تقليص مدة التكوين والرفع من عدد المقاعد يغضب مهنيي القطاع العام .. أطباء يعزفون عن المشاركة في مباريات التوظيف في الصحة العمومية بسبب غياب التحفيز

 

أصبح عدد الناجحين في مباريات التوظيف التي تعلن عنها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية قليلا مقارنة بعدد المناصب المالية المفتوحة، وبات العزوف عن التقدم لهذه الامتحانات خاصة في تخصصات من قبيل الإنعاش وطب المستعجلات والكوارث والنساء والتوليد والأطفال والجراحة العامة، هو السمة البارزة، بسبب ما يعتبره العديد من الأطباء غياب الجاذبية وانعدام التحفيز في القطاع العام، إذ يمارس الأطباء مهنتهم في ظل أوضاع مادية مزرية لا تتوافق مع طبيعة تكوينهم، ولا حجم المهام التي يقومون بها، فضلا عن ضعف شروط العمل، سوءا بشريا أو تقنيا، مما يؤدي إلى استمرار ارتفاع مدّ الخصاص في هذا المجال.
محاولة تجاوز الخصاص دفعت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار إلى اتخاذ قرار بتقليص سنوات التكوين في الطب من سبع إلى ست سنوات، والعمل على الرفع من عدد المقاعد البيداغوجية المفتوحة في وجه الطلبة في كل من كليات الطب والصيدلة وكليات طب الأسنان. خطوة تأتي، حسب الوزارة، بالنظر إلى أعداد الخريجين التي لا تتوافق مع الأهداف المسطرة من أجل الارتقاء بالمنظومة الصحية خاصة مع تنزيل ركائز ورش الحماية الاجتماعية وعلى رأسه تعميم التغطية الصحية، مع ما يعني ذلك من ارتفاع في الطلب.
القرار الوزاري الذي جاء من أجل تعزيز التكوين في ميادين الطب والصيدلة وطب الأسنان، وفقا لمضمون المراسلة الموجهة إلى رؤساء الجامعات العمومية، خلق جدلا واسعا وخلّف استياء كبيرا في صفوف أطباء القطاع العام، الذين رأوا في الخطوة «تملّصا من أجل عدم تفعيل الرقم الاستدلالي 509 فضلا عن خطورة قرار من هذا القبيل على جودة التكوين وعلى كفاءة أطباء المستقبل». وشدّد عدد من المنتقدين في تصريحات لـ «الاتحاد الاشتراكي» على أن الإشكالية التي يجب الانكباب بكل جدية على معالجتها لا ترتبط بسنوات التكوين، وإنما بالرفع من الأجور وتجويد شروط العمل حتى يمكن للأطباء طرق باب الوظيفة العمومية والالتحاق بالقطاع العام عوض الهجرة صوب الخارج، مشددين على أن حوالي 600 خريج يهاجرون كل سنة، في الوقت الذي لم يتجاوز فيه طيلة السنوات الفارطة عدد الخريجين الألفي خريج، علما بأنه سبق أن تم تسطير هدف بلوغ 3 آلاف في السنة.
وأكدت مصادر الجريدة أن هناك مرافق صحية جديدة لم يتم افتتاحها بسبب الخصاص في الموارد البشرية في حين أن أخرى تم إغلاقها بعد تدشينها، مشددة على أن أية محاولة لإصلاح القطاع الصحي في غياب تقديم تحفيزات للأطباء والأطر الصحية ستكون محكومة بالفشل، مبرزة أن مزاولة مهنة الطب في القطاع العام أصبحت محفوفة بالمخاطر الصحية، العضوية منها والنفسية وهو ما يتطلب معالجة فعلية وليس من خلال حلول ترقيعية، تؤكد ذات المصادر.


الكاتب :  وحيد مبارك

  

بتاريخ : 21/02/2022