخر وهي دائما تتميز بالقوة والسخونة، كما أن موضوعاته ذات أبعاد فلسفية شديدة الرمزية، يتناولها بأسلوب تجريدي رمزي، تمتزج فيه العديد من التناقضات التي تثير فكر ومشاعر المتلقي وتدعوه للتفاعل معها .
هذه الأعمال تنطلق من أعماق التراث لتحلق بنا بين الحقيقة والخيال برؤية ذاتية شديدة المعاصرة تغوص في أعماق قضايا المجتمع وبين المشاعر والأحاسيس الإنسانية ثم يعيد صياغتها برؤية تتميز بالتلقائية وقوة التعبير لتنقلنا لآفاق واسعة تتوحد فيها المادة والروح والزمان والمكان، وتتعانق الألوان والخطوط في رؤية شمولية شديدة الحيوية والحركة لتقترب كثيرا من عالم الأسطورة.
يريد أن يسترجع، من خلال لوحاته، تاريخ وثقافة المنطقة التي ترعرع فيه حتى تولد من جديد «في عالم اليوم». يستخدم رموزا وألوانا من التراث ويريد أن يعرف الناس أن هناك بعدًا آخر في الثقافة غير ذلك الذي هو سائد ومنتشر.
إن الرموز والعلامات التي يوظفها مستوحاة من التاريخ وبصمة الحضارات والثقافة الفريدة والحصرية. علامات لها دائمًا معنى دقيق وغني جدًا، بمجرد تحليل معنى الرموز، ننظر إلى هذا الفن بشكل مختلف. لطالما كان للعلامة والأفكار التي يستعملها رمزية كبيرة , أكثر بكثير من البعد الزخرفي أو الجمالي، ينص من ناحية على التاريخ والثقافة والتقاليد والطقوس والمعتقدات والخرافات ، ومن ناحية أخرى، يتتبع الإلهام المولود من أفعال الحياة.
غالبًا ما تشكل أعمال الفنان عبد الله الرامي من خلفيات بسيطة إلى حد ما وأشكال ومنحنيات . وبهذا فإنه يعلي من شأن الابتكار في لغة الشكل كهدف لذاته بل إن الأهم عنده هو العمل الفني نفسه، وما يثيره العمل الفني في الشخص المشاهد سواء كان تأثيرا بصريا عاطفيا أو روحيا.
إن أعمال هذا الفنان تساهم في خلق قيم جديدة للجمال، وتتجاهل معايير علم الجمال الفني السائدة. فهو لا يسعى إلى تفسير الفن بل على المتلقي أن يستوعب خطابه للشعور وليس العقل فقط بمعنى إستيعاب الفن من الصدفة علما بأن الذائقة الإنسانية للجمال لدى أغلب الناس لا تستطيع تذوق الفن إلا في إطار موضوع أو مضمون له علاقة بالطبيعة والإنسان. وإذا خلا الفن من كل ذلك، قام حاجز لدى المتلقي يحول دون تذوق العمل الفني مهما كانت جماليته وإثارته.


الكاتب : الحبيب توحيد

  

بتاريخ : 18/12/2021