«نادي الخنافيس المدرعة » للروائية أمامة قزيز  : أمال الجوهري تميط اللثام عن الجانب الاجتماعي والنفسي في الرواية

 

على هامش فعاليات عيد الكتاب الذي نظم  مؤخرا بتطوان من طرف وزارة الثقافة، بشراكة مع رابطة أديبات و أدباء شمال المغرب ودار الشعر بتطوان، تم عقد لقاء مع الشاعرة والروائية أمامة قزيز بخصوص روايتها ،»نادي الخنافيس المدرعة «  الموجهة لليافعين . وقامت الأستاذة أمال الجوهري بقراءة هذه الرواية ، حيث قبل الغوص في معالجتها  توقفت الأستاذة الجوهري عند النقص الكبير الذي تعاني منه   الساحة الأدبية المغربية على مستوى الاهتمام الكافي بالكتابة للمراهق، وغياب  أدباء من شعراء وروائيين يهتمون بأدب الطفل الذي يعد الثروة الأساسية والحقيقية للأمة، كما أن تنمية القدرة الخلاقة والمبدعة هي الهدف الأسمى لأي تربية ثقافية للناشئين، إذا ما أردنا للمجتمع أن يرقى وينهض، هذا كله يعني أن أدب الأطفال يوفر سياقا نفسيا اجتماعيا؛ يزرع ممكنات الإبداع لدى المتلقي/ الطفل ، يتجرعها خلال عمليتي التفاعل والتمثل،  ويستثير مواهبه، وينميها،  كما أن القيم الإنسانية التي تحملها الأعمال الموجهة لهذه الفئة من الناشئين طريق، تحقق ثقافة التسامح، والدفء العاطفي، والحب، وتقبل الآخر المختلف، لأنها تمثل ثقافة جزئية مؤثرة على الطفل في المرحلة العمرية، التي ينمو فيها معرفيا ووجدانيا . من هذا المنطلق سلطت الضوء أمال الجوهري  على رواية «نادي الخنافس المدرعة « سيما في  الجانب الاجتماعي الذي بدا لها  جليا في ثنايا  الأحداث وشخصياتها الرئيسة.
في هذا السياق تضيف أمال الجوهري  نجد ان البطلة الرئيسة»هيفاء»  في هذه الرواية تنحدر من طبقة برجوازية، نتبين ذلك من خلال حفل عيد ميلادها الذي أقامته بمنزلها يقول حدث النص:»بانت الأم مرفوقة بزوجها وهما يراقبان وصول متعهد الحفلات كي يضع كعكة كبيرة.. ذات تركيب طبقي  مزين بالكريما وعجائن اللوز الملونة .. حان أوان فتح اغلفة الهدايا وكعادتها استبشرت بهدية والدها السخية والتي كانت عبارة عن هاتف ايفون جديد ومن أمها قطعة اكسسوار رفيعة من الذهب ( جاء دور فتح هدايا أصحابها فتابعت اكتشافاتها لهداياهم ..وهي شاكرة لهم وممتنة لكن ما أن حان دور هدية البطلة «مناهل» حتى قامت «هيفاء» بفتحها والنظر الى محتواها.
وعادت الجوهري لتعالج الرواية من زاوية العامل النفسي والسيكولوجي، حيث أوضحت أن  علماء الاجتماع   وأطباء النفس والعقل وعلماء التربية، قد برهنوا على أن العنف الرمزي يغطي مدى واسعا جدا من السلوك الإنساني الذي يكون سببا في تهميش الآخر وإلغاء دوره، استنادا إلى ضروب الاستغلال والظلم والعدوان والحرمان والطغيان والتهميش وعدم المساواة، وهذا النموذج من العنف وظفته المؤلفة في روايتها وفي شخصها «مناهل».. المنحدرة من عائلة بسيطة بعدما وصفتها الروائية وهي تحمل النظارات السميكة و حجاب الرأس المنحسر عن خصلات أرجوانية.
عنوان الرواية التي عنونتها الأديبة أمامة قزيز بـ «نادي الخنافس المدرعة» تقتضي في نظر أمال الجوهري البحث عن معنى كلمة « خنفساء « كمفردة لجمع « خنافس»  الواردة في العنوان بحكم  أنها حشرة.. لا يزيد طولها عن سنتمرين، وتستطيع حمل ما يزيد على وزنها 39 ألف مرة ! !
ما سر هدا المخلوق؟ تتساءل الجوهري  لتجيب أن هذه الخنفساء التي لا يزيد طولها عن سنتمرين بمقدورها أن تحمل قوة تبلغ 149 نيوتن  وظفتها المؤلفة  لحجمها القوي بإمكاناتها الدفاعية، لإضفاء عدة دلالات على الفرقة / النموذج والبطلة، من قيم التحدي، والإصرار على التواجد، وتوضيح عناصر النجاح الحقيقية، دون أن يكون للطبقة الاجتماعية أي دور فيها.
هذا وقامت الروائية أمامة قزيز بتقديم ملخص لروايتها  التي  تدور أحداثها  بمؤسسة الأنوار الثانوية، حيثُ يشتدُّ التنافسُ بين أعضاء النادي الثقافي والبيئي حول تنافُسِيَّةِ اللِّواءِ الأخضر للمدارس الإيكولوجية، فتُدَبِّرُ هيفاء وهالة وهما متزعمتا النادي الثقافي؛ مكائدَ للإيقاعِ بمناهل ـ قائدة النادي البيئي ـ قصْدَ التَّثْبيطِ من عزيمتِها للمُضِيِّ قُدُمًا في مشروعِ النادي الرائدِ داخلَ المؤسسة…
تتوالى الأحداثُ فتدَبِّرُ هيفاء مكيدةً بمساعدة هالة، لإسقاطِ المعيدةِ حكمت ـ التي تتميز بالحزم ـ من على الأدراج، فتتوقفُ عن مزاولة مهامِّها التربويةِ في رخصةٍ استشفائيةٍ من الكَسْرِ الذي ألَمَّ بكاحِلِها، كما تدَبِّرُ لإفسادِ السَّمادِ الذي سَهِرَ على تصنيعه أفرادُ النادي البيئي، مما يتسببُ في غضب سراج ورؤى اللذين يدْعمان مناهل، كما تُؤَلِّبُ هيفاء التلاميذ ضدَّ التعاون مع أعضاء النادي البيئي، فتُشْحَنُ الأجواء داخل المؤسسة، لكنها تعود لطبيعتها بعد تدخُّلِ الإدارة…وتنتهي الرواية بانفضاح أمْرِ هيفاء، وفوز النادي البيئي باللِّواءِ الإيكولوجي.
للإشارة فأمامة قزيز، وهي من الجيل الجديد، تناولت كتابة قصص الأطفال، ولها طابعها الخاص والمميز، كفنانة تشكيلية، شاعرة وروائية  صدر لها ديوان شعري «ثمائل سحر «  فضلا عن ثلاث روايات: «أومادير»، «رؤية هوجين» و»نادي الخنافيس المدرعة».


الكاتب : مكتب تطوان : عبد المالك الحطري

  

بتاريخ : 12/04/2022