فيلم «باب السماء مفتوح» لا يزال يفتح باب النقاش حول تموقع المرأة المغربية في المجتمع

كان لمحبي الفن السابع بشكل خاص والثقافة والفنون بشكل عام، موعد يوم الخميس 21 أبريل 2022 مع عرض لفيلم «باب السماء مفتوح» للمخرجة المغربية فريدة بليزيد، وذلك بإحدى قاعات المركب الثقافي الفرنسي بالدار البيضاء.
الفيلم ولو أنه من إنتاج سنة 1989، كان أرضية خصبة لمناقشة موضوع لا يزال أنيا، فكان مناسبة لطرح نقاش سبق عرض الفيلم.
اللقاء / النقاش الذي أدارته الإعلامية والفنانة جيهان بوكرين، نظم من طرف المركز الثقافي الفرنسي بشراكة مع المنصة السينمائية المغربية «أفلامين» AFLAMIN – ، وتمحور حول سؤال «إعادة تملك المرأة للمجال الروحي والديني، أ هو أمنية أم طريق حقيقي لتحرير المرأة؟»
ولتكتمل الصورة حول المحور، وتشمل الرؤية الجانب الفني التقني فضلا عن الجانب الديني الروحي، ارتأى المنظمون دعوة كل من:
وديع الشراد المخرج والصحفي والناقد في المجال السينمائي المزداد سنة 1982 في الدار البيضاء والحاصل على دبلوم في الاتصال السمعي البصري من  Com’supو ديبلوم تخصص فيديو وسينما من مدرسة الفنون بمدينتي لييج وبروكسل في بلجيكا، والذي أنتج العديد من الأفلام الوثائقية في المغرب، كما سبق وأن توج فيلمه “يون” الذي صوره بكوريا الجنوبية، بالجائزة الكبرى خلال المهرجان الوطني للفيلم الـ 21 في المغرب.
ثم أسماء المرابط الطبيبة المعروفة ب»عملها بشكل رئيسي على إعادة قراءة النصوص الدينية من منظور نسوي وأخلاقي وإصلاحي، واقتراحها نهجا أخلاقيا وروحيا للدين كبديل لأغلبية القراءة القانونية الحرفية الحالية، واهتمامها أيضا بالحوار بين الأديان مع علماء دين من الديانات التوحيدية في جميع أنحاء العالم، المتحدثة المشهورة عالميًا، التي تساهم في العديد من المؤتمرات بالإضافة إلى الدورات التدريبية حول هذا الموضوع في العديد من الجامعات في كل من المغرب والخارج».
وقد تخلل النقاش مجموعة من مقاطع من الفيلم لتدعم كل فكرة وكل فقرة فيه.
وللإشارة فالفيلم الذي أهدته مخرجته لروح إحدى الشخصيات النسائية التاريخية لمدينة فاس، وهي فاطمة الفهرية، يسلط الضوء على القيم الإنسانية وقيم التسامح في الإسلام التي يمكن أن تكون بالنسبة للمخرجة «بابًا إلى الجنة»، وانفتاحا روحيا، ويحكي عن قصة الفتاة نادية، التي عادت إلى المغرب بعد سنوات طويلة قضتها بعيدة عنه، حيث يموت والدها فتعيد تدريجيا اكتشاف الثقافة التي رفضتها، وتكون صداقة مع امرأة متدينة جدا تعرفها بعالم الصوفية.
ومن بين النقط التي ركز عليها المخرج وديع الشراد، فكرة أن المخرجة فريدة بليزيد في التسعينيات تحمل أفكارا عصرية، وتتميز بكونها تصور المرأة بدون إعطاء أحكام، بدون وضعها في قوالب جنسية أو إغرائية  ولم تعمل على تشييء المرأة أو إخضاعها لكليشيهات جاهزة، بحيث تكون امرأة خانعة  ومغلوب على أمرها، وكان بإمكانها أن تفعل ولكن موضوع فيلمها أرادته خارج هذا الإطار بل اكتفت في التصوير بالتركيز على كل شخصية كما هي، مع أن هناك مخرجين يجعلون بعض شخصياتهم تعبر بلسانها عما يحملون من أراء شخصية. وأضاف وديع الشراد بأن المخرجة في «باب السماء مفتوح»، صورت المرأة في كماليتها وما تحمله من تناقضات، أما من ناحية السيناريو فاعتبر أنها اختارت منذ بدأ الفيلم أن تبرز التوجه الذي سيأخذ فيلمها.
من ناحية أخرى، رأى وديع شراد بأنه رغم تواجد الرجال كشخصيات في القصة، إلا أن النساء هن اللواتي يأخذن الحيز المكاني الأوفر بتواجدهن في محيطهن، يتحركن داخله بطلاقة وحرية، ولكن بالرغم من هذا فالمخرجة لم ترغب أن يكون هناك اصطدام بين المرأة والرجل في قصتها ولم يكن هذا هو همها وكل هذا يبرز جليا في التقنيات الفنية التي استعملتها في الإخراج.
من جهتها أسماء المرابط صرحت بكون الفيلم أثر فيها كثيرا عندما شاهدته عند خروجه في القاعات في التسعينيات من الألفية الماضية، وبكت حينها، ولم يتغير الأمر حتى بعد أن أعادت رؤيته قبل أيام فكان نفس التأثر الذي أحست به سابقا، واعتبرت أسماء بأن الفيلم لا يهم فقط النساء اللواتي يعشن في أوربا بل أيضا يعنى بنساء تعشن داخل المغرب، فهن يعشن هذا المشكل الهوياتي وهذا التناقض ما بين التقاليد والمعاصرة
ومن بين ما سطرت عليه أسماء المرابط انطلاقا من الفيلم وإجابة على موضوع التيمة التي يناقشونها، هو كون الإشكالية التي لديها ليس في الإسلام على اختلاف مذاهبه.. فالإسلام على مر العصور عرف ظهور مذاهب مختلفة وهذا في حد ذاته يعتبر غنى. هناك الإسلام الصوفي والوهابي وإسلام المعتزلة و..و..، لكن المشكلة هو في محاولة فرض مذهب من المذاهب طريقته عنوة على مجتمع ما. واعترفت المرابط بأنها هي شخصيا تحس بنوستالجيا لطريقة الإسلام التي عرفتها وهي طفلة حيث كانت عفوية بدون الحكم على الأخر أو الوقوف على التدقيقات في العبادات على حساب ما يحمله القلب من خشوع، واسترسلت خلال النقاش وتدخلاتها، موضحة بأنه ربما ما ينقذ المغرب هو ذاك الإسلام الذي عرفته طفلة ويذكرها بوالديها، ذاك الإسلام العفوي الشعبي.
وللتذكير ففريدة بليزيد هي من أوائل المخرجات المغربيات، وتتميز في أفلامها بتصوير حياة جيل يعيش في مفترق الطرق بين التقاليد والحياة العصرية.
كما أنها منتجة وناقدة سينمائية ومن أهم السيناريست بالمغرب، من مواليد 10 مارس سنة 1948 بطنجة، وخريجة المعهد العالي للدراسات السينمائية بباريس. أخرجت أفلاما وثائقية، وأخرجت فيلم «باب السماء مفتوح»، و»كيد النساء» وكتبت عدة سيناريوهات لأفلام مثل «جرحة في الحائط» لجيلالي فرحاتي و»عرائس من قصب» لنفس المخرج، الذي تتحدث قصته عن وضعية المرأة بالمجتمعات الإسلامية المعاصرة. كما كتبت أفلاما في التسعينات


الكاتب :   سهام القرشاوي

  

بتاريخ : 02/05/2022