بعد صمت وفراغ دام لأكثر من ستة أشهر، وهو عمر الولاية الجماعية الحالية، انطلقت فجأة في جل مقاطعات المدينة ما يطلق عليه ب «الرمضانيات» ، ببرامج متشابهة مكررة لا اختلاف فيها ولا إبداع أو ابتكار، جلسات للذكر والسماع، وهو الصنف الذي مازلنا نحتار هل نضعه مع الفنون أم نحسبه على التصوف أو شيء آخر، المهم أنه السلعة، الأكثر رواجا في الرمضانيات، حتى أن الساكنة تجد نفسها تعيش تخمة من الطقوس الروحية والدينية..
فبعد أن تكون قضت اليوم في الصيام، تذهب لأداء صلاة التراويح ومن ثم تبحث عن سويعات للتغيير فقط، فتجد نفسها حتى في المسرح أمام طقس شبه ديني، من ثم العودة إلى المنزل، وهناك من يقيم الليل قبل صلاة الفجر، وهو ما يطرح سؤالا عريضا، من قرر بان جلسات الذكر والسماع هي كل ما يرغب فيه الناس بعد أن أدوا شعائرهم الدينية؟ ومن رسخ هذا المنطق حتى تشابهت علينا المقاطعات والمسارح والرؤساء، وهل هي تجارة جديدة لا يعلم تفاصيلها إلا من يريد توطيد حضورها..، نحن لسنا ضد هذه الجلسات، لكن لنعكس السؤال هل الفرجة والترفيه حرام أو عيب في هذا الشهر الفضيل؟ رمضان، كما يذكر الجميع، قبل طهور نظام المقاطعات كان ولادا، أجمل المسرحيات كانت تقدم فيه، وأجمل العروض الفنية، وكنت تجد الازدحام عند أبواب المسارح والفضاءات، حتى ما جد في عالم الفن والفرجة كان يعرض في هذا الشهر الفضيل، كما كانت تقام جلسات الشعر والزجل وتقام صالونات أدبية وصالونات فكرية وغيرها، وتجد دار الشباب مملوءة والفضاءات الثقافية كذلك..، المتتبع للشأن المحلي البيضاوي لن يفاجئه هذا التردي الثقافي، إذ يكفي أن نذكر بأن مجلس المدينة لحدود الآن لم يصغ أي برنامج عمل او خارطة طريق ينتهجها، الأنكى والأفضع هو ان اللجنة الثقافية التي تعد من اهم اللجن داخل مجلس المدينة لم تجتمع ولو مرة واحدة، وهو أمر خطير جدا يبين بأن المجلس الحالي لا استراتيجية له في هذا الباب، وهو ما يعني أن المدينة ستعيش على إيقاع البناء العشوائي الثقافي..