تجميل سُعار الزيادات: أنحن مرضى الحكومة أم زبناؤها؟
عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
أنكرت الحكومة طويلا وجود أزمة أسعار، وظلت تقسم بأغلى البلاغات والتصريحات بأن الأسعار مستقرة، ولا تأتيها زيادة لا من خلفها ولا من بين أيديها…
لكنها عندما انفردت بنفسها ضمن الأغلبية، وهما وجودان لا يبدو أنهما يعنيان نفس الشيء بالنسبة للثلاثي الحاكم، انفكت عقدة لسانها وأقسمت مجددا أنها تعرف محنة المواطنين مع الأسعار، والنقالة مع الوقود وأصحاب الخضر مع المازوت…
ووجدت من الذكاء التواصلي أن تقوم بعملية تجميل كبيرة وعلى الهواء مباشرة، وعندما طرح السؤال قاسيا، لم تجد من بين أيديها سوى أن تخرج ورقة الأجوبة التي كانت تقدمها الحكومة السابقة كلما طرح موضوع الأسعار، سعيا منها لعملية تجميل صعبة وإلزامية.
لربما أنكرت على نفسها لجوءها إلى أجوبة من سبقوها، لا نعرف في الواقع، عندما تريد الحكومة إجراء عملية تجميل للواقع الذي يعيشه قطاع واسع من المغاربة، هل نحن مرضى أم زبائن؟
ربما عليها أن تأخذ بنصائح مراكز خدمات التجميل واللياقة السياسية وجلسات إزالة الحقيقة بالليزر ببراعة جراحيها البررة، خريجي المعاهد التي لا نجيد نطق أسمائها، لتشوه خُلقي في الفكر لا في الفم!
فالأغلبية الساحقة غاضبة ظاهريا من نفسها بعد أن لم تجد سوى «النقلة» من أجوبة السابقين، تكون لزاما في حالة غضب ذاتي مستحق، وهو ما يفسر ولو ببعد نظر متعمد، الغضب من كل شيء…
لا شك أن الأغلبية الحكومية غاضبة من الجفاف والمطر على حد سواء…
الجفاف، لأنه ضيف هذا الموسم الذي لم ينتظره أحد…
والمطر لأنه الضيف المعاكس الذي لم يأت كما وعدها عند وضع قانون المالية، وكأي «خاطب» غير موثوق أعطاها الكثير من الأماني…
وغاضبة على أسواق النفط
وأسواق الجملة
والأسواق الشعبية
وأسواق القنيطرة على حد سواء
غاضبة من الغرب والشرق
وما بينهما من تنافس
وعلى الحرب بين أوكرانيا وروسيا والغرب
وعلى السلام في القطب الشمالي
والقطب الجنوبي لانعدام حاجتهما للمطر
وللجفاف
ولأسواق الخضر
ولا شك أيضا أنها لم تغفر للفلاحين عجزهم عن الصبر
وغاضبة من مراقبي الأسعار الذين لم يصححوها
وغاضبة من شعب يغير مزاجه بسرعة رهيبة، يعطيها الأصوات اليوم ثم يعطيها العصير… في كؤوس كبيرة مليئة بشكواه باهضة الثمن…
وغاضبة من المدونين، ومن زعماء المعارضة…
وغاضبة من نفسها لأنها امتلكت ما يكفي من الإدراك المتأخر، ومن الوعي الشقي لكي تكتشف شعبا مغربيا غاية في الغرابة، وكان عليها أن تظل في جهلها بما يفكر به… وتبقى في جهلها لأن السعادة والفراغ والطمأنينة تكون ملائمة للجهل وهو ملائم لها…
يبدو أن الحكومة بدأت تكتشف الشعب المغربي العظيم الذي لم تنتبه إليه كثيرا عندما كان يصوت عليها.
وعرفت من بين أخبار عديدة مفاجئة أنه يعيش صعوبة حقيقية مع الأسعار..لهذا خرج الرئيس، رئيس الأغلبية والحكومة معا، لكي يقسم من جديد أنه سيعرف انتظارات المواطنين، وأنه لم يجد لها من جواب سوى الجواب الذي سبق للحكومات السابقة أن أقرته، إلى تخصيص الحكومة لدعم سنوي يقدر بـ17 مليار درهم لغاز البوتان، و14 مليار درهم للكهرباء، و600 مليون درهم شهريا لدعم دقيق القمح، و3 مليارات درهم سنويا لمادة السكر، ولا جديد لديها لأن الجفاف والنفط ومزاج رئيس بوتين قد فاجأوها فحجزت لها جوابا سابقا …
وعرفت أيضا بأن معرفتها بالفلاحين، بالرغم من وجود الكثير منهم ضمن السجل العائلي لوزرائها، معرفة هامشية، وغير محينة، والرئيس الذي جعل من إعادة التربية مهمة دستورية، وقد ظل صامتا إلى حين جأرت الأمة بالشكوى وخرجت إلى الشوارع…
ولا نود هنا إعطاء دروس في الأخلاق الأمنية والبحث في علم اجتماع البلطجة الشعبية، نريد فقط أن نشير إلى سطوة الاحتقان التي ساهم فيها الغرور الحكومي، وهذا الاعتداد بالنفس الذي أصبح ثابتا ديموقراطيا في البلاد العزيزة. بعض من قوات الشعب المغربي ذكي، أعطى نموذجا عن فشل إعادة تدوير الميزانيات نفسها، وأثبت أنه ليست هناك فيتامينات خاصة بتوسيع وتيرة التربية.
في الحقيقة سبقت وزارة الاقتصاد والمالية، اليوم، أغلبيتها، وقالت إن سعر الخبز العادي من دقيق القمح اللين لم يعرف أي تغيير ويظل في مستواه الحالي أي 1.2 درهم للوحدة.
نفس المصدر قال بالتقسيط ما قالته الحكومة بالجملة، وصاح في الأسواق الشعبية أن الإجراءات، بالرغم من تكلفتها على ميزانية الدولة، تتجلى في الاستمرار في دعم أسعار الدقيق الوطني للقمح اللين والسكر وغاز البوطان، بالإضافة إلى تعليق الرسوم الجمركية على واردات القمح اللين والصلب والقطاني».
ولا أخفيكم أن العبد الضعيف اختلطت عليها الأبقار والحبوب والقطاني، ولم يدرك هل القمح اللين هو نفسه القمح الطري، ولم يسعفني سوى وزير الفلاحة سابقا ورئيس الحكومة حاليا الذي كان قد أصدر قرارا في2013، يتحدث فيه عن القمح الطري لا اللين.
وسرعان ما سقطت من جديد في الدهشة عندما طالعت أثمان القمح الطري، حسب قصاصة لوكالة الأنباء، يتراوح ثمنه ما بين 50.5درهما و14 ده… ولم أدرك السر في ذلك ولكني سألت عن أي ثمن للوحدة يتحدث الوزير، هل الوحدة بالقمح الذي يباع بالثمن الأول أم بالثمن الثاني؟
وتذكرت الصديق «احميدة» رحمه لله، وكان لا «يعبر» جيدا بكلامه، ويقول لك عندما يريد أن يسافر إلى شاطى السعيدية: سأذهب لأقضي 3 أيام أو 17 يوما، وعندما ننفجر ضاحكين لا يفهم سر الضحك من أرقام موجودة بين أيدينا…
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 24/02/2022