الفريق الاشتراكي بالغرفة الثانية يدق ناقوس الخطر

 حيضر: رغم الأموال التي صرفت مازلنا بعيدين عن الاكتفاء الذاتي الغذائي
الموساوي: نحتاج لنظام صحي صامد وناجع لتجاوز الصعاب

 

 

أكدت مداخلة الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين في جلسة مناقشة تقرير المجموعة الموضوعاتية حول « الأمن الغذائي» على أهمية الأمن الغذائي للمملكة خاصة في ظل المتغيرات الدولية ونقص الغذاء نتيجة الحروب وغيرها، وقال عبد الإله حيضر، باسم الفريق الاشتراكي، في مناقشة تقرير المجموعة الموضوعاتية المؤقتة التي شكلها المجلس حول موضوع «الأمن الغذائي»، وهي الإشكالية التي أصبحت تؤرق العالم، بالنظر للتطورات المتسارعة للسياق الدولي الموسوم بالتزايد السكاني المستمر، وبالتحديات التي تفرضها التغيرات المناخية والتوترات السياسية والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والوبائية، والتي أدت إلى إحداث تغيرات هيكلية واستراتيجية في الأولويات العالمية في مقدمتها إشكالية الأمن الغذائي، والمغرب كباقي دول العالم يولي لموضوع الأمن الغذائي اهتماما بالغا، ووضعه ضمن أولوياته الاستراتيجية وجعله مشروعا وطنيا في صلب النموذج التنموي الجديد، وكشف عضو الفريق الاشتراكي أنه ومن هذا المنطلق يحظى الأمن الغذائي بالعناية المولوية لجلالة الملك من خلال توجيهاته السامية في كل مناسبة دولية أو وطنية تتعلق بموضوع الأمن الغذائي، كان آخرها خطابه السامي خلال افتتاح السنة التشريعية الحالية، والذي أكد فيه جلالته «على ضرورة إحداث منظومة وطنية متكاملة تتعلق بالمخزون الاستراتيجي للمواد الأساسية»، كما كان للسياسة الاستباقية لجلالة الملك الذي تنبه إلى المخاطر المرتبطة برهان الأمن الغذائي وتأثيره على الصعيدين الدولي والوطني فضلا كبيرا في تجنيب المغرب وضعا صعبا من الذي نعيشه الآن، حيث مكنت المغرب من وضع نهج متكامل يهدف إلى ضمان توفر المواد الغذائية، وتعزيز التنمية الفلاحية والقروية المستدامة، وإعطاء الأولوية لحماية الموارد الطبيعية والتكيف مع التغيرات المناخية بفضل استراتيجية المغرب الأخضر والاستراتيجية الجديدة الجيل الأخضر ، والتي تهدف بالأساس إلى استدامة الأنظمة الغذائية، إلى جانب الاستراتيجيات والمبادرات الملكية الأخرى، بما فيها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، واستراتيجية الصيد البحري، وبرنامج التمكين الاقتصادي للمرأة، وورش تعميم الحماية الاجتماعية.
وأبرز حيضر تفاعل المجلس وبشكل سريع مع هذه التوجيهات من خلال تشكيل لجنة موضوعاتية مؤقتة حول موضوع الأمن الغذائي، للوقوف عن قرب على الوضعية الغذائية لبلادنا من خلال تقديم التقرير الذي نحن بصدد مناقشته، والذي نعتبره فرصة لإغناء النقاش والحوار حول السياسات العمومية المرتبطة بالأمن الغذائي والتفاعل مع التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية، تماشيا مع الرؤية الاستراتيجية لجلالة الملك، وإبداء رأينا وملاحظاتنا التي لا شك أنها ستساهم في تطوير العمل البرلماني إلى جانب القطاعات المعنية لإيجاد حلول لمواجهة النقص الحاد في الإنتاج الغذائي، ومع ذلك وعلى الرغم من صرف أموال طائلة من طرف الحكومات المتعاقبة في إطار مخططات وبرامج بعينها، خصوصا في إطار دعم القطاع الفلاحي بهدف المحافظة على مستوى معين من الإنتاج المحلي من المواد الغذائية الأساسية، إلا أننا لم نصل بعد إلى تحقيق المبتغى وهو تحقيق الاكتفاء الذاتي والوصول إلى الأمن الغذائي، بحيث لا تزال بلادنا ترتهن لاستيراد المواد الأساسية وبشكل متزايد، كالحبوب واللحوم والأعلاف بأثمنة باهظة من الأسواق الدولية الأمر الذي يرهق المالية العامة، في الوقت الذي يقابل منتوج الفلاحين الصغار بأثمنة زهيدة، فهل كل هذه المجهودات ذهبت سدى مادام المغرب لايزال يعتمد على الخارج لإشباع حاجيات ساكنته من المواد الاستهلاكية الأساسية، ولم يف بالغرض المطلوب في ما يخص التخفيف من حدة الفقر وتعزيز الأمن الغذائي والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية العامة؟
