أمين ناسور، المخرج والممثل والأستاذ بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي…

تدريس الفن كحرفة يحتاج إلى خبرات مهنية موازية للمعارف الأكاديمية

 

أمين ناسور، ممثل ومخرج مسرحي خريج المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط سنة 2007، قام بإخراج عدة مسرحيات مغربية نذكر منها مسرحية (النمس، نايضة، بضاض، شاطارا…)، والتي ذاع صيتها في مهرجانات مسرحية وطنية ودولية، وحازت على عدة جوائز. في هذا الحوار سيحدثنا أمين ناسور عن رأيه في تدريس الشعب الفنية بالجامعات المغربية.

 

n حسب تجربتك الشخصية، هل التكوين الذي تلقاه أمين ناسور داخل أسوار المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، كان كافيا ليجعل منه اليوم مخرجا وممثلا وأستاذا في نفس المعهد؟

pp حقيقة أن لكل مجتهد نصيبا، والأكيد أن التكوين الذي تلقيته في المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي هو اللبنة الأساسية لما أنا عليه اليوم، وكل المنطلقات بعده هي اجتهادات ذاتية، حسب الميول والموهبة والرغبة أيضا، فإذا كان الأساس تكوينا أكاديميا صلبا، فجل ما يأتي بعد ذلك يجد له أرضية متينة تساعدك على النجاح، والمعهد هو بمثابة الركيزة التي استندت عليها لكي أنطلق في مساري الإبداعي والفني.

n كونك أحد أستاذة الدفعة الأولى من خريجي الإجازة المهنية شعبة «الفنون والوسائط «بكلية اللغات والآداب والفنون، ما هو رأيك في إدراج تدريس الشعب الفنية (موسيقى، مسرح، سينما…) بالجامعات المغربية كتخصص مستقل، وفي المناهج المعتمدة أيضا، خاصة أن أغلب مدرسي هذه الشعب يفتقدون للتكوين في المجال الفني؟

pp ما يمكنني أن أقوله إن النهج الذي اتبعته الجامعات المغربية بخصوص دمج تدريس الفنون بها، هو مسار جد مهم، كونه يتيح فرصا أكبر وأكثر لمجموعة من المواهب والشباب الذين يمتلكون مؤهلات فنية وإبداعية، وبهذا انفتحت الجامعة المغربية على تخصصات مهنية جديدة، ولم تبق حبيسة التخصصات الكلاسيكية المعروفة بغاية تسهيل عملية اندماج خريجي هذا النوع من الشعب مع محيطهم الاقتصادي.
لكنها خطوة يلزمها مجموعة من الإجراءات والقوانين المؤطرة وأيضا الكثير من الجرأة، باعتبار تدريس الفن كحرفة، يحتاج إلى خبرات مهنية بالموازاة مع الخبرات الأكاديمية، وذلك من أجل تدريس القواعد المهنية للفن وأسسها العلمية، لكن، وللأسف جل من له خبرة مهنية ميدانية في المجال الفني، نجده لا يتوفر على شهادة عليا تخول له التدريس في الجامعة. وهذا الأمر يخلق فجوة من الصعب تجاوزها، لأن الاعتماد على هذه الكفاءات ضروري ومهم لكي يكتسب الطالب مجموعة من المهارات والآليات التي تسمح له بالممارسة المهنية الرصينة لإحدى المهن الفنية.
ومن منطلق تجربتي كمدرس بالإجازة المهنية» للفنون والوسائط» واجهتني عدة صعوبات من بينها مسألة أداء التعويضات للأساتذة الفن والخبرات التي تأتي بها الشعبة من خارج الكلية، وبالتالي يخلق إشكالا عويصا يعرقل استمرارية المواد التطبيقية، وهذا أمر متجاوز في دول عربية أخرى التي وجدت له حلولا تنطلق من واقعية الممارسة الفنية المهنية، في المقابل نجد تدريس الفن في المغرب لا يزال بعيدا عن مساره الأصلي، في ظل غياب تصور واضح وجاد في دمج الخبرات المهنية للفن داخل الجامعة المغربية لا يمكننا الحديث عن شعب فنية جامعية.

n هل في نظرك، حصر تدريس الشعب المهنية الفنية كالمسرح مثلا في بعدها النظري داخل الجامعات، بمقدوره أن ينتج لنا فنانين وفاعلين في الشأن الثقافي، وحسب مقارنتك الذاتية هل مستوى الجدية والموهبة متفاوت بين طلبة الفن المسرحي والدرامي في الجامعة وطلبة المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي؟

pp من منطلق تكويني الفني، وحسب وجهة نظري، التكوين الأكاديمي للطالب في المجال الفني يحتاج إلى توازن، وأعني هنا، التوازن بين الشق النظري والشق التطبيقي على مستوى غلاف الساعات المعتمد لابد من تغليب الطابع التطبيقي المهني، لأننا بصدد تدريس مهنة تتطلب الخبرة والمهارة وأيضا التجرية، ومقارنة بالمعهد العالي للفن المسرحي مثلا نجد 70 في المائة من المواد المقرر تدريسها في الفصول الدراسية هي مواد تطبيقية، وهذا لا يعني أنها لا تتوفر على شق نظري لكن بطابع تطبيقي مما يخلق توازن.
للأسف الشديد مازالت بعض الشعب التي أحدثت من أجل تدريس الفنون في الجامعات تعاني صعوبات جمة قانونية وإجرائية…، حيث تجد المشرفون عليها والأساتذة يكافحون من أجل دمج بعض المواد التطبيقية في المسالك التي يشرفون عليها، لكنها غاية ليس بالسهل إدراكها لأن نجاحها مرتبطة ليس بشعبة في حد ذاتها بل بالنظام الجامعي الذي لم يستوعب بعد طبيعة عمل الشعب المهنية خصوصا الفنية.


الكاتب : حاورته: كريمة كربيطو

  

بتاريخ : 30/07/2022