صدر شهرغشت الماضي للفنان الأمازيغي جواد الكوكبي عملا فنيا جديدا تحت عنوان «تاماغيت» ، TAMAGUIT
وفي هذا الإطار اتصلت الجريدة بالفنان الشاب لطرح بعض الأسئلة حول جديده الفني وحول ظروف العمل كما حول الأغنية الأمازيغية السوسية التي يمثلها، وصرح هذا الأخيرلمنبرنا بأن أغنيته الجديدة «تاماغيت» وتعني «الهوية» ، تتطرق لموضوع يعتبره الكوكبي ذو بعد وطني، وأنجزها ثلة من الفنانين الوازنين والغيورين على الفن من بينهم عزيز أوزوس الذي قام بالتوزيع الموسيقي و التسجيل بالأوستوديو الذي يملكه، و كذلك الشاعر المتميز «لحسن كوغلت» الذي كتب كلماتها، فيما لحنها بنفسه. بالنسبة لموضوع الهوية اعتبرها رسالة للمهتمين بالشأن الثقافي بالمغرب والهدف منها ترسيخ الهوية الأمازيغية في نفوس الناشئة في المدارس لأنهم هم من سيحملون المشعل بعد سنوات، انطلاقا من كون الأمازيغية عنصرا من عناصر الهوية المغربية التي وجب منحها المكانة التي تستحقها.
و حول سؤالنا حول الافكار التي تم توظيفها في تصوير الفيديو المرافق للاغنية، وحول المدة الزمنية التي استغرقتها، أجاب الكوكبي بأن العمل استغرق سنة كاملة تقريبا، مشيرا لكونه يدين لمجموعة من الاصدقاء والمهنيين، بنجاح العمل الفني ولكونهم تقاسموا معه إمكانياتهم ومهاراتهم الفنية والثقافية التي عملت على إعطاء المنتوج الفني الجديد نكهة وشكلا ناجحين، منهم من عمل في التصميم خلال الفيديو الذي تم طرحه ومنهم من تكلف بالترجمة التي كانت للغتين الإنجليزية والعربية والتي قام بها على التوالي كل من رضوان بوراس و خالد أوبلا ثم محمد أواسي…. . وأضاف بان النجاح نتاج، أيضا، العمل التقني الفني الذي اعتمده الفنان أوحمو رشيد، إذ هو متخصص في مجال التصاميم على شكل رسوم متحركة ، موضحا بأن الكليب يعكس صورته داخل كهف محاولا نقش حروف «تافيناغ» ، وهي صورة لها معنى يكمن في كون الثقافة الأمازيغية لها جذور عريقة، وبالتالي فتفاديا للنمطية و لتقديم موضوع له أهميته في الثقافة الأمازيغية في قالب مغاير فكروا، كفريق، في طريقة تصوير بلمسة إبداعية.
من جهة أخرى، استرسل جواد، تم توظيف ثلاثة أنواع من الإيقاعات : فن أحواش وفن الروايس الذي يتجلى في آلة الرباب و آلة الطمطام في الإيقاع وكذلك موسيقى البوب المنتسب للأغنية الشعبية الأمريكية، وهذا المزج ما بين الثلاثة أنماط الموسيقية، هو الذي جعل هذا العمل الفني يتميز بليونة خاصة، ويكون له نوعا من النكهة المميزة، فضلا عن التوزيع الموسيقي .
كل هذا لكونه فنان،على حد قوله، يحب الإتقان ويختار كل شيء بعناية مع فريق عمله، من كلمات ولحن وتوزيع وتصوير و أداء، رغبة منه أن تكون النتيجة الأخيرة مكتملة، واضاف جواد الكوكبي بأن هاته الثلاثية تمثل المعايير الأساسية لإنجاح أي عمل، لكن للأسف يلاحظ بأن العمل الفني في فن الروايس، لا يعتمد دائما على التوزيع الموسيقي الذي يعتبر مهما بحيث يعطي لكل آلة مكانها في الأغنية الأمازيغية، وفي المكان الذي يناسبها، فضلا عن الاداء الجيد بالطبع الذي يضفي على الاغنية التناغم الواجب حدوثه ما بينه وبين الموسيقى.
