«حلم بلا حدود» عرض مسرحي يحتفي بفاطمة المرنيسي وفكرها السوسيولوجي

على امتداد ساعة من الزمن ، استمتع جمهور مدينة فاس فنيا وفكريا بلحظات جميلة من عرض مسرحي تم استلهام مضمونه من فكر و نصوص السوسيولوجية المغربية فاطمة المرنيسي و من تساؤلاتها و مواقفها و محطات من حياتها منذ لحظة الميلاد بفاس سنة 1940 إلى وقتنا الراهن، من بين هذه النصوص كتابها « حلم النساء » ( بالفرنسية )، الذي ترجم إلى العربية سنة 1998 بعنوان « نساء على أجنحة الحلم» .
العرض الذي تابعته بإمعان رفقة ثلة من المثقفين و المهتمين ، مساء السبت 26 فبراير 2022 بالمركز الثقافي نجوم المدينة بحي الدوح بفاس ، هو ثان عرض لهذه المسرحية بعد عرض أول لها بالرباط احتضنه مسرح محمد الخامس، مساء الخميس 24 من نفس الشهر، و ستتلوه عروض أخرى بالمعاهد الفرنسية بمكناس (3 مارس ) و أكادير (8 مارس ) و فضاءات أخرى…
في كلمة افتتاحية قبل العرض، رحبت مديرة المعهد الفرنسي بفاس السيدة ديلفين بودون بالحاضرين، و أشارت إلى أن مشروع هذه المسرحية انطلق منذ سنة تقريبا بفاس داخل إقامات للإبداع الفني نظمت في إطار برنامج إقامات المعهد الفرنسي بالمغرب في مرحلتين ( مارس و نونبر 2021 ) بحضور الممثلتين أمال عيوش و سناء آسيف اللتين جاءت منهما مبادرة كتابة نص المسرحية في شكله الأولي ثم أعيدت كتابة هذا النص حتى أخذ شكله النهائي.
استحضرت الممثلتان الوحيدتان في المسرحية أمال عيوش و سناء آسيف من خلال كلامهما ( الحوار ) طفولة فاطمة المرنيسي و شبابها و مراحل أخرى من عمرها بفاس و مدن أخرى، كما توقفتا بشكل خاص عند ما كانت تسمعه عن المرأة و وضعيتها داخل المجتمع ( من أمها وغيرها من النساء ) أو تلاحظه عبر مراحل حياتها من فصل تعسفي بين النساء و الرجال باسم « القاعدة « ( الدينية أو الأخلاقية أو العرفية أو الاجتماعية )، وعند مفهوم « الحريم « بين الأمس و اليوم و بين الشرق ( المغرب و العالمين العربي و الإسلامي… ) و الغرب ( أوروبا و أمريكا الشمالية… ). و لم يفتهما التذكير بتساؤلاتها الجوهرية حول المرأة و قدراتها و وضعياتها المختلفة داخل المجتمعات التقليدية و الحديثة ( العربية و غيرها ) و تذمرها من كل ما يخنق و يحد من حريتها أو يمس بكرامتها كإنسان.
لقد نجحت أمال و سناء في تقريبنا من عوالم باحثة سوسيولوجية وازنة و ما عاشته من قلق فكري و نفسي طيلة حياتها الإجتماعية و العلمية، و في تذكيرنا بما توصلت إليه هذه المناضلة النسائية من خلاصات في أبحاثها النظرية و التاريخية و الميدانية. كما نجحت المخرجة الفرنسية آن لور لييجوا، التي استفادت أيضا من نفس الإقامة الفنية في مرحلة نونبر 2021 بفاس، من ضمان حد معقول من الفرجة المسرحية عبر إدارتها للممثلتين الرائعتين عيوش و آسيف و توظيفها للإنارة و بعض المقاطع الغنائية و الموسيقية و تعاونها في الجانب الدراماتورجي مع الممثلة أمال عيوش و المخرجة المسرحية المتألقة أسماء هوري و غير ذلك من الجوانب التقنية.
لقد استمتع الجمهور بمحاضرة متخيلة للأستاذة المرنيسي في قالب مسرحي، نجح المشرفون عليها في الجمع بين الفن و الفكر لمناهضة كل ما يفرق بين النساء و الرجال.
يمكن اعتبار هذا العمل المسرحي بمثابة تثمين للمجهودات التي قامت بها عالمة الاجتماع المغربية فاطمة المرنيسي (1940 – 2015 ) لنشر الوعي بضرورة تغيير المجتمع لنظرته الدونية للمرأة و لإعطاء النساء أمل القدرة على تغيير واقعهم إلى الأفضل. كما يمكن اعتباره بمثابة تكريم لها و لفكرها المناهض لتكبيل المرأة في عالمنا العربي – الإسلامي.
شكرا إذن لفريق المسرحية، و على رأسه أمال وسناء آسيف، و للمعهد الفرنسي و باقي الشركاء، الذين لولا تضافر جهودهم لما أمكن لهذا العمل المسرحي المشرف أن يرى النور، و مزيدا من الأعمال الفنية التي تستلهم حياة و أعمال المفكرين الكبار.


الكاتب : أحمد سيجلماسي

  

بتاريخ : 04/03/2022