اختتام أشغال قمة الأعمال الأمريكية الإفريقية 14 بالدعوة إلى ابتكار أكبر في وسائل التمويل لتطوير القطاعات الاستراتيجية بالقارة

اختتمت، يوم الجمعة 22 يوليوز الجاري، أشغال قمة الأعمال الأمريكية الإفريقية 14 التي احتضنتها مراكش على مدى ثلاثة أيام تحت شعار « لنبني معا المستقبل». وتميزت هذه القمة التي نظمت تحت الرعاية السامية لجلالة الملك بحضور وازن لتمثيلية حكومية من الولايات المتحدة الأمريكية تترأسها رئيسة مجلس الألفية وعدد من مسؤولي الشركات الأمريكية وصناديق التمويل ومسوؤلين حكوميين من إفريقيا ورجال أعمال ومدراء تنفيذيين للأبناك.
وأبرزت أشغال هذه القمة الفرص المتاحة لتمتين شراكة ثلاثية الأطراف بين الولايات المتحدة والمغرب، باعتباره البلد الوحيد بإفريقيا الذي تجمعه مع الولايات المتحدة اتفاقية للتبادل الحر، وبلدان إفريقيا لتعزيز النمو وتفعيل أوراش التنمية من أجل نهوض اقتصادي مستدام بإفريقيا.
وأجمعت تدخلات المشاركين في الحوارات رفيعة المستوى التي نظمت في إطار القمة أو في الجلسات العامة، على كون القارة الإفريقية تمثل خزانا لنمو الاقتصاد العالمي بحكم ما تزخر به من إمكانيات وقدرات سواء على المستوى البشري أو في ما يتعلق بالموارد الطبيعية. بل ذهبت بعضها إلى اعتبار القارة مستقبل الاقتصاد العالمي وصمام أمانه، ولاسيما بفضل قدراتها في مجالات الطاقات المتجددة وكذا أهميتها في الأمن الغذائي بحكم أن أزيد من 23 بالمائة من الأراضي الزراعية توجد فيها إضافة إلى السوق الكبير الذي تمثله بقيمة 3،3 تريليون دولار. وهي إمكانيات، كما بينت ذلك التحليلات التي قدمت في القمة، تحتاج إلى مزيد من الدعم والتمويل لتقوية الاستثمار فيها واستغلال مؤهلاتها.
وأبرزت أشغال القمة أن هناك حاجة ملحة لتغيير البراديغمات المعتمدة في التعرف على مزايا وقدرات القارة الإفريقية، واجتهاد أكبر في ابتكار وسائل تمويلية جديدة لمواكبة نموها وتفعيل فرص مساهمة إفريقيا في بناء الاقتصاد العالمي الذي يعبر أزمة حادة وصمتها انعكاسات جائحة كوفيد 19 وبعدها مباشرة أزمة الحرب في أوكرانيا وتداعياتها على سوق الطاقة والأمن الغذائي.
وأكدت أشغال قمة الأعمال الأمريكية الإفريقية على أهمية الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص في صنع مستقبل الاستثمار بالقارة بما يستدعيه ذلك من إصلاحات قانونية ومؤسساتية في البلدان الإفريقية لضمان مناخ مطمئن للأعمال يقوي ثقة المستثمرين. وشددت على أهمية توفير فرص التمويل للمقاولات الصغرى والمتوسطة التي تقوم بدور كبير سواء على مستوى الاستثمار أو التشغيل والنمو.
ومن المعطيات الهامة التي قدمت خلال القمة أن القارة الإفريقية تعاني من انعكاسات الفجوة الرقمية التي تبلغ قيمتها 100 مليار دولار. وهو ما يجعل من الضرورة القصوى الاستثمار في التكنولوجيا الرقمية كرافعة لتأهيل البنية التحتية بالقارة باعتبارها مدخلا لاندماج أكبر في الاقتصاد العالمي، وإطارا للإقلاع والنمو.
