عرفت مدينة الدار البيضاء مساء السبت 5 دجنبر الماضي، تظاهرة ثقافية نظمت بين ردهات المركز الثقافي الفرنسي على غرار «ليلة الفلاسفة» التي دأبت هاته المؤسسة على تنظيمها قبل أن تعوقها ظروف الحجر الصحي.
وفي هذا الصدد قال مدير المعهد الفرنسي للدار البيضاء، «جايتان بيلان» لجريدتنا، بأن هاته التظاهرة، بحكم الاحترازات الصحية التي تسببها جائحة كوفيد، تعد «أمسية» أكثر منها «ليلة» الفلاسفة، كما اعتاد المركز الثقافي أن ينظمها بمدينتي الدارالبيضاء والرباط. ووصفها بكونها مهمة وينتظرها العديد من البيضاويين، وعلى هذا الأساس فكروا، كأعضاء إدارة، في الحفاظ على هذا الموعد السنوي، وأن يجعلوا منها حلقة وصل بين «ليلة الفلاسفة» في شكلها القديم المعتاد و»ليلة الأفكار» التي يستعدون لتنظيمها ابتداء من شهر يناير.
ليلة الفلسفة كانت مناسبة لعرض محاضرات مختلفة كلها تنحو في اتجاه الإجابة عن تيمة عدم الانضباط، من بينها محاضرة سيرها ادريس جيدان من إلقاء الأستاذ عبد السلام بن عبد العالي، وأخرى عبر الشاشة ألقتها ماري جوزي موندزاين.
وقد قال أستاذ الفلسفة عبد السلام بن عبد العالي في محاولته للإجابة عن السؤال «هل الفلسفة مجرد مشاغبة فكرية» بأن الموضوع الذي طرح عليه للمناقشة  هو الحديث عن المشاغبة كطريقة في التفكير، واقترح التوقف عند معاني الصفة
Indiscipliné
وهي مشتقة طبعا من كلمة
Indiscipline
التي توحي في أصلها اللاتيني إلى التربية، وبالتالي تعني «الامتثال» والخضوع لقواعد و ما يفترض الخضوع من انضباط وضبط للنفس وتحكم في الأهواء، ..وسرد المحاضر كمثال، مسرحية «تارتوف» لموليير التي يرد فيها قول: «ضغط على قميصي مع لباسي الضيق»، واعتبر أن معنى اللباس الضيق عند موليير، يرمز للتضييق على الجسد  والضغط عليه بهدف كبح الجماح وضبط الأهواء و بهذا المعنى ستغدو
L’indiscipline
هي مشاغبة ترمي إلى التخفيف من الضغوط وتسعى إلى التحرر من القواعد ومراوغتها بهدف فك الحصار الذي يضرب على الأجساد والأرواح، ولا يذهب الأمر هنا حتى التطرف أي « التمرد» أو
REVOLTE
التمرد على القواعد، وإنما يكتفي بنوع من المراوغة. واسترسل مفسرا، أن ما يهم في هذا المفهوم هو المشاغبة الفكرية التي تقوم ضد صلابة العقل وحدوده  أولا، ثم ضد أشكال اللافكر الذي تنطوي عليه الأفكار الجاهزة.
كما تم خلال هذا اللقاء تقديم وقراءة مقتطفات للكتاب الأخير لادريس كسيكس
Les sentiers de l’indiscipline
الذي يتناول نفس موضوع عدم الانضباط.
فضلا عن كل هذا تم تنظيم مائدة مستديرة، من بين من حضرها الكاتبة والدكتورة غيثة خياط وادريس كسيكس .
وقد خصت الكاتبة والطبيبة النفسية غيثة الخياط منبرنا بحديث صرحت فيه بأن مشاركتها في ليلة الفلسفة اقتصرت أولا على الإجابة عن أسئلة تلميذات السلك الثانوي القادمات من المؤسستين التعليميتين ليسي ليوطي والجبر، واللواتي طرحن أسئلة حول النسوية وعدم الانضباط، وعلاقة عدم الانضباط بالنسوية، وحول مفهوم عدم الانضباط ككل. وسيتم تسجيل اللقاء على شكل «بودكاتست» سينشر على الأنترنيت.
وأضافت خياط أن مساهمتها ثانيا هي عبارة عن مائدة مستديرة يسيرها ادريس جيدان بمشاركة كل من ادريس كسيكس ، والمحلل النفسي ماجد صفوان وحسن وهبي، وسيهتم كل متدخل بالإجابة عن السؤال حول مفهوم عدم الإنضباط، كل من زاويته ومنظاره ومجال تخصصه. واسترسلت موضحة بأن تناول مفهوم «الإنضباط» مهم و يعتمد على التوقف على ما هو مهم من عدمه وما هو لائق وما هو ممنوع .. وتخصصها سيجعلها تتطرق إلى مشاكل الطفل والطفل المشاغب أو غير المنضبط وما هو مصيره عندما يصبح بالغا.