كلفة تمدرس طفل واحد في قطاع التعليم الخصوصي لا تقل عن 7726 درهما
على الرغم من مرور أزيد من 3 سنوات على انعقادها، مازالت العديد من توصيات والتزامات المناظرة الوطنية الثالثة للجبايات حبرا على ورق، ولعل أهم هذه التوصيات التي غابت عن قوانين المالية لسنوات 2020، 2021 و 2022، «مراجعة الضريبة على الدخل لتخفيف العبء الضريبي عن الأسر ودعم قدرتها الشرائية من خلال الأخذ بعين الاعتبار التكاليف التي تتحملها الأسر والتي تشمل المصاريف المرتبطة بالتمدرس في أفق اعتماد نظام ضريبي يشمل جميع دخول الأسرة (foyer fiscal ) .
ويرجع مطلب احتساب مصاريف التمدرس في الضريبة على الدخل، إلى المناظرة الثانية للجبايات لسنة 2013، وتكرر نفس المطلب في توصيات المناظرة الثالثة سنة 2019 ، وهو نفس المطلب الذي يطرح اليوم من جديد بمناسبة وضع حكومة أخنوش لآخر اللمسات على مشروع القانون المالي لسنة 2023، والذي من المتوقع مرة أخرى أن يتضمن بعض «الروتوشات الخفيفة» في مجال إصلاح الضريبة على الدخل، والتي لا تنفذ إلى العمق ولا تقيم وزنا للمطالب الملحة للخفيف عن الطبقة الوسطى..
وإذا كان فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، قد ألمح مؤخرا خلال يوم دراسي مشترك بين لجنة المالية والتنمية الاقتصادية لمجلس النواب ولجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية لمجلس المستشارين، إلى عزم الحكومة على “تخفيض عبء الضريبة على الدخل بالنسبة للأجراء ذوي الدخول الدنيا والمتوسطة، وللمتقاعدين ذوي المعاشات الدنيا والمتوسطة”. فإن هذا الإصلاح المزعوم لن يتعدى «إدخال تعديل على القواعد المعتمدة في تحديد مبلغ صافي الدخل المفروضة عليه الضريبة” عبر إعادة النظر في نسبة المصاريف المرتبطة بالوظيفة القابلة للخصم المحددة حاليا في %20 دون تجاوز سقف ثلاثين ألف درهم؛ والرفع من حد شريحة الدخل المعفاة من الضريبة المحددة حاليا في 30.000 درهم، مع مراجعة الحد الأدنى والأعلى لشرائح جدول الضريبة فضلا عن تخفيض الأسعار المطبقة على بعض الشرائح». وهو إجراء بعيد كل البعد عن الإصلاح الشمولي الذي دعت إليه التوصيات الخاصة بدعم الطبقة الوسطى الواردة في مختلف المناظرات الوطنية للجبايات، كما يبقى بعيدا عن توصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي نبه في دراسة هامة له إلى أن التكاليف المالية المخصصة للتعليم تؤثر بشكل كبير على دخل أسر الطبقة المتوسطة، لأنها تقتطع مباشرة جزءا من الموارد التي كان بالإمكان توجيهها نحو الاستهلاك، وبالتالي تحقيق رفاهها الاقتصادي.
وكان المجلس الاقتصادي أوصى بتعزيز القدرة الشرائية للطبقة الوسطى من خلال «سن ضريبة للأسرة تكون ملائمة أكثر وتأخذ بعين الاعتبار نفقات التكفل العائلي، مع تعزيزها بتعويضات عائلية أكثر مواكبة للواقع الاجتماعي والاقتصادي للأسر، بما في ذلك نفقات تعليم الأبناء.»
وتفيد بيانات حديثة أوردتها المندوبية السامية للتخطيط أن الحد الأدنى لكلفة تمدرس طفل واحد في قطاع التعليم الخصوصي لا تقل عن 7726 درهما مؤكدة أن نفقات التمدرس تضاعفت أكثر من ثلاث مرات ما بين 2001 و2019، حيث انتقل المعدل من 1227 درهما إلى 4356 درهما سنة 2019. وتؤكد المندوبية أن هذا التحليل تم بناء على المعطيات الواردة في البحث الوطني حول مصادر الدخل.
وبينما تشير المذكرة التأطيرية التي وجهها رئيس الحكومة الى القطاعات الوزارية، والمتضمنة لأولويات مشروع قانون المالية 2023 وتوجهاته الرئيسية، إلى 11 نقطة أولوية لترسيخ «ركائز الدولة الاجتماعية» ، فإن أي واحدة من هذه النقط لم تعر أدنى اهتمام لأوضاع الطبقة المتوسطة التي تفاقمت قدرتها الشرائية خلال السنوات الأخيرة وزادت حدة مع الفورة غير المسبوقة التي تشهدها حاليا جميع تكاليف المعيشة، وعندما تصر الحكومة على تجاهل الطبقة المتوسطة في مشروع قانونها المالي لعام 2023، فإنها بذلك تتجاهل نص الخطاب الملكي (بمناسبة ثورة الملك والشعب 2019) الذي أكد على أهمية الطبقة الوسطى في المجتمع، ، حيث دعا جلالة الملك إلى «العمل على صيانة مقومات الطبقة الوسطى وتوفير الظروف الملائمة، لتقويتها وتوسيع قاعدتها، وفتح آفاق الترقي منها وإليها».