الفنان جواد الكوكبي: الأغنية الأمازيغية في منطقة سوس ماسة بشكل خاص تحتاج إلى التفاتة من طرف المعنيين بالأمر لتوفير الظروف المتطورة واللائقة للإرتقاء عالميا بالأغنية الأمازيغية

أثار مؤخرا جواد الكوكبي، الفنان المغربي المتخصص في الأغنية الأمازيغية، الإنتباه على شبكات التواصل الاجتماعي، من خلال طرحه لأغنية «تيمغارين» بمناسبة عيد المرأة، خاصة وأنه رافقها بكلمات موجهة للنساء تحمل رسائل الإحترام والتقدير، فضلا عن كونه اهتم بتوزيع الأغنية في مختلف منصات التواصل مما يعني وعيه بأهمية تسويق أعماله الفنية بشكل مكثف وبالآليات الجديدة، ولم يكتف جواد بحسه الفني ووعيه العملي في هذا المجال، بل قرر بمعية فريقه طرح أغنية أخرى جديدة :»تكوضي»، على قناته الخاصة باليوتوب التي تحمل اسمه، وجميع صفحاته على الإنترنيت، وذلك مباشرة بعد عيد الفطر.
ولكل هاته الأسباب تواصلت جريدة «الاتحاد الإشتراكي» بهذا الفنان الشاب المتوج في عدة تظاهرات والذي يخفي في دواخله مشروع حلم الرفع بالأغنية الأمازيغية، لتقديمه لقرائها ومعرفة أعماله الحالية والمستقبلية وبداية مساره، كما اغتنمت فرصة الحوار لإلقاء الضوء بإيجاز على الأغنية الأمازيغية التي يمثلها جواد الكوكبي، كما المشاكل التي يتخبط بها الفنان في منطقته…

 

 

 أولا وقبل البدء نود التعرف على الفنان جواد الكوكبي، بداياته واهتماماته

اسمي الكامل هو جواد الكوكبي، من مواليد دوار ايت لامين، أيت ورياض، جماعة أيت مزال، إقليم شتوكة وذلك في ال14 من شهرمارس 1990.
أما عن اهتماماتي الموسيقية الأولى، فيمكن أن أقول بأنني عشقت فن الروايس منذ نعومة أظافري بحيث اكتسبت منذ الصغر، وخلال دراستي الابتدائية، حسا موسيقيا مرهفا، الذي يتطلبها هذا النوع من الغناء، جعلني أشارك في الحفلات المدرسية وأجمع حولي العديد من الجمهور والمعجبين المحليين، بحيث أصبحت أشارك في حفلات فنية مختلفة، خارج المؤسسة أيضا.
في سنة 2007 أسست بمعية أخي محند الكوكبي مجموعة غنائية تحمل اسم «إيموسغن»، ،كنت أعزف أثناءها على مجموعة من الآلات الموسيقية الإيقاعية مثل: الطمطام والدف والناقوس..وشاركت مع أعضاء المجموعة منذ تأسيسها في عدة تظاهرات وسهرات بالمنطقة، منها حفلات خاصة وكذا أعياد وطنية منظمة من طرف الجماعة.
في سنة 2009، بدأت الغناء مع مجموعة من الفنانين الأمازيغ، وخاصة منهم «الروايس من أيت شتوكن»، أي المنتمين لمنطقة شتوكة. وبالموازاة أقدمت على عمل أغاني قلدت فيها المرحوم الرايس سعيد أشتوك لكي أتمكن من إتقانها، فضلا عن أغاني أمازيغية خالدة أخرى، لكن ما اعتبرته الانطلاقة الفنية الرسمية لي، كانت سنة 2012، خلال مسابقة اكتشاف الأصوات الغنائية المنظمة من طرف إذاعة راديو بلوس أكادير، إذ حالفني الحظ واستطعت الوصول إلى النهائيات الفوز بجائزة المسابقة.
من جهة أخرى فإن سنة 2018 تبقى هي الانطلاقة الفعلية، إذ فزت خلالها بالجائزة الوطنية لروايس الشباب، المنظمة من طرف وزارة الثقافة، في دورتها السادسة بمدينة «دشيرة الجهادية»، وتزامنا مع هاته الجائزة أصدرت عملا فنيا عبارة عن ألبوم يضم ست أغاني بمشاركة الفنانة السعدية تيحيحيحت.
من بين هاته الأغاني، هناك أغنية وطنية على شكل ديو رفقة الفنانة السعدية تيحيحيحت. وما ميز هذا العمل أنه كان ذا بعد وطني، تطرق بصفة عامة للقضية الوطنية وبشكل خاص لسكان مخيمات تيندوف.

