لُغةٌ تَشَبَّعَتْ بِخَلايَا الأرْضِ وَامْتَدَّتْ جُذُورًا

 

كَنْعانُ
لغةٌ
تشبَّكَتْ بِخَرابِ الأرضِ /
عَرَصاتٍ..
ورحَّلتْ تيهَ الأحلامِ نبيذاً
حَزينا يرقُبُ عهر الأقداحِ
الوثنيَّـةِ …
… … …
… … …

ذئابٌ تألَّهتْ قمراً يافِعاً تأهَّبَتْ
للحربِ وَالسيفِ سنواتٍ ومَا
انتشرت في السهاد / بساتين
تنهب مرجان الزبرجد /
طحالب
تُغازِلُ فسفُور الصحراء ذَرَّات /
نفطٌ تهتَّكَ أعْلامَ البَدْوِ
وسنوات
مِنَ الطيْشِ وَالقَهْرِ/
أنخاب قَيصَرِيَّةٌ
تَجَرَّعَتْ شَجَنَ المَلأ حَتَّى الاغْتِرَاب …

مَنْ يَدْرِي أَكَانَتْ كَنْعانُ دَاليةً أَمِ
ارتِطَامُ الصَّخْرِ بِبَقايَا الجَمَاجِمِ مُنْذُ
التَّكْوِين /
ما همَّ فاللغة
شركٌ تَشَبَّعَتْ بِخَلايَا الأرْضِ وَامْتَدَّتْ
جُذُورًا وَاقِيةً مِنْ قَيْظ السَّمَوَاتِ …

كَنعَانُ
امرَأةٌ مِنْ زَغَبِ الأقْحُوَانِ
هجرتْ مَوتَهَا
لأرضٍ غَيْرِ الأرضِ الَّتِي تَمشِي
عَليْهَا الأقدامُ /
أرضٌ تُخْفِي ظِلَّهَا فِي أقْرَاطِ
الأجِنَّةِ
وَشَرْخِ اليبَابِ …

أَرْضٌ 0 – 0- فَعلُنٌ
هَدْمٌ 0 – 0 – فَعلُنٌ

أسفارٌ تَمَلكَتْ كُلَّ لُغاتِ الهَشِيمِ وَسرتْ
في غورِ المجْهُولِ أَحْرُفًا مِنْ رَمادِ السَّديمِ /
جُبةً لِمَعْبَدٍ تَركَ أيقُونَاتِ الصَّلاةِ وَنثر
الشروخِ الاولَى فِي الجِدَارِ الناسِكِ
مرات /
رحَلٌ يَسْتَهوِيهِمْ سعفُ
النَّخِيلِ جُغرافية للجَسدِ /
ظلالٌ
تمهددَتْ لِتَبْقَى الأشعارُ خالدةً وافدةً
في نَايِ الرُّوحِ …

كَنْعانُ..
لغــةٌ..
ترَسَّبَتْ غُبَارَ التارِيخِ
أزمنةٌ تَجَمْهَرَتْ حَوَلهَا قَوَافِلُ التَّعَبِ
رياحٌ عَاصِفةٌ أُجْهِشَتْ بِرَمْلِ
القفرِ …

وَقْتٌ يَفِرُّ مِنْ فَرْوِ الثَّعْلَبِ …!

زغبُ الملوكِ الطُّغاةِ تَعشقُهُ الكَاهِناتُ
وتراً لأحلام ِالحروبِ وتناسلِ الظلالِ
غاراتٌ على الخيامِ تنسِفُ قبلةَ
العاشقِ متى رحَّلَ وجْهُهُ نحوَ
حبيبةٍ تتقِنُ
الغيــابَ …

– كنعانُ لغةُ اللغةِ القتلى..
– كنعانُ أسفارٌ موغلةٌ في الرحيلِ
– كنعان عنادُ الحروبِ الاولَى
توسدَتْ كلماتِ السربِ
– كنعان خيمةٌ تدقُّ أوتادَها في
جراحاتِ القلبِ ..
– كنعان اغترابُ الرُّوحِ في جسد
يملكُ وجهَ العراءِ…

ويروقُ للدَّمِ
أن ينزفَ في رملِ
السيوفِ لتكشفَ اللعنةُ
عن سرِّ سريرة
الذين ماتوا هناكَ
وما احتاجوا يوما
لمراثي النخيلِ
لكنَّ صحراءَ الوجدِ
توغلت في واحةِ النسيانِ وما تركوا
غير فخارِ النبيذِ وأشعارِ
الأطلالِ وما عادوا بوجهٍ لهم
غير أن تاريخَ الغبارِ اقتفى أثرَ
الرمادِ حتى صارَ للأديمِ طبعُ
الوشاية … ْ

اسْتفسرتكِ يا كنعانيةَ الخلخالِ
كي نمشي للسعفِ برهةً
ونعلو في رعشةِ التجَلِي
اسْتفسرتكِ
لنختفِي زَمَاناً
ويعودَ إلينَا
الوصالُ …

نُلقِي بأشلائِنَا إلى السريرِ وتَجمَعُنا
القُبلُ كَأننَا نُعِيدُ الخليقةَ
وندع ُالسرب يرتاح ولو قليلا …!

