نفقات المقاصة ابتلعت أزيد من 22 مليار درهم في 8 أشهر
تحملاته بعثرت أوراق الحكومة التي اضطرت إلى مضاعفة الاعتمادات المرصودة له
أفادت إحصائيات جديدة أعلنت عنها مديرية الخزينة العامة أن تحملات صندوق المقاصة ابتلعت ما لا يقل عن 22.2 مليار درهم خلال الشهور الثمانية الأولى من العام الجاري، عوض 9 ملايير درهم المسجلة خلال نفس الفترة من العام الماضي أي بزيادة صافية فاقت 13.2 مليار درهم، ما يعني أن تكاليف المقاصة قفزت هذا العام بمعدل 147 في المائة.
وبعثر الارتفاع الصاروخي لتحملات المقاصة جميع حسابات الحكومة في ميزانيتها ل 2022، حيث لم تكن تتوقع في قانون المالية برسم العام الجاري أن تتجاوز نفقات المقاصة 13.5 مليار درهم، غير أن التقلبات الكبرى التي شهدتها المواد الأولية في العالم، استهلكت جميع الاعتمادات التي رصدت في قانون المالية بشكل كامل، وهو ما جعل الحكومة في حاجة إلى اعتمادات إضافية لكي تنتقل الاعتمادات المخصصة لصندوق المقاصة من 16 مليار درهم إلى أكثر من 32 مليار درهم، موزعة على أكثر من 9.8 ملايير درهم على غاز البوتان، و6 ملايير كقيمة إجمالية للقمح المستورد، ومليار و200 مليون درهم للسكر .
وأعادت الأعباء المالية التي أصبحت تثقل ميزانية الدولة، النقاش من جديد حول مآل إصلاح نظام المقاصة وراهنيته في إطار نظام الاستهداف الذي ينوي المغرب الاعتماد عليه مستقبلا لتجاوز هذه الوضعية.
ويذكر أن الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين كان سباقا إلى مساءلة الحكومة عن إجراءاتها في تدبير صندوق المقاصة في ظل الارتفاع المهول لأسعار المواد الأولية، حيث كان المستشار عبد السلام بلقشور في يوليوز الماضي قد عقب على فوزي لقجع الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية معتبرا أن الحديث عن سياسة الحكومة في تدبير صندوق المقاصة وانعكاساته على القدرة الشرائية للمواطنين في هذه المرحلة، هو مناسبة لفتح نقاش عمومي جاد ومسؤول حول صندوق الدعم الاجتماعي، الذي يعتبر إصلاحه من أصعب التحديات المطروحة في المشهد السياسي المغربي من جهة، ومن جهة أخرى أن إصلاحه يقتضي الاستجابة لإكراهات التوازنات الماكرو اقتصادية وتوصيات البنك الدولي دون المجازفة بالاستقرار الاجتماعي المغربي.
وأكد نفس المستشار، باسم الفريق الاشتراكي، أن «اختيارنا لطرح هذا السؤال على الوزير، لم يكن اعتباطيا، بل هو نابع من قناعتنا أن مواصلة إصلاح صندوق المقاصة يجب أن يندرج في إطار إعادة توجيه السياسات العمومية نحو خدمة التوازنات الاجتماعية الكبرى، والعمل على إرساء إصلاح حقيقي وتدريجي لنظام المقاصة ونظام الحماية الاجتماعية مع تعزيز وتقوية برامج المساعدة المباشرة والمشروطة، مما يفرض معه استحضار تخوفات المواطنين التي تزداد مع كل إصلاح يطال صندوق المقاصة من حجم الزيادات التي يتوقع أن تعرفها المواد المدعمة من طرف الدولة، وقد ينجم عن هذه الزيادات الفجائية وغير المعلن عنها رسميا وفي لحظتها غضبا واحتجاجات المواطنين، مما يهدد السلم والاستقرار الاجتماعيين.
وأضاف قائلا: «كفريق، ومن خلال تتبعنا لهذا الإصلاح، نجد صعوبة ترجمته على أرض الواقع، ما لم يفض إلى نتائج تنعكس إيجابيا على حياة المواطن المغربي، فالمدخل الاجتماعي أمر أساسي في معادلة إنجاح إصلاح نظام المقاصة، وهذا يتطلب تأهيلا حقيقيا وملموسا للاقتصاد المغربي عبر تسقيف أسعار المحروقات، خصوصا أن قوانين المنافسة في المغرب تعطي الصلاحية الكاملة للحكومة للقيام بهذه الخطوة، بالنظر إلى الظروف الخاصة التي تعيشها المملكة، إضافة الى ضرورة تأميم شركة “لاسامير” في أقرب وقت، وإعادة تشغيلها بما يسهم في تأمين حاجيات المملكة من المحروقات.