احتفلت المنظومة الدولية في 24 ماي باليوم العالمي للشكيزوفرينيا، وهو مرض نفساني تحوم حوله معتقدات وخرافات تعطل وتؤخر الولوج لعلاجات فعالة متوفرة اليوم.
ولرفع الضباب الكثيف حول مرض الشكيزوفرينيا صرح البروفسور عبد الرزاق وناس، رئيس الجمعية العلمية المغربية للأمراض النفسية، والتي تضم كل الاختصاصيين في الأمراض النفسية من القطاع الجامعي العمومي والخاص والعسكري،
أن مدينة مراكش احتضنت أيام 27 و 28 ماي المؤتمر الوطني للأمراض النفسية، والذي تمحور حول آخر المستجدات في علاج مرض الشكيزرفرينيا وتميزت هذه الدورة بالتكوين الطبي المستمر في الأمراض النفسية وتهدف إلى إعداد بروتوكولات موحدة لعلاج هذا المرض المعقد. هذه البروتوكولات العلاجية التي سيتبعها كل الأطباء المعالجين في كل أنحاء المغرب
وسيتم تعميمها بتعاون مع وزارة الصحة والتضامن الاجتماعي على كل المستشفيات والمستوصفات العمومية التي تتكفل بالمرضى النفسانيين، يوضح البروفسور عبد الرزاق وناس.
والهدف الثاني من بلورة بروتوكولات موحدة لعلاج الشكيزوفرينيا هو تمكين صناديق الاحتياط الاجتماعي من وثائق علمية مصادق عليها بالإجماع لتعويض مصاريف الدواء لمرضى الشكيزوفرينيا.
ويؤكد البروفسور عبد الرزاق وناس، نائب مدير المركز الاستشفائي الجامعي للأمراض النفسية الرازي بسلا، أن مرض الشكيزوفرينيا يعد مشكلا شائكا على المستوى الشخصي والعائلي والمجتمعي.
« الشكيزوفرينيا « أي بمعنى مرض انفصام الشخصية وهي أصل تسمية الفصام، «Schizophrenia» وهذا المصطلح مشتق من كلمتين «Schizo» ومعناها الانقسام»Phrenia «ومعناها العقل ،وعادة تكون إصابة الذكور مابين سن 15-25 عاماً ،وبين 25-35 لدى الإناث، ويقصد بهذا المرض ضعف الترابط الطبيعي المنطقي بالتفكير، ومن ثم السلوك والتصرفات والأحاسيس، فيمكن للشخص نفسه أن يتصرف ويتكلم ويتعامل مع الناس وبطريقة قد تبدو طبيعية تماماً في بعض الحالات، لكنه يقوم ببعض التصرفات الغريبة وكأنه شخص آخر في أحيان أخرى،لا يدرك أي شي يريد أو ماذا يريد بالتحديد.
كل هذا يكون بسبب الضلالات غير الطبيعية لهذا المريض وما يصاحبها من تهيؤات وأوهام يتهيأ له أنها تحدث أو تأمره بالقيام بأفعال غير منطقية، فقد يسمع أشياء أحياناً لا يسمعها غيره توحي له أحياناً بأن هناك من يقصد إيذائه، لذا يشعر بأن نظرات الناس وتصرفاتهم تهاجمه وتترصده بشراسة، فيصيبه الهلع والخوف
،وقد يبدأ هجومه أحياناً بالكذب بأشياء غير واقعية وغير موجودة أساساً، فيوهم الشخص المستمع إليه بأنها حقيقية، ولكن بعد برهة من الزمن تكتشف أن الحديث الذي ذكره لك ليس له أساس من الواقع، وأحياناً يشعر هذا المريض بأن لديه من القوة الجسمية والعقلية ما لا يكتسبها غيره، فكل هذه التهيؤات تجعل هذا المريض ينعزل تدريجياً عن المجتمع والحياة، وقد تبدو هذه الاضطرابات خطيرة جداً ويصعب علاجها …
إن الإنسان الذي يصبح غير قادر على التعامل مع مشاكل الحياة المعقدة والمؤلمة نفسياً، يلجأ للانسحاب الفكري من المجتمع الذي يعيش فيه، وهذا الانسحاب يكون من أعماق النفس، فأولى أعراض هذا المرض هو :- الشعور بالتوتر العضلي والعصبي وعدم القدرة على التركيز، وعدم القدرة على النوم بصورة طبيعية أحياناً، والانطواء والانعزال عن الآخرين والمجتمع بصورة عامة ،ثاني أعراضه هوالوهم والسراب في الأفكار، والتي لا تمت للواقع بصلة لا من قريب ولا من بعيد، فعلى سبيل المثال يتخيل هذا المريض بأنه شخصية عظيمة تتفوق على الآخرين، وقد تدخله هذه المرحلة إلى مرحلة أخرى وهي»Megalomania» جنون العظمة.
يعتبر المؤتمر الوطني للأمراض النفسية الذي انعقد أيام 27 و 28 ماي محطة علمية مصيرية لتغيير مفهوم مرض الشكيزوفرينيا سواء عند عائلات المرضى أو لدى الأطباء العامين والاختصاصيين وبالخصوص لدى المجتمع المغربي الذي لم يستوعب بعد أن مرض الشكيزوفرينيا هو حقا مرض معقد ويستوجب علاجه تظافر جهود عدة جهات، يؤكد بصوت عال البروفسور عبد الرزاق وناس.