تلوث الهواء يتسبب في نحو 270 ألف حالة وفاة سنويا بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
كشف تقرير جديد للبنك الدولي أن التكلفة البشرية والاقتصادية لتلوث الهواء وتدهور البحار والسواحل هائلة وتقدر بأكثر من 3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في بعض بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مبرزا أنه مع تعافي بلدان المنطقة من جائحة كورونا، هناك فرصة لتغيير هذا المسار.
وركز التقرير الذي جاء تحت عنوان «سماوات صافية وبحار نقية.. تلوث الهواء، والبلاستيك البحري، وتآكل المناطق الساحلية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا»، على تدهور الأصول الطبيعية «الزرقاء» في المنطقة (الهواء النظيف والبحار الزرقاء والسواحل النقية المستقرة) ويقدم توصيات بشأن السياسات لعكس اتجاه الأخطار التي تهدد رأسمالها الطبيعي.
وقال نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فريد بلحاج، «إن السماء والبحار الملوثة باهظة التكلفة على الصحة والرفاهية الاجتماعية والاقتصادية لملايين الناس في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا».
وأضاف أنه «ومع تعافى بلدان المنطقة من جائحة كورونا، هناك فرصة لتغيير مسارها واختيار مسار نمو أكثر خضرة وأكثر زرقة وأكثر استدامة كي تقل الانبعاثات ويتراجع التدهور البيئي».
وأشار التقرير إلى أن مستويات تلوث الهواء في المدن الكبرى بالمنطقة هي من بين أعلى المستويات في العالم، حيث يتنفس سكان المناطق الحضرية في المتوسط أكثر من 10 أمثال مستوى الملوثات في الهواء التي تعتبرها منظمة الصحة العالمية آمنة، مسجلا أن تلوث الهواء يتسبب في نحو 270 ألف حالة وفاة سنويا (أكثر من حالات الوفيات الناجمة عن حوادث المرور والسكري والملاريا والسل وفيروس ومرض الإيدز والتهاب الكبد الحاد مجتمعة).
ويصاب سكان المنطقة، حسب التقرير، في المتوسط بالمرض لمدة 60 يوما على الأقل خلال حياتهم بسبب التعرض لارتفاع مستويات تلوث الهواء، مشيرا إلى أن التكاليف الاقتصادية لتلوث الهواء فهي هائلة حيث تقارب نحو 141 مليار دولار سنويا، أو 2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في المنطقة.
وحسب التقرير فقد أصبحت بحار المنطقة أيضا أكثر تلوثا، حيث تبلغ نسبة مساهمة الفرد في المتوسطة 6 كجم من النفايات البلاستيكية في بحار المنطقة كل عام، وهو أعلى مستوى في العالم، مبرزا أن متوسط التكلفة السنوية للتلوث البحري بالنفايات البلاستيكية يبلغ حوالي 0.8 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.
ومن الأسباب الرئيسية لهذه النفايات والمخلفات البلاستيكية سوء إدارة النفايات الصلبة، والإفراط في استخدام البلاستيك، ويرجع ذلك جزئيا إلى عدم وجود بدائل بلاستيكية.
وأضاف أن منطقتا المغرب والمشرق تسيء إدارة نحو 60 في المائة من نفاياتهما، وتنتشر مكبات النفايات المكشوفة، حتى في بلدان الخليج الأعلى دخلا.
ومن المتوقع، وفقا للتقرير، أن يتضاعف إجمالي توليد النفايات تقريبا بحلول عام 2050 ليصل إلى 255 مليون طن (من 129 مليون طن في 2016)، مما يزيد من تفاقم هذه المشكلة.
وبالإضافة إلى البحار الملوثة، يشكل تآكل السواحل بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مخاطر متزايدة، علما بأن معدل هذا التآكل يعد ثاني أسرع معدل عالميا.
وأبرز أنه في منطقة المغرب العربي وحدها، تتآكل السواحل بمتوسط يبلغ نحو 15 سنتيمترا سنويا، أي أكثر من ضعف المتوسط العالمي البالغ 7 سنتيمترات سنويا، كما يهدد اختفاء شواطئ المنطقة سبل كسب العيش، لاسيما بين الفئات الفقيرة، مشيرا إلى أن تقلص السواحل يؤدي إلى تضرر مصائد الأسماك، والحد من سياحة السواحل، وإلحاق الضرر بالأنشطة المرتبطة بها.
وللتصدي للتلوث البحري بالنفايات البلاستيكية، تتضمن التوصيات الواردة في التقرير تحسين إدارة النفايات والمخلفات الصلبة، وإنشاء هياكل موثوقة لأسواق إعادة تدوير المخلفات، وزيادة التعاون مع القطاع الخاص بشأن البدائل البلاستيكية، وفي الوقت نفسه خفض دعم الوقود الأحفوري حيث يقلل هذا الدعم، وبصورة مصطنعة، من أسعار المواد البلاستيكية مقابل البدائل.
وأضاف أنه لمواجهة تآكل المناطق الساحلية، على حكومات المنطقة أن تفهم على نحو أفضل العوامل التي تؤدي إلى حدوث التآكل وأن تحدد المناطق المعرضة له بشدة، مع الشروع في الوقت نفسه في تنفيذ خطط متكاملة لإدارة المناطق الساحلية واعتماد حلول طبيعية تحمي السواحل، بما في ذلك الغطاء النباتي للكثبان الرملية أو الشعاب المرجانية الاصطناعية.
علاوة على ذلك، أشار التقرير إلى ضرورة الحد من الممارسات التي تؤدي إلى تفاقم مشكلة تآكل السواحل، ويتضمن ذلك فرض حظر فعال على أنشطة التعدين غير المشروعة للرمال، وإعادة تأهيل السدود التي تعوق تدفق الرواسب من الأنهار إلى السواحل.