دعا إلى إعادة النظر في القانون الأساسي لشركات التنمية المحلية، مجلس المنافسة: التدبير المفوض للنقل العمومي ملغوم بالمخاطر المالية المرتبطة باستغلال الخدمة

نسبة الحافلات المخصصة لكل 1000 نسمة، في المدن المغربية، لا تتعدى 0,25 %

 

دعا مجلس المنافسة في تحقيق أنجزه على شكل رأي حول مدى احترام قواعد المنافسة على مستوى التدبير المفوض للنقل العمومي الحضري والرابط بين المدن بواسطة الحافلات، إلى إعادة النظر في القانون الأساسي والإطار القانوني المنظم لشركات التنمية المحلية، بهدف إضفاء الطابع المهني عليها وإمدادها بالوسائل القانونية والمادية قصد الاضطلاع الأمثل بدورها في تقنين هذه السوق.
ونبه المجلس إلى أن النمو الديموغرافي والتوسع العمراني الذي شهده المغرب خلال السنوات الأخيرة أسفر عن تغييرات نجمت عنها صعوبات متزايدة في مجال التنقل، ارتبطت بعدم كفاية حافلات النقل العمومي الحضري. حيث تبلغ نسبة الحافلات المخصصة لكل 1000 نسمة، في المدن المغربية، 0,25 في المائة، بينما تناهز 1 في المائة في عدة حواضر عالمية كبرى، مما يفسر الارتفاع الحاد في معدل استخدام المركبات الناجم عن الاستعمال المكثف للعربات الخاصة. وبالتالي، بلغ العدد الإجمالي للعربات المسجلة في البلاد حوالي 4 ملايين عربة في 2019 ، بزيادة قاربت 70 في المائة في أقل من 10 سنوات.
وأوضح المجلس أن من إحدى السمات الرئيسية للتدبير المفوض في المخاطر المالية المرتبطة باستغلال الخدمة، والتي تنعكس على المقاولة وليس على الجماعة، إذ تتوصل المقاولة بمستحقاتها كليا أو جزئيا من طرف مستعملي المرفق. وهو ما لا يخلو من تداعيات على مستوى المشاركة المالية للجماعة، وبالتالي على تكلفة التدبير. غير أن الجماعة تحتفظ بحق مراقبة المرفق طالما أن الشركة المفوض لها ملزمة بتقديم تقرير عن تدبيرها. كما تحتفظ الجماعة بصلاحيات السلطة العمومية، وتتمتع بسلطة المراقبة، وعند الاقتضاء بتعديل عقد التدبير.
واعتبر المجلس أنه بالرغم من كون سوق التدبير المفوض للنقل العمومي الحضري والرابط بين المدن بواسطة الحافلات تتميز بنسبة عالية من التأطير، تخضع له هذه السوق، وتنظمها ترسانة متنوعة من النصوص القانونية. غير أنه اتضح أن هذا الإطار القانوني لم يكتمل بعد، مما دفع بالسلطات المفوضة إلى الاعتماد على أحكام تنظيمية ومؤطرة للصفقات العمومية قصد إطلاق طلبات عروض وانتقاء المتنافس الأنسب.
من جهة أخرى، كشف المجلس أن إحداث شركة للتنمية المحلية، غير خاضعة للمراقبة المباشرة من طرف السلطة المفوضة لتقنين قطاع النقل، لم يساعد على وضع حد لتعدد الفاعلين في هذا النمط من التقنين. على العكس من ذلك، أفضى هذا النموذج إلى تزايد حالات تباين المعلومات وتسبب في مشاكل متعلقة بالتنسيق والحكامة بين الفاعلين. كما شجع هؤلاء على التنصل من مسؤولياتهم، وترتبت عنه تكاليف سير ضاعفت عبء تكاليف الاستغلال.
وخلص التحقيق الذي قام به المجلس إلى أن السوق المذكورة تتسم بنسبة عالية من التركيز، حيث تستحوذ الشركتان الأوليتان ألزا وسيتي بيس على حصة تراكمية تراوحت ما بين 80 و 90 في المائة خلال الفترة الممتدة من 2018 إلى 2020 ، فيما تراوحت حصة كل شركة من الشركات المتبقية «Vectalia Maroc» و «Foughal bus» و «Lux Transport»( والشركات الأخرى( ما بين 0 و 6 في المائة.
وعزا مجلس المنافسة أسباب هذه النسبة المرتفعة إلى 3 عوامل رئيسية، أولها حواجز دخول عالية جدا، تفرض شروط تقنية ومالية لولوج السوق لا تحفز إلا شركات كبيرة الحجم، وتحول دون دخول فاعلين جدد. كما لا تشجع كليا على الابتكار والإبداع كمعايير للانتقاء؛ وثانيها عدد ضئيل من طلبات العروض متعلقة بعقود طويلة الأمد، وتبرم لمدة تتراوح ما بين 10 و15 سنة. ويجري تمديدها بشكل عام بواسطة ملحق عقد، يستفيد منه الفاعل صاحب عقد الاستغلال وأخيرا نسبة ضعيفة بشأن مشاركة الفاعلين في طلبات العروض بالحواضر الكبرى بسبب محدودية قدراتهم المالية والتقنية، فضلا عن تكلفة الاستجابة لهذه الطلبات والتي تفرض على الشركات متوسطة الحجم المشاركة في عدد محدود منها فقط، بسبب تكاليفها غير القابلة للاسترداد.
وعلى مستوى التمويل، كشف مجلس المنافسة أن وزارة الداخلية، في 2021 ، قامت بتخصيص غلاف مالي قدره مليار درهم من النفقات والمساعدات بهدف إصلاح قطاع النقل العمومي الحضري. وخصص منها 700 مليون درهم للمديرية العامة للجماعات الترابية، عبر الصندوق المشار إليه أعلاه، حيث تم صرفها على شكل منح من أجل إنجاز البنيات التحتية، وتعميم الدراسات المتعلقة بمخطط التنقات الحضرية، كما هو الشأن بالنسبة لمدن الدار البيضاء ومراكش و وجدة وأكادير وفاس والجديدة وطنجة وتطوان وبني مال والداخلة والخميسات، والتي تتوفر على هذا المخطط. وتعكف مدن سطات والقنيطرة وخريبكة والرباط حاليا على إنجاز مخططاتها، في ما تعمل مدينة الدار البيضاء على تحيين المخطط الخاص بها. وفي إطار هذه الدينامية، ستنجز مدينتا طنجة ومكناس قريبا الدراسات لبلورة مخطط مستدام للتنقلات الحضرية.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 15/07/2022