رواية «نوار الفول» لمحمد الشمسي

أركان الثورة المنتظرة

 

صدرت، حديثا، للروائي محمد الشمسي رواية ثانية “نوار الفول”، بعد رواية “الضريح” الذي أصدرها نهاية السنة الماضية عن نفس دار النشر “مؤسسة باحثون”.
يعتبر الروائي محمد الشمسي أن عمله الجديد هو امتداد لروايته الأولى «الضريح» وأنه واصل من خلاله الوقوف على شروط وأركان قيام ونجاح الثورة، من ضرورة استنادها على العلم والمعرفة والحكمة لاكتساب القوة المتزنة، وأن الثورة تأتي نقيضا للعنف والقهر والتسلط، وأن الثورة نبتة طيبة تنبت في القلوب الطيبة، وأن الثورة تتخذ من السلم والحب والصفح والطموح والأمل والحرية والعدالة عناوين لها، معرجا على مخططات أعداء الثورة في الإطاحة بها وخنقها. 

 

يشرع سكان دوار «مول البركة» في جني غلة ثورتهم بعدما خلعوا التهامي «شيخ الجماعة» في تفاصيل أوردتها رواية «الضريح»، وتنطلق رواية «نوار الفول» بإلزام البركيين (ثوار دوار مول البركة) السلطة في مسيرتهم الاحتجاجية على شق طريق وبناء جسر وإصلاح أراضي الجرف البائرة، بعدما عاد المعلم رشيد ليكمل مسيرته معلما في مدرستهم، يقرر القايد الجديد حمو ترغيب جميع الدواوير على إنهاء قطيعتها وحصارها لدوار أولاد الشرادي أو «أولاد الشر» كما تلقبه الدواوير المجاورة له، وحثها على المشاركة في موسم الخيل والخير في أيامه الستة، لكن دوار مول البركة ومعه أبناء عمومتهم من دواري بورزة و بوسلهام يمتنعون عن المشاركة في الموسم المعني، لعدائهم الراسخ مع دوار أولاد الشر الذي اغتصب أرض الكدس من أصحابهما البركيين، والذي نبت بين الدواوير بالقهر والبطش والسطوة، وينجح الفارس الراضي «مقدم السربة» في إقناع الدواوير الممانعة والدفع بها للمشاركة في الموسم، وذلك بإنشاء «سربة خيل» موحدة من الدواوير الثلاثة، مفاخرا بفرسانهم ومهارتهم وأحصنتهم وشدتها وأصالتها، ومعتبرا المواجهة فرصتهم للثأر من «ّأولاد الشر»، وإذلالهم هم والقايد حمو الذي وضع سلطاته رهن إشارة أعدائهم…
وخلال «تبوريدة الأيام الستة» يقع الخداع والغدر والغش وتحصل الهزيمة….
ثم تنتقل الرواية إلى تآمر سلمان ولد الشر ومعه القايد حمو للإطاحة بثورة البركيين، عن طريق تجنيد «العسكري» وهو جندي متقاعد ابن أخ الشيخ التهامي المخلوع والمقبور، ويغري سلمان ولد الشر العسكري بالجلوس على كرسي مشيخة البركيين مكان عمه، ويزوده بالأعلاف والأموال ليشق بها صفوف أهله وذويه ويؤلب الناس على ثورة وثوار دوارهم، ويستميل سلمان ولد الشر كلا من الغزواني من دوار بورزة ومعه المعطي من دوار بوسلهام، ويضمن ولاءهما واستعدادهما لفك ارتباط دواريهما بدوار مول البركة، وشهادتهما بشرعية أولاد الشر على أراضي الكدس في مقولة «الأرض لمن يحرثها»، واعدا إياهما بالتوسط لهما لدى مدير البنك الفلاحي كي يمنحهما مُهلا لتسديد ديونهما المتراكمة عليهما والتي بسببها يهددهما موظفو البنك الفلاحي بالحجز على ممتلكاتهما…
ويعلن سلمان ولد الشر عن إحياء موسم الصخرة المقدسة التي يسمونها «نوار الفول» وهو جمع يحتشد فيه الشراديون للتباكي فوقها استحضارا لذكرى محرقة جدهم الشرادي وصحابته، وكيف ابتلعت الصخرة في قرن من القرون الغابرة الجد الشرادي في جوفها صونا له من نيران الأعداء، وكيف شوى الأعداء أجساد رفاقه فوقها حتى تغير لونها من بيضاء ساطعة الى منقطة ببقع سوداء (فاستحقت اسم نوار الفول)… وعلى «الصخرة المقدسة» حدد سلمان ولد الشر والقايد حمو وعدد من المتواطئين من «الدواوير الشقيقة» للبركيين سبل حصار الثورة ووأدها، ويأخذ القايد حمو على عاتقه تنزيل نقط التواطؤ، بالمقابل يستغل سلمان ولد الشرادي تورط الميلودي مقدم دوار مول البركة في فضيحة أخلاقية تجره الى الاعتقال، مثلما يستغل مرض الفقيه الداودي في نفس الدوار، ليتآمر مع العسكري ويحثان القايد حمو للدفع بتعيين مقدم (الجيلالي) وفقيه( علي) بديلين للدوار المتمرد، تكون مهمتهما تمزيق وحدة الثوار وزرع الفتنة في صفوفهم…
تتوالى الضربات على البركيين، وتتراجع السلطة عن وعود شق الطريق وبناء الجسر واستصلاح الأراضي… فكانوا يستفتون المعلم رشيد في محنهم، فانبرى يعلمهم الحكمة والمعرفة والبأس والمقدرة، ويمنحهم الهيبة والعزيمة، والقدرة على الثبات والملاقاة، فناظر المعلم رشيد الفقيه علي في مسألة ولي الأمر الجائر، بعدما أكثر الفقيه علي على البركيين من فتاوى حرمة الخروج على شيخ الجماعة واعتباره ولي أمرهم المحرمة عليهم مشاحنته أو مباغضته، واعتبار موالاته وطاعته عبادة ذات جزاء وثواب، لكن المعلم رشيد غلب الفقيه علي بقوي بيانه وساطع برهانه من أن الله كره الظالمين، وأن الأنبياء ثاروا على الجائرين… كما كشف زيف بركة «الصخرة المقدسة»، وأنها صماء كبقية الصخر، ليكتشف سلمان ولد الشر أنه لا يمكن له خنق ثورة البركيين والقضاء عليها، مادام المعلم رشيد فيهم وبينهم محدثا واعظا وموجها، وأن ذلك سيحول دون تحقيق نبوءة ووصية الجد الشرادي بإقامة دوارهم الكبير من الوادي إلى الغابة، مثلما سيحول دون تحقيق سلمان لمشروعه المالي الضخم فوق أرض الكدس بشراكة مع القايد حمو…
يزداد التشويق حين يسقط المقدم الجيلالي مغمى عليه بضربة طائشة على رأسه بحجرة طائشة أثناء حضوره لجمع للبركيين الغاضبين وهم يكتشفون خيوط الدسيسة التي اجتاحتهم.. حيث تم عزلهم عن الغابة…. وحصارهم بتحويل مجرى الوادي… وتشتعل الإثارة حين يوعز سلمان ولد الشرادي لفريق القتل الذي اجتباه لمداهمة المعلم رشيد في المدرسة وقتله و جره لدفنه في قلب الغابة…


بتاريخ : 20/01/2022