بعد الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى 20 غشت الأخيرة … ضرورة وضع آليات جديدة لمواكبة الرياضيين المغاربة في المهجر

تضاعف عدد مغاربة في العالم خلال السنوات العشر الأخيرة، إذ ارتفع من 1.7 مليون فرد سنة 1998 إلى حوالي 5 مليون في سنة 2022، أي ما يعادل 13 % من سكان المغرب، ومجمل الجالية المغربية المهاجرة هي جالية شابة لا يتجاوز عمر أفرادها حوالي 70 % 45 سنة.
وتفيد بعض التقارير أن هذا الجيل الشاب المقيم في الخارج يرتبط بشكل كبير بعالم الرياضة. ويرتفع عدد الرياضيين المغاربة المقيمين في المهجر جيل بعد جيل خاصة بعد التطور الكبير الذي أضحت تشهده الرياضة وما بدأت تشكله من تأثير في جلب اهتمام الشباب.
وبارتفاع عددهم، تزداد الحاجة إلى ضرورة معالجة مشاكلهم وخاصة إشكالية ازدواجية الهوية وكذا الحاجة في نفس الوقت إلى خلق آليات لتوطيد ارتباطهم بالوطن.
في هذا السياق، لم يعد الحديث عن الرياضي المحلي أو الرياضي المقيم في الخارج، أو من له الأحقية في حمل القميص الوطني وتمثيل المغرب في المحافل القارية والدولية، يحمل ذلك الصخب الذي كان يحمله الموضوع كلما طرحت المقارنة بين الطرفين في إعداد لوائح رياضيينا وتحضيرهم للبطولات العالمية،في مختلف الأنواع الرياضية، بل أصبحت الضرورة اليوم تقتضي الاعتماد على معايير الكفاءة والجاهزية والاستعداد التام بدنيا،فنيا وذهنيا لحمل القميص الوطني،لا فرق في ذلك بين اللاعب المحلي واللاعب المقيم في المهجر.
على هذا المستوى،للمغرب شباب بأعداد كبيرة جدا يعيش في المهجر،يزاول الرياضة في مستوياتها العالية،ومنهم نجوم برهنت على علو كعبها وصارت بالتالي مرغوب فيها لحمل قميص البلد الذي تقيم فيه في المهجر،فماذا أعددنا لهؤلاء الرياضيين حتى نجنبهم صعوبة الاختيار بين هويتهم المغربية وبين الاستجابة لطلب البلاد التي يعيشون فيها في المهجر؟
هنا،لابد أن نستحضر ما تضمنه الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى 20 غشت الأخيرة، حين أكد جلالة الملك محمد السادس: «ويشكل مغاربة العالم حالة خاصة في هذا المجال، نظرا لارتباطهم القوي بالوطن، وتعلقهم بمقدساته، وحرصهم على خدمة مصالحه العليا، رغم المشاكل والصعوبات التي تواجههم….ذلك أن قوة الروابط الانسانية، والاعتزاز بالانتماء للمغرب، لايقتصر فقط على الجيل الأول من المهاجرين؛ وإنما يتوارثه جيل عن جيل، ليصل إلى الجيلين الثالث والرابع…ولكن في المقابل، لابد أن نتساءل باستمرار : ماذا وفرنا لهم لتوطيد هذا الارتباط بالوطن؟ وهل الإطار التشريعي، والسياسات العمومية، تأخذ بعين الاعتبار خصوصياتهم؟ وهل المساطر الإدارية تتناسب مع ظروفهم؟ وهل وفرنا لهم التأطير الديني والتربوي اللازم؟ وهل خصصنا لهم المواكبة اللازمة، والظروف المناسبة»
هكذا، وبالنظر إلى كون الرياضة جزء لا يتجزأ من كل المجالات التي تنشط في جاليتنا المغربية في المهجر، كان لابد أن تحظى بالاهتمام اللازم، وأن نمكنها من كل فرص الإشراك في مسار التنمية، لأن المغرب وكما قال جلالة الملك في خطابه الأخير يحتاج إلى كل أبناءه: « أما في ما يتعلق بإشراك الجالية في مسار التنمية، والذي يحظى بكامل اهتمامنا، فإن المغرب يحتاج اليوم، لكل أبنائه، ولكل الكفاءات والخبرات المقيمة بالخارج، سواء بالعمل والاستقرار بالمغرب، أو عبر مختلف أنواع الشراكة، والمساهمة انطلاقا من بلدان الإقامة.فالجالية المغربية بالخارج، معروفة بتوفرها على كفاءات عالمية، في مختلف المجالات، العلمية والاقتصادية والسياسية، والثقافية والرياضية وغيرها. وهذا مبعث فخر للمغرب والمغاربة جميعا.وقد حان الوقت لتمكينها، من المواكبة الضرورية، والظروف والإمكانات، لتعطي أفضل ما لديها، لصالح البلاد وتنميتها..»
من هذا المنطلق، أضحى من الضروري العمل على إحداث آلية خاصة بالرياضيين المغاربة المقيمين في المهجر، مهمتها مواكبة كفاءاتهم ومواهبهم، ودعمهم ومساندتهم.


الكاتب : عزيز بلبودالي

  

بتاريخ : 03/09/2022