واسترسل المستشار ذاته باسم الفريق الاشتراكي قائلا: إننا نؤكد أن مواجهة معضلات الفقر والهشاشة في بلادنا يتطلب إرادة حقيقية في تدبير الثروات الوطنية ونهج سياسات اجتماعية تعمل على تقليص الفوارق الاقتصادية والاجتماعية والمجالية بين فئات المجتمع المغربي، وتحقيق التوزيع العادل للثروات خاصة الثروة المائية التي أصبحت تدق ناقوس الخطر وتهدد التنمية ببلدنا، بالإضافة إلى الرفع من قدرة المواطنين على تلبية الاحتياجات الغذائية لجميع المواطنين في الحاضر والمستقبل، بأسعار مقبولة وجودة صحية آمنة، وخريطة إنتاجية ضامنة لاستدامة الموارد الطبيعية وتحقيق الاستقلالية عن مضاربات الأسواق العالمية ومراعاة المخاطر الطبيعية والأزمات الدولية، وتعزيز بنيات التخزين الاستراتيجي وحماية قطعان الماشية وصون البذور المحلية المغربية، وتعزيز الاستثمار الفلاحي وعصرنة العمليات الفلاحية بالعالم القروي في إطار الاستغلال الأمثل لكافة الإمكانيات المتاحة سواء كانت مادية أو طبيعية والاستفادة من المميزات النسبية للأراضي والثروات الحيوانية والزراعية والمياه، للحد من التفاوتات المجالية ووقف النزوح نحو المدن بحثا عن فرص العمل، لزيادة الإنتاج الوطني من المواد الغذائية والوصول إلى الاكتفاء الذاتي وتحقيق الأمن الغذائي الذي لا يتم إلا بتعزيز الإنتاج الوطني،
نؤكد في الأخير أنه لا يمكن الاعتماد على القطاع الفلاحي فقط لبلوغ الأهداف في مجال ضمان الأمن الغذائي وخلق فرص الشغل، فالأمن الغذائي ليس مسألة فلاحية فقط وإنما مسألة اقتصادية شاملة، لهذا تزداد مخاوفنا، فلا يمكننا أن نمنح الفلاحة دورا لا يمكن أن تقوم به لوحدها، كما لا يفوتنا التنبيه إلى ضرورة حماية وعقلنة تدبير الموارد المائية الذي يشكل الخطر الأكبر الذي يهدد بلادنا، وتعزيز التنمية القروية المندمجة والمستدامة.
وتدخل المستشار السالك الموساوي عن الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين أيضا في مناقشة تقرير اللجنة الموضوعاتية حول: « الأمن الصحي كمدخل لتعزيز مقومات السيادة الوطنية» وقال: «يشرفني باسم الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين أن أتدخل نيابة عن باقي أعضاء الفريق في مناقشة تقرير اللجنة الموضوعاتية حول: «الأمن الصحي كمدخل لتعزيز مقومات السيادة الوطنية». وأكد الموساوي أن هذا الموضوع الذي ارتأى مجلس المستشارين من خلاله أن يمارس إحدى أهم وظائفه الدستورية، في فتح نقاش شامل ومسؤول ضمن مجموعة عمل موضوعاتية مؤقتة منظمة بمقتضى فصول النظام الداخلي لمجلسنا الموقر، الهدف من هذه الآلية هو المساهمة في تجويد السياسات العمومية والرقي بها، خاصة إذا تعلق الأمر بقضايا تستأثر باهتمام وطني كبير كموضوع الصحة، وبالتالي فالانخراط الفعلي للبرلمان أصبح أمرا ضروريا للعمل من جانبه على إرساء دعائم نظام صحي قوي ونظام شامل للحماية الاجتماعية. وأوضح المستشار الاتحادي: « نحن كفريق نثمن المبادرات الملكية الخاصة بالمنظومة الصحية والمرتبطة بتنزيل ورش الحماية الاجتماعية، ومشروع قانون إطار المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية، وهي مبادرات تهدف إلى بلورة سياسة صحية وطنية جديدة لإعمال الحق في الولوج إلى الخدمات الصحية، وفق مقاربة حقوقية لحفظ كرامة المواطن المغربي في هذا المجال، وهذا في نظرنا لن يتحقق إلا بتفعيل مبدأ الحكامة الجيدة في تدبير هذا المرفق العمومي من خلال ربط المسؤولية بالمحاسبة.
