الاجتماع السنوي 31 للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بمراكش: تحديات الرقمنة وسبل الانتقال

 

 

شكل موضوع « تحقيق المكاسب الرقمية: التحديات والفرص أمام القطاع الخاص» محورا لنقاشات المشاركين في الاجتماع السنوي ومنتدى الأعمال الواحد والثلاثين للبنك الأوربي لإعادة الإعمار والتنمية، الذي انطلقت ورشاته بمراكش، يوم الثلاثاء 10 ماي الجاري.
وأكدت كريستين نمارا مسيرة هذه الورشة في سياق تقديمها لأرضية النقاش أن السنوات الثلاث الأخيرة شهدت تطورا رقميا كبيرا اتسم بنقلات تكنولوجية مهمة وباتساع في الاعتماد اليومي على الرقمنة ليس فقط في ما يخص عالم الاقتصاد والمال وإنما في مختلف جوانب الحياة، لتتحول التكنولوجيا الرقمية إلى مستوى قناعة مشتركة على المستوى العالمي ومجالا للفعل وملاذا لتوفير شروط الانتقال المرجو على المستوى الاجتماعي والاقتصادي وحتى البيئي، لكن هذا الاعتماد على التكنولوجيا الرقمية ـ تلاحظ كريستين نمارا ـ يطرح في نفس الوقت عدة أسئلة تتعلق بالتحول الرقمي للمستقبل وما يرتبط به من قضايا تتعلق بالأمن السيبرنيتي وبالتوزيع العادل لفرص الرقمنة وما تتيحه من إمكانيات للتنمية.
ومن جهته اعتبر نيل كوهن، المتحدث الرئيس العالمي للأسواق والاستدامة بشبكة «شيافي» في تدخله خلال الورشة المذكورة، أن التقدم الذي تحقق في مجال التكنولوجيا الرقمية سهل عمليات التحويل المالي بدون وسيط بنكي على المستوى العالمي، وبقدر ما حقق ذلك من نتائج إيجابية، إلا أنه ترافق مع إنجاز أنشطة مجهولة الهوية بشكل يحمل خطرا كبيرا ويستدعي يقظة أكبر، وهو ما يدعو إلى مزيد من تكثيف التعاون بين الفاعلين الحكوميين وباقي الفاعلين في مجال التكنولوجيا الرقمية للتصدي لكل أشكال الأنشطة المشبوهة للحد من المخاطر الناتجة عنها، والتي تمس تبييض الأموال والاتجار غير المشروع وتمويل الجريمة والإرهاب.
وفي نفس السياق أكد خالد الجبالي، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لماستر كارد،في حديثه أمام المشاركين في الورشة المذكورة أن ما يشهده العالم ليس فقط تحولا في التكنولوجيا المتاحة وإنما في أنماط التفكير لدى الحكومات ومتخذي القرار وباقي الفاعلين، وذلك بغاية الاعتماد على الوسائل التي تمكن من الاستجابة السريعة لانتظارات السكان والأسواق، وأضاف أن الاقتصاد الرقمي سمح أيضا بإدماج أكبر للشباب في العملية الاقتصادية، وهو واقع ملحوظ من خلال عدد من الأنشطة المدرة للدخل التي تعتمد المجال الرقمي كحقل أساسي لها.
ولاحظ المشاركون في الورشة أن أزمة كورونا سمحت بتعميق الحضور الرقمي في أنسجة الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وفي أنسقة القرار، وفي نفس الوقت مكنت التكنولوجيا الرقمية من مواجهة الأزمة الصحية العالمية الناتجة عن تفشي فيروس كوفيد 19.
وفي سياق الدور الذي يضطلع به مصنعو ومطورو التكنولوجيا الرقمية سجل عيسى كونيستولا مدير التجارة والسياسة الصناعية وشؤون الحكومة الأوروبية (مايكروسوفت)، أن هناك مسؤولية جسيمة ملقاة عليهم في ما يخص رصد العمليات والأنشطة التي يحتمل أن تكتسي خطورة على الأمن الرقمي وتبليغ الحكومات بها، وأوضح في هذا الصدد أن روسيا شرعت في التحضير لهجومها العسكري على أوكرانيا قبل سنة بهجومات سيبرنيتية من خلال برامج خبيثة نفذتها مؤسسات روسية أو ممولة من قبل روسيا. مؤكدا أن التصدي لهذا النوع من الهجمات ينبغي أن يشكل أولوية قصوى للحكومات لتأمين المجال الرقمي وضمان استدامة فعاليته، وذلك لكون هذه الهجمات تستهدف الأنظمة الرقمية وتخلف خسائر ضخمة.
ولاحظت دينا مارتا، نائب رئيس وكبير مسؤولي التحول بالبنك الأوربي لإعادة الإعمار والتنمية، أن التكنولوجيا الرقمية لم تعد بين أيدي محدودة، وإنما صارت اليوم متاحة لعدد هائل من المستعملين على المستوى العالمي لأغراض متنوعة حسب احتياجات المستعملين، وهو أمر إيجابي يحمل في طياته نوعا من الدمقرطة في استغلال منافعها، لكنه في نفس الوقت يدفع بالاهتمام أكثر في اتجاه تعميق استفادة منصفة وإدماج الفئات التي مازالت محرومة منها إما بسبب ضعف البنيات أو بسبب التهميش الاجتماعي أو الفقر.
ومن المنتظر أن يعطى الانطلاق الرسمي لهذا الاجتماع السنوي للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية صباح أمس الأربعاء 11 ماي الجاري، بحضور رئيس الحكومة عزيز أخنوش وعدد من المسؤولين من مختلف الدول المشاركة. ويعقد الاجتماع تحت شعار «الاستجابة للتحديات في عالم مضطرب» ليمثل فرصة لمناقشة الحرب على أوكرانيا، فضلاً عن التحديات العالمية مثل دعم النمو الاقتصادي، ومكافحة تغير المناخ وتعزيز بيئة الأعمال في المناطق التي يستثمر فيها البنك. ويناقش منتدى الأعمال أيضًا الرقمنة والاستدامة والانتقال إلى الاقتصاد الأخضر، وحشد رأس المال الخاص، والمساواة والإدماج، بالإضافة إلى موضوعات أخرى، ويعد الاجتماع السنوي للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية حدثًا فريدًا يجمع بين ممثلي الحكومات ورجال الأعمال وواضعي السياسات والأكاديميين وقادة الرأي، بالإضافة إلى اجتماع مجلس المحافظين، ليتضمن جدولًا متنوعًا من الأحداث الموازية، مثل منتدى الأعمال (بما في ذلك جلسة حول توقعات الاستثمار في البلد المضيف)، وبرنامج لمنظمات المجتمع المدني واجتماع المانحين السنوي.


الكاتب : مكتب مراكش- عبد الصمد الكباص

  

بتاريخ : 12/05/2022