الفنان الكبير عبد الواحد التطواني، واسمه الحقيقي عبد الواحد كريكش، كان أول فنان مغربي يفتتح البث التلفزي للإذاعة والتلفزة المغربية سنة 1962 بأغنية،» علاش ياغزالي» مع الفنانة الحاجة الحمداوية .
بحكم دراسته للموسيقى وموهبته المبكرة، وسطوع نجمه في سماء الفن المغربي، التحق سنة 1963 بجوق إذاعة طنجة مع الراحل عبد القادر الراشدي، لينتقل إلى جوقي فاس ومكناس الجهويين، وفي 3 مارس 1968 التحق كمطرب بالجوق الملكي بأمر من المغفور له الحسن الثاني، وكان من بين من حضروا وعايشوا أحداث محاولة الانقلاب الفاشل سنة 1971 بالصخيرات.
غنى من ألحان كبار المبدعين المغاربة، كما غنى من ألحانه كبار نجوم الأغنية المغربية، وراكم العشرات من الأعمال الإبداعية طيلة مسيرته الفنية.
تعددت مواهب الموسيقار عبد الواحد التطواني، لتتخطى الغناء والتلحين والزجل والتشكيل، وتمتد إلى التمثيل، حيث شارك في العديد من المسرحيات وحاز على العديد من الجوائز التقديرية ووسام الاستحقاق الوطني.
الفنان القدير عبد الواحد التطواني يعتبر أول من غنى في أوبيريت في تاريخ الفن المغربي بعنوان ‘‘ بناة الوطن ‘‘، كتبها أحمد الطيب العلج وأخرجها فريد بنمبارك، وكانت من ألحان العربي الكوكبي ومحمد بن عبد السلام، ومن بطولة عبد الواحد التطواني وأحمد الطيب العلج ومحمد حسن الجندي وعزيز موهوب وبهيجة إدريس وإسماعيل أحمد ومحمد الإدريسي وقدمت للتلفزيون سنة 1967.
اشتغل، كما تقول سيرته الفنية، إلى جانب الفنان الأسطورة سليم الهلالي، حيث شكلت هذه التجربة إضافة إلى مسيرته المليئة بالعطاءات، ويعد أحد الرواد المتميزين في الموسيقى المغربية، لذلك لقب بـ «كنار المغرب الأقصى» و»مطرب الملوك».
في هذا اللقاء مع جريدة الاتحاد الاشتراكي، نسترجع مع سي عبد الواحد التطواني مسيرة هذا الرجل الفنان والإنسان.
علاقة خاصة جدا تلك التي ربطت االفنانين القديرين أحمد الغرباوي وعبدالواحد التطواني، وهي العلاقة التي أثمرت ذكريات فنية وإنسانية مازالت محفورة في ذاكرة الموسيقار عبدالواحد التطواني بكل تفاصيلها وجزئياتها.
أحمد الغرباوي، هذه القامة الفنية الكبيرة، استطاعت أن تزين سماء الأغنية المغربية، إلى جانب النجوم الكبار آنذاك ، ويلهم بعضهم البعض من أجل إنتاج عمل إبداعي راق على كل المستويات، يشبهنا ويرقى بذوقنا، ما أحوجنا اليوم إليه بعدما أصبح الغث يطغى على السمين،إلى درجة كان الكل يميز في الزمن الجميل، زمن الرواد، أن هذا المنتوج هو ماركة مغربية مسجلة .
أحمد الغرباوي، كان وراء أعمال فنية كثيرة بالدارجة والفصحى معا، منها “يا الكاويني بالنّار”، “بيني وبينك ألف خطوة”، “غريب”، “راني عييت”، “بلّغوها”، “أمّاه”، “ضاع قلبي ومناه”، “حكاية الرسالة”، “ما نويت نخونك”، “كلميني”، “فكّر مرّة”، “عد يا حبيبي”، “جاية هي”، “شكيت عذابي لنجوم الليل”، “مهما تقسى”، “وفاء”، تفكّر مرّة وطلّ علينا”، “لا تقتلي”، “بدلتيني بالغير”، “هي هي العزيزة عليّ”، وغيرها. إلّا أن الأغنية التي صار اسمه مرتبطا بها،هي أغنية “مُلهمتي” التي ألّفها الشاعر المصري أحمد نديم الذي كان مديراً لمدرسة بالرباط،وكان من المفروض أن يؤديها صديقه عبدالواحد التطواني. وعن علاقته بالراحل الفنان القدير أحمد الغرباوي يقول العندليب، الفنان الأصيل والأنيق :
لي ذكريات رائعة فنيا وإنسانيا مع أخي وصديقي الفنان الراحل أحمد الغرباوي،إذ استمرت الصداقة والأخوة بيننا حتى وفاته سنة 2009 رحمه الله، كان نعم الأخ النصوح، حسن المعشر ،وكنت أنا وإياه لا نفترق إلا لماما. ومن ذكرياتي معه أنه في إحدى المرات كدت أفقد حياتي على شاطئ الرباط، فقد كان رحمه الله على موعد مع صديقته اليهودية ” مادلين “، فطلب مني مرافقته سباحة إلى الضفة الأخرى،من مدينة سلا. لم يجدها فطلب مني العودة إلى شاطئ الرباط مرة أخرى، لكنه بعد مدة قصيرة طلب مني العودة مرة أخرى إلى شاطئ مدينة سلا، فلم يجدها،فطلب مني العودة مجددا إلى شاطئ مدينة الرباط، وعند عودتنا في وسط نهر أبي رقراق، أصبت بتشنج عضلي،وكان معنا الصديق العزيز فتاح الوالي،وكان ترتيب أحمد الغرباوي في هذه السباحة أولا، متبوعا بالصديق فتاح الوالي، حينها بدأت أصيح في وجه فتاح الوالي وأخبره أنني لا يمكنني السباحة، وأنني مصاب بتشنج عضلي يعيق حركتي، طلب مني التوقف عن هذا اللعب الصبياني، لكنني أخبرته بالفعل بأنني لا أستطيع السباحة حقا، تقدم نحوي وأمسكت بكتفه وبدأ في السباحة حتى وصلنا سالمين. حينما وصلت كنت أتنفس بسرعة ومتعبا جدا،وحينما أخبره الصديق فتاح الوالي بما حصل لي، قال لنا ضاحكا : “هدرة خاوية هادي “، لكن حينما تأكد بالفعل أنني كدت أموت، اعتذر وقال لي : “المرة الجاية أخاي ماتبعنيش وتسالا المشكل”.