وسلطت القمة الضوء على أهمية مبادرة «ازدهار إفريقيا»، التي دعمت فيها الحكومة الأمريكية إبرام 800 صفقة تجارية واستثمارية عبر 45 دولة إفريقية بقيمة إجمالية تناهز 50 مليار دولار، شملت قطاعات الصحة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وكانت كمالا هاريس، نائبة الرئيس جو بادين، قد أعلنت في رسالة مرئية وجهتها للمشاركين في قمة الأعمال الأمريكية الإفريقية، عن احتضان واشنطن لقمة قادة الولايات المتحدة الأمريكية وإفريقيا من 13 إلى 15 دجنبر من السنة الجارية. مؤكدة أن هذه القمة المرتقبة ستظهر التزام أمريكا الدائم تجاه شركائها الأفارقة وستستند إلى مبادئ الاحترام المتبادل والمصالح والقيم المشتركة. وقالت في هذا الصدد «سيكون جزء مهم من هذه القمة هو تعزيز علاقاتنا الاقتصادية، وهو ما يقودني إلى أهمية هذا التجمع لقادة القطاعين العام والخاص في مراكش.»
وقالت أيضا « يمكننا من خلال العمل معا إطلاق العنان للنمو والفرص التي تتجاوز بكثير ما يمكن للقطاع العام أو الخاص تحقيقه بمفرده. وكما يعلم الجميع أن هناك العديد من الفرص للنمو الاقتصادي، في إفريقيا وبالطبع في الولايات المتحدة، عندما نتعاون جميعا ونقوم بالتنسيق. إن إفريقيا هي القارة الأسرع نموا في العالم. إن عدد سكان القارة بحلول سنة 2030 سيبلغ 1.7 مليار نسمة، وهي موطن لخمس سكان العالم. كما أن القارة قارة شابة ومتصلة وحضرية على نحو متزايد. وهناك طلب متزايد على الغذاء والرعاية الصحية وكذلك التعليم والتكنولوجيا والبنية التحتية.»
وأشارت إلى الحواجز التي مازالت قائمة في وجه هذه الرهانات، وهي محدودية الوصول إلى رأس المال وارتفاع تكلفة التمويل وكذلك الاختناقات القانونية والتنظيمية. مضيفة أنه على رأس هذه التحديات العالمية التي تظهر ملموسة على نحو حاد في إفريقيا، يوجد التعافي من جائحة كوفيد-19 وأزمة المناخ وانعدام الأمن الغذائي.
وأبرزت نائبة الرئيس الأمريكي الحاجة الملحة لزيادة إنتاج الغذاء والصادرات من إفريقيا وداخلها، وهو التحدي الذي تفاقم بسبب الحرب في أوكرانيا. موضحة أن الولايات المتحدة تعهدت منذ شهر أكتوبر الماضي، من أجل هذه الغاية، بتقديم أكثر من سبع مليارات من المساعدات الإنسانية والأمن الغذائي في جميع أنحاء إفريقيا.
ومعلوم أن الوفد الأمريكي الذي شارك في قمة مراكش برئاسة المديرة التنفيذية لشركة «ميلينيوم تشالنج» أليس أولبرايت، ضم مسؤولين ل 10 إدارات ووكالات حكومية أمريكية. كما شمل مجموعة من المستثمرين الذين يديرون على نحو جماعي أكثر من تريليون دولار من الأصول. وناقش الوفد مع الشركاء الأفارقة مجموعة من القضايا الهامة، في مقدمتها المبادرة العالمية الجديدة للبنية التحتية وجهود توسيع مبادرة الطاقة لإفريقيا (Power Africa)، وهي إحدى أكبر الشراكات بين القطاعين العام والخاص في العالم، التي يعتبر الطرف الأمريكي أنها ستزيد من الحصول على الكهرباء وتدعم انتقالا عادلا للطاقة.


الكاتب : مكتب مراكش: عبد الصمد الكباص

  

بتاريخ : 25/07/2022