لماذا ذهبنا إلى الحسيمة؟
جواد شفيق
صبيحة يوم الجمعة 15 يوليوز 2022 ارتحل قائد الاتحاد الاشتراكي ذ. إدريس لشكر إلى الحسيمة، مرفوقا يقيادات وطنية وجهوية من مختلف تنظيمات الحزب، ونفر من برلمانيي الحزب بغرفتي البرلمان.
هذا الحج الاتحادي الجماعي إلى الحسيمة أملاه، لا شك في ذلك، واجب الدعم الميداني لمرشح الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في الانتخابات الجديدة الجارية بالدائرة الانتخابية التشريعية/ الحسيمة، المناضل عبد الحق أمغار «مسقط الأربعة»، بعدما سبق للكاتب الأول خلال أكثر من استقبال لأمغار ورفاقه، بعد قرار المحكمة الدستورية، ومعه كل التنظيمات والقطاعات الحزبية، أن أعلنوا دعمهم السياسي والإعلامي، المادي والمعنوي لاتحاديي الحسيمة في معركة استرجاع حق الحسيمة في تمثيلية تشريعية معقولة، عاكسة للحقيقة السياسية ترابيا ومجتمعيا.
لقد تضرر الاتحاد أيما ضرر خلال الاستحقاقين التشريعيين ل 2016 و2021، وتصرفت قيادته الوطنية ومرشحه ومناضلوه المحليون بكثير تعقل.
وخلال حراك الحسيمة، كان أمغار ورفاقه في قلب المطالب الاجتماعية والاقتصادية المشروعة، بل وشكلوا صمام أمان وطني خلق بعضا من التوازن المطلوب، وفي عز الحراك حظيت جماعة آيت يوسف وعلي، التي كان يرأسها آنذاك عبد الحق أمغار، بحصرية exclusivité احتضان اجتماعات رسمية ترأسها وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت ووالي الجهة، حينها، محمد العقوبي، وعندما رفض القضاء الدستوري طعون المرشح الاتحادي سنة 2016 ، لم يقم الاتحاديون مناحة ولا سيسوا الأمر.
والآن، هاهم الاتحاديون، بعد أن استنكفوا عن التعليق على قرار المحكمة الدستورية أو التسييس المجاني له، يهبون لتصحيح وضع، واسترجاع حق. على أن للحج الاتحادي هذا نحو الحسيمة جوانب وأسباب وأهداف أخرى، يبدو من اللازم بسطها وضعا للنقط على الحروف، ودرءا لأي تأويل منحرف.
– الحسيمة هي رقعة عزيزة من تراب الوطن، بناسها وجغرافيتها، ومائها وهوائها وبحرها وجبلها، وماضيها وحاضرها ومستقبلها، وآلامها وآمالها، ولا يستقيم أن يستكين المرء إلى خرافة كاذبة حاولت إما أن تجعلها حكرا على جهة، ومحرمة على جهات، أو عزلها عن امتدادها الوطني في كل ربوع الوطن وكل قلوب المواطنين.
والاتحاديون وهم يحجون إليها بهذه المناسبة وبغيرها من المناسبات، فهم إنما يمارسون واجبا وحقا في زيارة ووصل كل التراب الوطني دون تمييز ودون خوف ودون أي خلفية استثنائية.
– الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاتحاديون ليسوا غرباء عن الحسيمة، وعن الريف الكبير، فعلا وممارسة سياسية، وتمثيلا جماعيا وبرلمانيا، لقد كان هناك المهدي بنبركة، وتلاه القادة الاتحاديون من عبد الرحيم بوعبيد( الذي احتج وهو وزير على وقائع 1958 المؤلمة)، ثم زارها السي محمد اليازغي، والأستاذ إدريس لشكر في المؤتمر الإقليمي الأخير للاتحاد، وسبق لساكنتها أن وضعت ثقتها في المرحوم محمد شعيب، والأستاذ إسماعيل الهيلالي، والأخ عبد الحق أمغار، وها هو الاتحاد وإدريس لشكر يعودون إليها من باب أن لنا ذاكرة هناك، ولنا بصمات، وقد كنا سباقين لاستنبات تنظيمات حزبية، ومقرنا من أقدم المقرات، ولنا الآن حضور قوي في أكثر من جماعة ترابية، وعندما «انهزمنا» في الاستحقاق التشريعي الأخير، فقد كان ذلك ونحن بحوزتنا حوالي 14000 صوت نظيف …وبالتالي ، فنحن لسنا بالساقطين ولا الطارئين ولا المتحورين ونحن نزور الحسيمة .
