«ليلة الأفكار» تحط الرحال أخيرا بالدارالبيضاء على غرار عدة مقرات المركز الثقافي الفرنسي بالعالم

كما هو العرف خلال فعاليات « ليلة الافكار» منذ خلقه بالمركز الثقافي الفرنسي بباريز، تعرف التظاهرة منذ 7 سنوات تقديم فقرات موسيقية  في عدة مقرات المؤسسة بالعالم. و بالتالي فقد صدح مسرح 121 لمقر المركز الثقافي الفرنسي المتواجد بحي النخيل  بالدارالبيضاء، ليلة  الخميس 27 يناير الماضي، بموسيقى كناوية سينغالية متميزة قدمتها فرقة مغربية سينغالية  امتزجت في ما بينها ضمن مشروع أعطي له إسم « كاليمبا».
وفي هذا الصدد، فقد قال الفنان السينغالي مامبا ديباتي في حوار خص به منبرنا قبيل العرض، بأن ما جعله يعيش في المغرب ما يقارب الست سنوات، هو الثقافة المغربية، إذ أحب التمازج بين الثقافتين السينغالية و المغربية، و ذلك بعد أن اكتشف الفن الكناوي خلال مهرجان نظم في الهند سنة 2008 الذي استضاف مجموعة من الفنانين الأفارقة المعروفين في بلدانهم. و أضاف ديباتي، أنه منذ قدومه إلى المغرب و هو يشتغل مع العديد من الموسيقيين المغاربة سواء المتخصصين في موسيقى كناوة أو الموسيقى الكلاسيكية.. وقد أثمرت إقامته هاته عن مشروع « كاليمبا « الذي يجمعه مع الفنان المغربي خليل موندي.
من جهته صرح المغربي خليل موندي، بأن فكرة التعاطي لفن كناوة بدأت لديه في سن مبكرة و كان الغرض منها، في الأصل، حماية هذا الإرث الثقافي قبل أن يصبح ممن يزاولون استعمال آلة الكنبري و يتشبعون بتاكناويت.
و قد قال المدير الجديد للمركز الثقافي الفرنسي « جايتان بيلان « خلال تقديمه للعرض، أن « ليلة الافكار « أكملت سنتها السابعة منذ خلقت فكرتها بمقر المؤسسة بباريز و هي الآن تتداول ما بين ما يقارب 100 بلد عبر العالم، كما صرح بأن التيمة التي تم اختيارها للمناقشة هي: « لنفكر سويا «  إحالة إلى كون العالم، و معه المغرب، عرف تغيرات فرضتها الجائحة و الحجر الصحي الناتج عن « كوفيد 19 «، مما يستدعي التفكير عن السبل للتواصل و البحث عن اليات أخرى و فتح ورشة للنقاش كل من موقعه وآلياته التكوينية.

كما أن هذا العرض الفني تلى مائدة مستديرة جمعت ما بين نخبة من المهتمين بالشأن الثقافي والفني : الكاتبة لبنى السراج، الناشطة الثقافية مارية ضيف، المخرج هشام العسري، و مصممة الرقص مريم جازولي و الكوميدي يوسف قصير.
المائدة المستديرة التي أدارها الصحفي عبد الله ترابي، كانت فرصة لعرض مجموعة من الافكار التي كانت ضمن اهتمامات أشغال « ليلة الأفكار « و التي توزعت على مختلف الاماكن التي نظمت فيها التظاهرة بالدار البيضاء  من بينها:
المعهد العالي للفنون الجميلة بالدارالبيضاء، مقر المركز الثقافي الفرنسي، حديقة الجامعة العربية، و
L›Atelier de l›Observatoire
و تدعو « ليلة الافكار» للتفكير بشكل جماعي من خلال مجموعة من المحاضرات و الملتقيات و عروض فنية و موائد مستديرة و ورشات للشباب حول تيمة يطرح فيها كل و+احد رايه في  « كيفية إعادة البناء « خاصة مع الظروف التي يعرفها المغرب و العالم مؤخرا، و محاولة اقتراح أفكار و التعايش مع الطرق الجديدة في التواصل، وغيرها من الاقتراحات التي سينتجها أشخاص من المجتمع المدني المنتمين لمختلف الميادين و الأعمار و لكنهم مهتمون بالشأن الثقافي و الفني ..
و من بين الافكار التي تم طرحها فكرة المخرج الشاب هشام العسري الذي قال بأن هاته الفترة لم يعتبرها فترة تراجع أو انكسار بل هي فترة مميزة، فترة انتقال لزمن مغاير و قواعد جديدة.
مرية ضيف من بين ما صرحت به عن تجربتها في ما يخص هاته المرحلة، هو كونها قبل الجائحة كان هناك أحساس بأن شيئا ما سيقع و تنبأ الكثير بحرب ثالثة و تغيرات سوسيو – جغرافية، ألا أنه تبين في آخر المطاف بأنها أزمة صحية، و هنا كان من اللازم تغيير طرق التواصل خاصة لمن هو اجتماعي و لا يشعر بذلك إلا وهو يؤدي السلام عن طريق اللمس كما هي العادة عند المغاربة عامة. و ترتب عن ذلك، الإحساس بأن ذلك الاندفاع الطبيعي قد انكسر.
الكاتبة لبنى السراج، رأت بأن ما ميز الفترة هو ذلك « الطقس الجماعي بعدم اليقين «، لم يعد الإنسان قادرا على التخطيط للأيام المقبلة كما كان معتادا. و وققفنا على حالة أن عدد من المتخصصين و المسؤولين لم تعد لهم رؤية واضحة، من سياسيين و أطباء و علماء… و حل شعور بان الإنسان كفرد ليس بتلك القوة التي كان يزعم أنه عليها، و ربما كان الوقت مناسبا ليشعر الفرد بأنه ضعيفا.
حمزة قصير ينظر للأمر بنظرة تفاؤلية أكثر، و اعتبر بانه في « وقت الأزمات حيث تفتح أبواب جديدة « و بالتالي كان المرء أمام أمرين، إما أن يقول لنفسه سوف نموت جميعا، أو يحاول أن يجد مخرجا و يتعامل مع المعطيات التي بين يديه. و هذا ما جعله يكتشف بان الإنسان أبان عن كونه شجاعا وخلاقا..، وأبرز إمكانياته في ابتكار أشياء أخرى للتعايش والتواصل.
وللتذكير، فقد سبق وأعلن مدير المركز الثقافي الفرنسي للدار البيضاء، « جايتان بيلان « عن هاته التظاهرة، لجريدتنا مساء السبت 5 دجنبر الماضي خلال تنظيم « ليلة الفلسفة « ، و قال بأن هاته الأخيرة ستكون حلقة وصل بين « ليلة الفلاسفة « التي اعتاد المركز الثقافي أن ينظمها بمدينتي الدارالبيضاء و الرباط و» ليلة الأفكار ».


الكاتب :  سهام القرشاوي

  

بتاريخ : 15/02/2022