 هذا ما يخص بداياتك الأولى، فماذا عن الأغنية التي طرحتها شهر مارس؟

العمل الفني الذي تم إصداره مؤخرا هو بعنوان «تيمغارين»، وتعني: «النساء». وأعتبره مميزا جمع ما بين جهود مجموعة من المهنيين، إذ قام بكتابة كلماته السيد أحمد هموش، أما التوزيع فللفنان رضوان على الله، ومن تلحيني.الأغنية سجلت في استوديو رضا الله بأكادير، كما تم تصوير هذا العمل على شكل فديو كليب بمؤسسة «البلاد» بمدينة تزنيت وقام بإخراجه الفنان حبيب سلام.
ويهدف هذا العمل بالأساس إلى إبراز دور المرأة في وضع لبنات الاسرة ومساهمتها الفعالة في تربية جيل يعتمد عليه في المستقبل، وهي رسالة أيضا موجهة للرجال.

بعد الأغنية التي طرحتها بمناسبة عيد المرأة، تلتها أغنية أخرى ..

بالفعل فبعد «تيمغارين»، هناك أعمال أخرى تم إنتاجها، ومنها مثلا عملي الجديد تحت عنوان «تكودي» الذي طرحته قبل أيام بمناسبة عيد الفطر.
أغنية «تكودي» و تعني الحزن باللغة العربية، هي أغنية رومانسية، وتتحدث عن الفراق بين الزوجين أو الحبيبين.
هذا العمل الفني هو الآخر من كلمات الأستاذ محمود هموش، وتوزيع رضوان على الله ومن تلحيني .

 وهل هناك مشاريع أخرى في الأفق؟

في ما يخص المستقبل إن شاء الله، هناك عمل جديد تحت عنوان «تناغيت» أو الهوية، وموضوعه يتمحور على العموم حول القضية الأمازيغية، ويتكون من ثلاثة محاور:
الثقافة، الهوية ثم المدرسة التي هي أساس الشقين سالفي الذكر. والعمل سيتم تصويره على شكل فيديو كليب وتم تسجيله فعلا، لكن لحد الساعة لم نتفق بعد على موعد طرحه، وربما سيكون ذلك خلال الصيف المقبل.

بما أننا نتحدث عن الأغنية الأمازيغية التي تمثلها، هلا عرفت قراءنا بإيجاز عن هذا الفن؟

في ما يخص الأغنية الأمازيغية، أولا سأعطي تعريف لفن الروايس، وهو الشكل الذي تتميز به منطقة سوس.أو إذا صح التعبير، أن الأغنية الأمازيغية تتلخص في هذا النمط الذي هو فن الروايس أو أمارغن الروايس» أو «التيرويسة»، وتعتبر من الفنون العريقة بمنطقة سوس، ومصطلح الرايس معناه، الفرقة أو المجموعة الموسيقية. ومن بين مقومات الرايس، ومن الشروط التي يجب أن تكون في الرايس:
أن يكون ماهرا في العزف وبالخصوص على آلة الرباب وعلى آلة الوتر. وأن يكون أيضا متمكنا من نظم الشعر وأيضا أن يؤدي الأغاني بشكل جيد، أي أن يكون له صوت شجي، عذب ليوصل قصيدته..
ويعتمد هذا الفن على 3 آلات موسيقية رئيسية وهي: آلة الرباب، وهي آلة وترية لها وتر واحد، مصنوع من شعر ذيل الفرس، ويتم العزف عليه بقوس مصنوع كذلك من الخشب وله وتر واحد مصنوع هو الأآر من ذيل شعر الفرس.
الآلة الثانية هي آلة «لوتار»، وتستعمل في الأطلس وفي الريف، والآلة الثالثة هي الناقوس، وهو عبارة عن قطعة حديدية تستعمل لضبط الإيقاع، ويتم العزف عليها بقطعتين حديديتين.
وهذا تعريف مختصر لفن الروايس أو الأغنية الأمازيغية التقليدية السوسية.
وهكذا ابتدأ فن الروايس، ففي البداية كان الروايس ينتقلون عبر القرى والمدن ويعتبرون هذا الفن أداة للتوعية.

