تعد ضاية عوا إحدى أشهر البحيرات بالمغرب، حيث تقع بتراب الجماعة التي تحمل نفس إسم “الضاية”، ضاية عوا. وهي للتذكير، جماعة تابعة لإقليم إفران الذي ينتمي إلى جهة فاس – مكناس.
ظلت هذه الضاية ، قبل عدة سنوات، وجهة سياحية بامتياز، حيث كانت تتزين بأسراب البط والإوز والطيور المهاجرة، التي كانت تسبح بكل هدوء وأمان على مياهها، وتتغذى بأسماكها الوفيرة.
كان سكان المنطقة يعتمدون في حياتهم المعيشية على عدة أنشطة اقتصادية، والتي كانت تدر عليهم مداخيل مهمة في مواجهة تكاليف الحياة، وتساعدهم في التصدي لقساوة الظرف وإعالة أسرهم، من خلال كراء القوارب والخيول للسياح قصد التجول في المنطقة، أو ممارسة التجارة في بعض المواد والوجبات الغذائية، فكنت تشعر وأنت تتجول في أحضان هذه المناظر الطبيعية الخلابة – من زرقة المياه، وخضرة أشجار الأرز والصنوبر التي تؤثث جنبات البحيرة، وطيور اللقلق المحلقة في سمائها – وكأنك في “جنة” فوق الأرض، لكن وللأسف، تعرضت هذه البحيرة خلال السنوات الأخيرة، إلى جفاف قاتل وضع حدا لحياتها، وذلك دون سابق إشعار، مما حير الساكنة ومعها كل الزوار الذين دأبوا على زيارة المكان.
وهكذا، تحول هذا الموقع الطبيعي من بيئة مائية، ظلت تحتضن ملايين الأسماك إلى مرعى يوفر بعض الحشائش علفا لأغنام المنطقة، فتحولت “الجنة” إلى صحراء قاحلة، نفضت يدها بالمرة من السياحة المحلية، فيما تعرض أغلب السكان إلى بطالة غير مرغوب فيها، في ظل غياب بديل اقتصادي لإنعاش المنطقة، وإرجاع ماضيها الزاهر من خلال إصلاح ما أفسده الزمن.
ويعزى هذا الجفاف ، حسب بعض أبناء المنطقة، إلى تزايد عدد الآبار غير القانونية بالضيعات المجاورة، دون أن تتدخل الجهات المسؤولة لمنع ذلك ، مما انعكس سلبا على منسوب المياه الجوفية، زد على ذلك التغيرات المناخية وشح التساقطات المطرية، مما أدخل الساكنة برمتها في أزمة اقتصادية خانقة.
نقول هذا ، ونؤكد لمن يحتاج إلى تأكيد ، أن هذا الوضع يفرض على المسؤولين أخذ الأمر بجدية بالغة، والعمل على دراسة شاملة لمعرفة الأسباب والمسببات والضرب على أيدي العابثين بالطبيعة وملحقي الضرر بالساكنة، من أجل إيجاد الحلول المناسبة، من خلال الاستعانة بالخبراء والمتخصصين في المجال البيئي، لإنقاذ أحد أهم وأجمل موقع سياحي بالمنطقة. وفي ذلك، فليتنافس المتنافسون.