عربدة نظام

نوفل البعمري

عربدة نظام… هو التوصيف الذي يمكن أن نصف به التحركات الغريبة التي يقوم بها النظام الجزائري كلما ذُكر اسم المغرب أو ملكه أو قضية الصحراء في كل محفل، حتى لو تعلق الأمر بأكثر القضايا عدالة، التي تشهد إجماعاً عربياً حولها كالقضية الفلسطينية، التي يفترض ألا تكون موضوع اختلاف حولها وحول دعم نضالات شعبها وحقه في العودة وفي كل حقوقه التاريخية المشروعة المستندة إلى القرارات الأممية ذات الصلة، التي هي اليوم موضوع إجماع فلسطيني-فلسطيني وفلسطيني-عربي على رأسها حقه في بناء دولته على حدود 67 بعاصمتها القدس الشريف.
مناسبة هذا الحديث هو ما قام به النظام الجزائري من تحرك لا يمكن إلا أن يوصف «بالعربدة» في الاجتماع/القمة الوزارية التي انعقدت بعمان، والتي كانت مخصصة لدعم صمود الشعب الفلسطيني في هذا الشهر الفضيل، خاصة المقدسيين، ضد ما يتعرضون له من
تنكيل واعتداءات من لدن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المقدسية والفلسطينية عموماً، وهو الاجتماع الذي كان مخصصا لإبراز التضامن العربي الرسمي والشعبي لتخفيف الضغط عليه وإنهاء معاناته، لكن ممثل النظام الجزائري خرج في هذا الاجتماع بتصرف طفولي محاولا إقحام اسم «تبون» في البيان الختامي فقط لأنه أتى على ذكر المغرب وأشاد بالدور الذي يقوم به رئيس لجنة القدس الملك محمد السادس في دعم فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، هذا الدور الذي أصبح مناط إشادة ليس فقط عربية بل فلسطينية أيضا، ومن مختلف قواها الوطنية من حماس إلى حركة فتح، وأممية كذلك، يكفي فقط العودة للتحرك الأممي الأخير الذي ذكَّر بدور لجنة القدس التي يوفر لها المغرب كل الدعم المالي الذي يعتبر أكبر مساهم مالي في بيت مال القدس، وهو البيت الذي لا يحظى بأي دعم لا سياسي ولا مالي من النظام الجزائري، الذي يكتفي فقط بالمزايدة على المغرب وعلى فلسطين والقيام بتحركات فيها الكثير من العربدة و»الجذبة»، التي يتقنها العسكر الجزائري في كل المحافل الدولية، وهي عربدة تعكس الحالة النفسية التي يوجد عليها جنرالات شنقريحة الناتجة عن العزلة التي يعيشها إقليمياً، متوسطياً ودولياً منذ مدة تعززت بمواقفه الملتبسة من الحرب الروسية-الأوكرانية وتعززت بالتحولات التي يشهدها ملف الصحراء، خاصة بعد الموقفين الأخيرين لكل من ألمانيا وإسبانيا، لذلك لم يعد له غير مناوشة المغرب في كل القضايا الدولية التي يأتي فيها ذكر الإنجازات والمهام الكبرى التي يقوم بها سواء تعلق الأمر بالقضايا الدولية أوالعربية، آخرها ما حدث في الاجتماع الوزاري بعمان.
العرب اختاروا الإشادة بالدور الملكي في القضية الفلسطينية من خلال ترؤس جلالته للجنة القدس وبصفته كأمير للمؤمنين، وهي الصفة التي تعطي للعاهل المغربي كل المشروعية الدينية والرمزية للحديث باسم المقدسات الدينية الإسلامية والمسيحية الموجودة في القدس، والتي هي في حاجة للحماية والرعاية الحقيقية بنكران للذات، وليس بإصدار بلاغات إنشائية فيها الكثير من النواح وبالبروبغندا الإعلامية التي يقوم بها نظام شنقريحة وبعربدته في الملتقيات والاجتماعات الدولية والعربية، مثل ما حصل في الاجتماع الوزاري الأخير الذي اختار فيه هذا النظام شق الصف العربي وإضعاف الموقف الداعم للمقدسيين في هذه الظروف العصيبة، التي يمرون منها، وهي المحاولة التي انتهت بالفشل، خاصة وأن الوزراء العرب كان موقفهم واضحاً في تبني الأدوار البارزة التي يقوم بها رئيس لجنة القدس ووكالة بيت مال القدس، من خلال إعلانها عن دعم رئيس لجنة القدس الملك محمد السادس ووكالة بيت مال القدس، مما دفع بالنظام الجزائري إلى إظهار تحفظه على البيان في موقف غريب يخدم الاحتلال الإسرائيلي، وهو تحفظ جعل النظام الجزائري خارج الخريطة العربية، وبهذا الموقف يكون قد التحق أخيرا بإيران، حليفه الوحيد في المنطقة، مما جعل المغرب في قلب القضية الفلسطينية من خلال الأدوار الطلائعية التي يقوم بها رئيس لجنة القدس ووكالة بيت مال القدس.

الكاتب : نوفل البعمري - بتاريخ : 26/04/2022