وكشف أيضا «أننا في الفريق الإشتراكي، نعتبر معالجة إشكالات الأمن الصحي أحد المداخل الأساسية لسيادة الدولة المغربية على المستوى العالمي، وأنه آن الأون لتتحول هذه التقارير الموضوعاتية المعدة داخل مجلسنا الموقر، إلى مسودة قوانين ذات بعد استراتيجي لتقويم ما يمكن تقويمه وفق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة من جهة، والعمل على تعزيز السيادة الصحية المستدامة من جهة أخرى».
وأضاف الموساوي قائلا : «سوف لن نخوض في مناقشة تشخيص الوضعية الصحية ببلادنا، لأن التقرير قد سلط الضوء في باب تناوله لواقع الصحة الحالي، على المشاكل التي تحول دون تحقيق النجاعة المطلوبة في تدبير المنظومة الصحية ببلادنا، على الرغم مما عرفته المنظومة الصحية من استراتيجيات وخطط لحكومات متعاقبة دون إحداث أي إصلاح حقيقي داخل القطاع.
ورغم تحسن بعض المؤشرات الصحية ببلادنا، إلا أن جائحة كوفيد 19 أبانت عن هشاشة مهولة يعاني منها القطاع الصحي بشكل شمولي، سواء على مستوى النصوص القانونية والتنظيمية أو على مستوى التأطير الصحي والخدمات الصحية، مازالت تداعياتها ترهق الجميع، مما دعا جميع مكونات المجتمع المغربي إلى إيلاء عناية كبيرة للقطاع الصحي، وجعله ضمن سلم الأولويات كحق دستوري يلزم الدولة باتخاذ كافة التدابير لتأمين ممارسته بشكل كامل ومنصف ومسؤول عبر التراب الوطني.
إلا أن هذا الحق الدستوري، كان ومازال رهين معدي ومخططي السياسات ذات الصلة، أهمها استمرار غياب إلتقائية مختلف السياسات والبرامج والمشاريع العمومية والخاصة، التي من شأنها أن توحد الرؤية والإرادة السياسية نحو تنزيل منظومة صحية مواطنة، تضمن بالأساس الولوج الآمن للخدمات الصحية برمتها، بناء على مبدأ الإنصاف الذي سيكفل القدرة لجميع المغاربة على تحمل النفقات الصحية والاستفادة من جميع الخدمات ذات الصلة عبر جهات المملكة».
,اضاف المتحدث أنه «لا يخفى على أحد أن بلادنا اليوم تمر بمرحلة وبائية انتقالية، مرحلة أفرزت ظهور أمراض جديدة وفيروسات تنتج عنها فيروسات متحورة وقاتلة، وانتشار واسع للأمراض المزمنة، وعودة أمراض قديمة كنا نعتقد أنها آلت إلى الزوال، وكلها أمراض تتطلب مصاريف باهظة ومتواصلة للعلاج، وما نلاحظه كمواطنين أو كمتتبعين للشأن الصحي ببلادنا، أن نوعية الأمراض تغيرت وتفاقمت، ولكن سبل تدبيرها لم يطرأ عليها أي تغيير جذري، بحيث مازلنا نعتمد نفس المقاربة في تدبير مجموع الخدمات الصحية التي من المفروض أن تواكب التطور الطبي السريع والبحث العلمي الذي يشهده العالم، مع العمل أيضا على مراجعة السياسات الاجتماعية والصحية الخاصة بالمواطن المغربي.
وأوضح المتدخل أننا  «كفريق مقتنعون بأن تحقيق الأمن الصحي بنسبة كاملة ببلادنا اليوم، وفي ظل عولمة المبادلات والتغيرات المناخية والتكنولوجيات الحديثة أمر صعب، إذ يتطلب منا أولا بناء أنظمة صحية صامدة وناجعة وذات قدرة على التكيف مع مختلف الظروف، من يقظة واستعداد مسبق لكل السيناريوهات المحتملة لمواجهة أي أزمة صحية مهما بلغت خطورتها».


الكاتب : مكتب الرباط محمد الطالبي 

  

بتاريخ : 22/07/2022