– لا شك أن قرار المحكمة الدستورية( 19 ماي 2022) القاضي بالإلغاء الكلي لنتائج انتخابات 8 شتنبر 2021 التشريعية بدائرة الحسيمة (أربعة مقاعد)، وتنظيم انتخابات جديدة بها، هو قرار قانوني صرف انبنى على اقتناع المحكمة الدستورية بما قدمه دفاع المرشح الاتحادي من دفوعات وأدلة وقرائن، وهو يقدم طعنه القانوني
هل يجوز إسباغ طابع سياسي على قرار المحكمة الدستورية؟؟
بالتأكيد لا. أقله من زاوية نظر الاتحاد الاشتراكي الذي دافع دائما عن استقلال القضاء، وحرمة القضاء الدستوري …
ولكنه قرار قضائي، جاء ليفسح المجال لتصحيح وضع خريطة سياسية وتمثيلة برلمانية، لم ولا تعكس الحقيقة، بقدر ما كرست مخرجات غابت كليا عندما كان الحراك مستعرا، فيما كان الاتحاد الاشتراكي حاضرا، من خلال أمغار وإخوانه، ومن خلال منتخبيه المحليين ومن خلال إعلامه، حتى أن أحد بيانات الكتابة الإقليمية للاتحاد بالحسيمة أصبح وثيقة رسمية للمؤتمر الوطني العاشر للاتحاد باقتراح من الكاتب الأول ذ. ادريس لشكر وبإجماع من المؤتمر…
بهذا المعنى، فالحج الاتحادي إلى الحسيمة هو مساهمة في محاولة عودة الأمور إلى نصابها، من أجل خريطة وتمثيلية سياسية تعكس الحقيقة وليس غيرها مما جرب وفشل.
– وبنفس الوضوح المبدئي الذي تعاطى به الاتحاد مع المطالب الاجتماعية والاقتصادية المشروعة لساكنة الحسيمة، فإن السفر الاتحادي الجماعي نحوها اليوم هو فرصة للتنويه بالتتبع والإشراف الملكي الصارم على إنجاز ما كان قد تعطل من مشاريع الحسيمة منارة المتوسط ، آملين أن يستمر مسلسل التنمية والتجهيز ورفع التهميش وتقليص بؤر الهشاشة وإنتاج الثروة وخلق فرص الشغل .
– عادة ما لا تحظى الانتخابات الجزئية بكثير اهتمام وبكثير مشاركة، ولكن وحيث أننا أمام واقعة إلغاء كلي لأربعة مقاعد، وتنظيم انتخابات جديدة، ولأننا في الحسيمة، وبالنظر للجلبة التي أحدثها بعضهم بعد قرار المحكمة الدستورية، تسييسا وضغطا وابتزازا، وبعدما نأى الطاعن وقيادة الاتحاد عن أي تعليق أو تأويل، فقد كان طبيعيا بعدما عبأ الآخرون كل أسلحتهم وجاههم ومالهم وعتادهم، أن يعبئ الاتحاديون قيادتهم ورصيدهم وإعلامهم وتنظيماتهم لنصرة مرشح الاتحاد، ولهذا كانت الحسيمة وجهتهم.
– إن البرلماني هو ممثل للأمة، وسيكون من غير المنطقي ولا السياسي أن يستمر العمل بمنطق وزيعة بين بني عمار وبني ورياغل ونحن نتحدث عن المقاعد الأربعة المتبارى عليها بالدائرة الانتخابية التشريعية للحسيمة، لأننا بذلك سنستمر في اعتماد تقسيمات كولونيالية عفا عنها الزمن، وتكرس الفرقة عوض الوحدة… وحج قيادة الاتحاد ومناضليه إلى الحسيمة هو دعوة صريحة لاعتماد نظرة سياسية للانتخابات بعيدا عن أي نظرة عرقية أو قبلية.
– وآخرا، وليس أخيرا، فإن الذهاب الاتحادي الجماعي نحو الحسيمة، هو دعوة إلى القائمين والمشرفين على هذه العملية الانتخابية (الذين ينزههم الاتحاد عن كل انحياز أو تواطؤ كما يحاول بعضهم إيهام الرأي العام بذلك) إلى الوقوف على نفس المسافة من جميع المتنافسين والسهر على إعمال القانون وزجر الغشاشين والمدلسين و المتاجرين.
لكل هذا نحن ذهبنا إلى الحسيمة.
فالاتحاد اليوم ..كله أمغار ، إذ « لا يصح إلا الصحيح».
الكاتب : جواد شفيق - بتاريخ : 18/07/2022