تعاليتَ يا رب كنعانَ
يا فجيعةَ الحروبِ
والغزوات ِ، يا صليبَ الكثبانِ
والرمال .
تعاليتِ يا كنعانيةَ الخلخالِ
حين اعترى الكحلُ غسقَ العينِ
وناوشتِ قلبي كأني العدُوُّ
المُرْتَقَبُ /

تباً للنَّهرِ الخرافيِّ وِلي مِنْ هزائمِ
الغباِر
أمَا آنَ لعريسِ الخرافةِ أنْ
يوشح خاتَمَ الأفعَى في حَلَمَتَيْكِ كانَ
السؤالُ الضاحكُ والصُّراخُ كَانَ
العبثُ وكانتْ جمهوريةُ أحلامِنَا
ترفعُ بيرقَ كنعانَ خلفَ التَّارِيخِ
عَلَّ حروفَهُ تفضَحُ عَتَمَاتِ
الغَيَاهِبِ والعيونِ المغتصَبَةِ
عَلَّنَا
نفِرُّ وَلَوْ لحظةً وَنَأْتِي بثمرَةِ
العِشقِ طِفْلا لِكُلِّ الفُصُولِ
ونَحْيَى سَوِيًا كَذَوَبَانِ الثلجِ …!

كنعانُ
التيهُ يَأخُذنِي إليكَ
كليلٍ يُوَدِّعُ سُدولَهُ
لو أنَّ مَوتِي يُهَدْهِدُ حَدِيقَةَ المَوْتَى
لاخترتُ قَبْرِي بينَ نَهْدَيْ كَنْعَانيةَ
الخُلْخَالِ
وَنِمْتُ …

المَوْتُ مُنْتَهَى الرِّحْلةِ
وسفرُ البدايةِ
نحوَ المَجهولِ …!

التيهُ يا كنعانُ اغترابٌ نَحْوَ أقداحٍ
تخفِي
جِسْرَ التاريخِ …

ما تبقَّى
مِنْ هذِي الدِّيارِ
غَير الخَرابِ
وَأطلال
لا
يبكيهَا
الشعراءُ
قَــــطُّ …

ما تبقى…؟!!
غير النخيلِ المذبوحِ في قيظِ النفطِ
والصحراءِ
غير العمائمِ المولعةِ بقطعِ بظرِ
العذارَى
غير الأسئلةِ التَظَلُّ عَلَى الرَّفِّ
أزليةً
لا تُحَرِّكُهَا غيرُ الريحِ
والعاصفةْ …

الأقاليمُ التَعْشَقُ حيضَ النساءِ وهَبتْ
كنعانَ مرافئ ِللحزنِ و نَصَبَتْ آلهةً
منْ مَرْمَرٍ فاصلةً بين الرب والملأ
مَا رَتَّلُوهُ مِن كُتُبٍ ليسَ إلا غِوايةً
تترصَّدُ قَفْرَ البيُوتَاتِ وهجرِ
الأبجديةِ
نحْوَ رُمُوزٍ تَتَوَغَّلُ فِي اللغةْ …

مَا شَرِبُوهُ كَانَ تَارِيخًا مفعَمًا
بارتِعاشاتِ الروحِ وهدمِ النهار
اليفِرُّ مِنْ جِدَارِ الظَّنِّ …

ما نَصبوهُ
من عُمرانٍ
استوعبهُ
الرَّحِيلُ…

كانتْ خيامٌ
وصبايَا
عارياتٍ
تنامُ تتوسطُ
أفخادَهُنَّ أُقْحُوَانَةُ
العنادِ…

وَالزَّغَبُ
المُنَسابُ
كَلَبْلابِ
الظِّلِّ
قايضَ
فحولةَ
الريحِ

وكانتِ
الأطلالُ
والهجرُ
والتاريخُ المستكينُ
لليلِ الرُّعَاةِ
كانَ الزَّمنُ
دَالِيَةً
وحَكايَا
وكنعانُ
لغةٌ تشبكتْ
بِخَرَابِ الأَرْضِ
وكانتْ..


الكاتب : إدريس علوش

  

بتاريخ : 22/04/2022