و اعترف جواد لمنبرنا بأنه يميل للأعمال ذات المواضيع الوطنية و الإجتماعية ، وبالتالي فكلمات أغانيه لاتقتصر على الحب أو الغرام كما هو معتاد عند مجموعة من الفنانين وخاصة الشباب، كما يسعى للإبداع و تمرير رسائل من خلال الفن الذي يقدمه ،سواء كانت رسائل اجتماعية أو هوياتية أو وطنية مثلا الأغنية التي سبق وقدمها تتحدث عن المعاناة التي يعيشها سكان تيندوف و دعا فيها هؤلاء للإلتحاق بوطنهم . وأكد أن هاته هي استراتيجيته والطريقة التي يحبذ العمل بها في المجال الفني ، ولهذا السبب، يستردف الفنان الشاب، تلقى أعماله نوعا من النجاح و الاهتمام من طرف المهتمين بالشأن الثقافي و من طرف الجمهور الأمازيغي و الجمهور المغربي بصفة عامة .
وكما سبق وطرح معنا الفنان جواد الكوكبي في حوار أجرته معه الجريدة خلال شهر مارس الماضي، حول المشاكل التي يتخبط فيها الفنان السوسي والفنان المغربي بشكل عام، أعاد طرح مشكلة التكوين، و فكرة توفير معاهد أكثر ودور شباب في منطقة سوس ماسة وكذا أساتذة أكثرمتخصصين في فن الروايس والأغنية الأمازيغية على العموم، وهي مشاكل لن يتاتى حلها إلا بمبادرة أولية من وزارة الثقافة التي باستطاعتها أن توفر البنيات التحتية لأن هذا الموروث ينقصه دراسة ثم استراتيجية .
بالإضافة لمشكل التكوين، يضيف الكوكبي مشكلا أخر يواجه فنانو المنطقة، ويتمثل في المهرجانات بسوس ماسة، و طرحها على شكل ملاحظات يبغي منها أن تفتح نقاشا حول الموضوع، ومن ملاحظاته أن الفنان يتم إقصاؤه في الجهة التي ينتمي إليها إذ يكون المهرجان المحلي مقتصرا على فنانين من مختلف جهات المملكة. واسترسل موضحا بأنه لا يعني رفض الفنانين الآخرين لكنه مع ضرورة تفعيل استراتيجية تكافؤ الفرص وقوانين وآليات تحمي الفنان الأمازيغي السوسي مادام هو كذلك فنان ويتوفر على بطاقته الفنية التي تثبث ذلك قانونيا، بل وحتى تكافؤ تحصيل المستحقات.
ورغم هاته الملاحظات، يؤكد الفنان الأمازيغي المغربي جواد الكوكبي على وجود نوع من التحسن والإجتهاد من طرف وزارة الثقافة وكذلك المكتب المغربي لحماية حقوق المؤلف، إذ أصبح الفنان مؤخرا يستفيد من حقوقه المادية والمعنوية وهذا راجع لمجهودات المكتب، في شخص السيدة المديرة ، على حد قوله، كما اغتنم الفرصة ليشكرها من خلال منبرنا ويشكر كذلك جميع الموظفين و كذا وزارة الثقافة ووجه للجميع رسائل التقدير والإحترام.
و للتذكير فالفنان المغربي جواد الكوكبي من مواليد 1990 من إقليم شتوكة أيت باها، وكانت إنطلاقته الأولية الرسمية أثناء مشاركته في مسابقة تنظمها إذاعة بأكادير، و شاء الحظ أن يكون من الفائزين بها، أما الإنطلاقة الرسمية فقد كانت على إثر حصوله على الجائزة الثانية وهي جائزة وزارة الثقافة لفن الروايس التي تنظمها مدينة الدشيرة وأثمرت أعمال أخرى توجت بألبوم فني يتضمن ستة أغاني وبعدها توالت إنتاجات أخرى. وقد صدر لجواد الكوكبي عملا فنيا تحت عنوان «أوال» وهي أغنية تتحدث عن الفن الأمازيغي و علاقته بالساحة الفنية الأمازيغية و بحبه لهذا لموسيقى فن الروايس ، ثم جاءت أغنية «إيمغارين» التي تتحدث على النساء وأهمية المرأة في المجتمع، و داخل بيتها. ثم أغنية «تكودي» و موضوعها رومانسي اجتماعي.
جواد الكوكبي يتطرق لموضوع الهوية من خلال عمله الفني الجديد ويدعو لسن استراتيجية ناجعة للحفاظ على التراث الأمازيغي

الكاتب : سهام القرشاوي
بتاريخ : 16/09/2022