انهيار بناية في طور التشييد بالدارالبيضاء يعيد طرح أسئلة المراقبة والمسؤولية
أدى انهيار بناية من أربع طوابق كانت في طور التشييد،مساء يوم السبت بأحد أحياء الدارالبيضاء، إلى تفشي حالة من القلق في أوساط المواطنين، بالنظر لخطورة الحادث الذي كان من الممكن أن يتسبب في خسائر بشرية لولا الألطاف الإلهية، إذ تمكّن العمال من مغادرة الورش قبل تداعي دعائمه وسقوطها أرضا، في الوقت الذي تفادى فيه المارة أيضا، الراجلين منهم وعلى مستوى مختلف المركبات، المرور من أمام البناية.
حادث أعاد مرة أخرى طرح أسئلة ترتبط بمدى التقيد بمضامين دفاتر التحملات، واستعمال مواد بناء بالمواصفات المطلوبة من عدمه، وهل يتم احترام أشواط البناء على المستوى الزمني، إلى جانب تتبع ومراقبة كافة مراحل ورش البناء إلى غاية تسلم شهادة السكن أو المطابقة، لا سيّما وأن الانتقادات الموجهة لعدد كبير من المقاولين، لا ترتبط بالضرورة بسقوط بناية، وإنما تشمل اكتشاف العديد من العيوب بعد اقتناء الشقق، من تصدعات وتسربات للمياه وإتلاف لخيوط الكهرباء، فضلا عن غياب عوازل صوتية، أو استعمال آجور بمستويات متدنية، مما يؤدي إلى تقاسم أسرار البيوت وانتقالها إلى الشقق المجاورة عبر الجدران الفاصلة، وهو الأمر الذي لا تعيشه شقق السكن الاجتماعي وإنما حتى تلك التي توصف بكونها شقق متوسطة أو عالية الجودة.
أسئلة طرحتها «الاتحاد الاشتراكي» على خبير في مجال التعمير، الذي أكّد أن مسؤولية مراقبة أوراش البناء وتتبع مراحلها تقع على عاتق أربعة متدخلين أساسيين، ويتعلق الأمر بالمقاول، والمهندس المعماري الذي يقوم بأعمال التنسيق ويسجل ملاحظاته لتبليغها لكل المتدخلين، ثم مكتب الدراسات ومكتب المراقبة، مبرزا أن دور المقاطعات والجماعات عموما، وخلافا لما كان عليه الوضع في السابق، أي قبل صدور القانون 12.66، بات يقتصر على التأكد من وجود الترخيص من عدمه والتأكد من طبيعة الوثائق المرخصة والتقنية داخل الورش، إلى جانب النظافة، وتوفر سائل السلامة لحماية العاملين وعلى مستوى محيط الورش تحديدا.
وأوضح المختص في مجال التعمير لـ «الاتحاد الاشتراكي» أن وقوع انهيارات على مستوى الورش، أي أثناء البناء أو في مرحلة لاحقة، يكون السبب فيه عادة، إما غش في مواد البناء المستعملة وعدم تخصيص الكميات المطلوبة والضرورية، كما هو الشأن بالنسبة للحديد نموذجا، أو أن بعض تلك المواد قد تكون قديمة، كما هو الحال بالنسبة للإسمنت، وهو ما يتم وصفه بكون هذه المادة «باردة»، أو أنه لا يتم احترام المدة الزمنية الضرورية عند تشييد «الضالة» من أجل نزع «الكوفراج»، إذ يتعين انتظار مدة 28 يوما قبل الإقدام على هذه الخطوة، وغيرها من الحالات الأخرى، مشددا على أن مسؤولية التتبع والتدقيق والوقوف على كافة تفاصيل مراحل ورش البناء ملقاة على عاتق مكتب الدراسات والمراقبة بتنسيق بين المقاول والمهندس المعماري، هذا الأخير الذي يدلي بشهادة انتهاء الورش في النهاية، يؤكد من خلالها احترام الترخيص والتصميم المعياري والتصميم الخاص بالإسمنت المسلح للحصول على شهادة السكن، التي تتيح للمقاول بيع الشقق والمحلات إن تواجدت للمواطنين، الراغبين في الحصول على شقة أو محلّ لمزاولة نشاط ما.