 جواد الكوكبي فنان شاب يمثل فناني منطقته ويعرف المشاكل التي تعترض فنانيها فما هي يا ترى نوعية هاته المشاكل؟

في ما يخص المشاكل التي يتخبط فيها الفنان بهاته الجهة، هناك مسالة التواصل لأنه جد مهم. لكن هناك مشاكل أخرى عدة أعتبرها جد أساسية و ساحاول اختصارها في بعض النقط:
التكوين، فأنا أطالب الجهات المعنية سواء كانت وزارة الثقافة أو مندوبية الوزارة بأكادير، أو جمعيات المجتمع المدني التي تحمل على عاتقها مسؤولية الفن والثقافة بجهة سوس، أن تبادر بتنظيم دورات تكوينية للفنان لمواكبة التطور الحاصل في المجال الفني وعلى جميع المستويات، فالفنان مطالب أن يكون له تكوين ليعرف كيفية تسويق أعماله الفنية في السوق الإلكترونية وأعني بها (اليوتوب، الواتساب، منصات العرض المتواجدة حاليا بالأنترنيت..)، لأنه لم يعد هناك حاليا تلك السوق التقليدية، التي اعتدناها واعتمدناها سابقا بحيث يذهب الفنان عند شركة أو منتج ليتم إنتاج الأغنية ثم يتم تسويقها في نقط البيع، فهاته المسألة انعدمت نهائيا لأنها استبدلت بتكنولوجيا عصرية متطورة.
النقطة الثانية، هي التكوين في المجال الإداري، فهناك فنانون لا يعرفون حقوقهم وبالأخص ما يتعلق بالمكتب المغربي لحماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، وبالتالي وجب أن يكون هناك تكوين ليعرف الفنان كيفية إعداد ملفه للانخراط في هاته المؤسسة.
النقطة الثالثة، تتعلق بالإنتاج، هناك بعض المنتجين معدودين على رؤوس الأصابع، وهناك أشباه منتجين كنت شخصيا ضحية للنصب من طرفهم، يستغلون ظروف الفنان الإجتماعية لأجل مصالحهم الشخصية.
وهناك مسالة أخرى جد مهمة، وهي الدراسة، لأن الموسيقى هي علمية تخضع للضوابط وعدة قواعد، لذا يجب على أي فنان يرغب في دخول المجال، أن يمر على الأقل من تكوين معين وتأطير..، وهذه مسؤولية، كما أشير لذلك دائما، وزارة الثقافة والجهات المعنية، حيث عليهم أن يحاولوا توفير معاهد لتلقين دروس الموسيقى وبالأخص في ما يخص الأغنية الأمازيغية. أي أن يعطوا دروسا خاصة بالمقامات الأمازيغية والإيقاعات الأمازيغية، وهذا ما لا نجده حاليا متوفرا. هناك معهد واحد فقط بمدينة أكادير، ومن الصعب جدا أن يلتحق فنان مثلا من تارودانت أو تزنيت وأن يسافر لمسافة طويلة، ليدرس حصة تأخذ تقريبا ساعة ونصف من الوقت فقط.. إضافة إلى أن هاته القاعات يكون بها اكتظاظ. من جهة أخرى هناك مشكل اخر سبق وأشرت إليه، هو أن تلك الدروس التي تلقن في المعهد، هي دروس كلاسيكية، تخص فقط الأغنية العصرية العربية، وبالتالي فيجب توفير أساتذة أكثر للموسيقى، مكونين بالأخص في إيقاعات الأغنية الأمازيغية السوسية وفي المقامات الأمازيغية السوسية، بحيث نتمكن من أن نرتقي بأعمالنا الفنية لكي تصل إلى العالمية وتضاهي الموسيقات الأخرى في المراتب، سواء في المواقع والمنصات أو في القنوات الفضائية .. وهذا هو الأساس والحل: التكوين ثم التكوين.


الكاتب : أجرت الحوار: سهام القرشاوي

  

بتاريخ : 12/05/2022