حديث الأرقام … الحكومة تضحي بالمغاربة حفاظا على أرباح شركات المحروقات

عماد عادل

45 مليار درهم هو مبلغ الأرباح الصافية التي جنتها شركات المحروقات في المغرب منذ تحرير القطاع (2016 – 2021)، الجزء الأكبر من هذا المبلغ تقاسمته 3 شركات كبرى ، طوطال وشيل بالاضافة إلى شركة رئيس الحكومة «أفريقيا CMDC» التي تستحوذ وحدها على 39 في المائة من سوق الوقود بالمغرب، والتي تتوفر على 6 محطات تخزين بطاقة إجمالية تفوق 980 ألف متر مكعب، معتمدة في بسط هيمنتها في السوق على شبكة توزيع عملاقة تضم 490 محطة بنزين. بالإضافة إلى أنها تضم في محفظتها أنشطة فرعية (بطاقات الائتمان والنقديات، سبيدي (Speedy)، رابيد أوطو (Rapid’auto) وازيس كافي، ميني إبراهيم…)
وعلى الرغم من أن هذه الشركة المملوكة للسيد رئيس الحكومة، غير مدرجة في البورصة (ما يعني أنها قانونا غير ملزمة بالكشف عن حقيقة نتائجها المالية للعموم) إلا أن أرباحها وتحويلاتها وأنشطتها المالية، لا يمكن أن تفلت من رادارات المراقبة التي تسهر عليها السلطات المالية للبلاد (وزارة المالية، وزارة الطاقة، الإدارة العامة للضرائب، مديرية الجمارك، مكتب الصرف..).
وإذا كانت الأرباح التي تجنيها شركة «أفريقيا CMDC» ، عصية على النشر، ومحفوظة بإحكام وسرية في سجلات وزارة الاقتصاد والمالية، فإن شقيقتها الصغرى «أفريقيا غاز»، المدرجة أسهمها في بورصة الدارالبيضاء، يمكن أن تعطينا فكرة مقربة عن حجم الأرباح الخيالية التي أصبحت تجنيها مجموعة «أكوا» القابضة وبناتها بفضل تحرير قطاع المحروقات، حيث تفيد آخر الأرقام التي حصلنا عليها من مستندات رسمية ، مؤشر عليها من طرف هيآت الرقابة المالية، أن رقم المعاملات الذي حققته «أفريقيا غاز» خلال عام واحد (2021) وصل إلى 7.154 مليار درهم عوض 5.565 مليار درهم المسجلة قبل عام، كما أن مبلغ الأرباح الصافية التي جنتها هذه الشركة التي تضم هي الأخرى ثلاث شركات فرعية (أفريقيا غاز، تيسير غاز و كامبينغ غاز) يصل إلى 546 مليون درهم خالية من الدهون !!
ولعل هذه الأرباح (المعلنة منها والخفية) التي تضاعفت عدة مرات منذ قرار حكومة بن كيران تحرير قطاع المحروقات في دجنبر 2015، تطرح في هذه الظرفية العسيرة التي يمر منها المغاربة بفعل لهيب أسعار المحروقات، علامات استفهام مشروعة : ما الذي يمنع الحكومة المغربية من فرض ضريبة استثنائية على أرباح شركات المحروقات، كما فعلت حكومات أوربية توصف بالرأسمالية وتنعت ليبراليتها بـ «المتوحشة» ، كحكومة ماريو دراغي الإيطالية التي قررت ضخ 30 مليار أورو في برنامج حكومي لدعم القدرة الشرائية للإيطاليين، ثلثا هذا المبلغ الضخم سيأتيان من ضريبة استثنائية نسبتها 25 في المائة على أرباح شركات المحروقات؟ وما الذي يختلف فيه المغرب عن بريطانيا التي قرر رئيس حكومتها بوريس جونسون، التي تواجه نفس مشاكل التضخم والركود الاقتصادي المرتبطة بفورة أسعار المحروقات وتفشي الغلاء، اتخاذ نفس التدابير التي اتخذتها نظيرتها الإيطالية، وعلى رأسها فرض ضريبة استثنائية على أرباح شركات المحروقات والشركات العاملة في مجال الطاقات الأحفورية بنسبة 25 في المائة. وهو ما سيدر على الخزينة البريطانية حوالي 5 ملايير جنيه إسترليني، أي ما يعادل ثلث الميزانية التي رصدتها الحكومة لمساعدة الأسر (حوالي 1400 أورو لكل أسرة) ولدعم المقاولات البريطانية حتى تتخطى أزمة تضخم الأسعار…؟ وأخيرا ما الذي يمنع هذه الحكومة ولو مرحليا، من تسقيف أرباح هذه الشركات التي اغتنت من جيوب المواطنين، إذا لم يكن شيئا آخر غير «تضارب المصالح»؟

الكاتب : عماد عادل - بتاريخ : 18/06/2022