تجارة الدعم المدرسي

مودنان مروان(*)

مع اقتراب الامتحانات الإشهادية بالأسلاك التعليمية الثلاثة، تطفو على الساحة دعايات وإعلانات تروج لمؤسسات ومعاهد تقدم الدعم المدرسي في المستويات الإشهادية مع وعود وضمانات ومقارنات وإحصائيات وتحفيزات… الأمر الذي يجذب التلميذ، هذا التلميذ الذي يبحث عن أسهل طريقة للنجاح.
ويعمد هؤلاء الأشخاص الذين يمارسون هذه – الحرفة الموسمية- إلى جعل التلميذ وعاء، يحفظ دون فهم كل ما يقدم له، على اعتبار أن هذه الطريقة أعطت أكلها مع الأغلبية الساحقة من متعلمينا، كما أنهم يختصرون العديد من المكونات والكفايات المستعرضة، ويقدمون فقط ما قل ودل مستقين هذا التصور من الأطر المرجعية للامتحانات الإشهادية.
إن هذه المؤسسات، ونتيجة للدعاية التي قامت بها على مدى سنوات، أضعفت حافزية تلميذاتنا وتلاميذنا بأقسام المؤسسات العمومية والخاصة، لأنها صارت تقدم نفسها كالمنقذ من براثن الرسوب، والمصلح للأخطاء التي يقوم بها التعاليم بالفصول، إن لم نقل إنها تخَطئ كل ما يمارسه الطاقم التعليمي بالأقسام جملة وتفصيلا، بل لقد انتشر سلوك شبه عام بأن الحصة بالتعليم العمومي هي استراحة، بينما بمؤسسات الدعم -المؤدى عنه- هي حصة للجدية والحفظ والالتزام.
إن الظروف ببعض مؤسسات الدعم أسوأ بكثير مقارنة بالظروف التي يجدها المتعلمون بالأقسام، فالاكتظاظ تحصيل حاصل، وضغط الوقت الزمني…ثم إن الطاقم الذي يدرس أبناءنا بالتعليم العمومي هو الذي يشرف على وضع الامتحانات الإشهادية وتصحيحها، والملاحظ أن مجموعة من الأخطاء المنهجية التي يأخذها المتعلمون من مؤسسات الدعم والتي يعتبرونها حقيقة مطلقة، هي عبارة عن أخطاء فادحة أثناء التصحيح، أضف إلى ذلك تكرار المواضيع والعبارات نفسها مما يفقد الممتحنات والممتحنين طابع الخصوصية والتميز.
لابد أن نتفق على أن الامتحان الإشهادي لا يجب أن يكون نقطة حاسمة في مسار المتعلمين، مثله مثل الفرض المحروس، فلا يمكن اختصار مجهود سنة أو أسدس في ورقة واحدة، قد تؤثر على صاحبها في تلك اللحظة عوامل سوسيولوجية وسيكولوجية، كما يجب أن نتفق على ضرورة التجديد في البرامج والمناهج التعليمية بما يتناسب مع مستجدات الوضع.
لقد استطاعت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة خلال الشهرين الأخيرين تحفيز عملية الدعم بمجموعة من الأكاديميات والمديريات الإقليمية، وهذا أمر محمود انعكس أثره إيجابا على المتعلمين تزامنا مع الإضرابات التي قامت بها وتقوم بها تنسيقية الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، والتي أثرت على الزمن المدرسي، مما فتح المجال على مصراعيه أمام «تجارة الدعم المدرسي الخاصة»، والتي تحول أبناءنا إلى متلقين سلبيين، وتحول المحتوى المدرسي إلى بضاعة مزجاة، وتحول هذه المهنة إلى حرفة موسمية لمن يعرف استغلال الظرفية.

(*)أستاذ الثانوي التأهيلي.
عضو الاتحاد الدولي للغة العربية.

الكاتب : مودنان مروان(*) - بتاريخ : 05/05/2022

التعليقات مغلقة.