يعتمد الباحثون في مجال العلوم القانونية على عدة مناهج في استنباط الأحكام وتفسير القواعد القانونية، ومن بينها المنهج التحليلي الذي يعتمد هو الآخر على عدة آليات، أهمها مقارنة النصوص القانونية ومحاججة بعضها ببعض.
وارتكازا على هذه الآلية، سنحاول استنباط الأحكام الواجبة التطبيق في الإشكاليات المتمحورة حول المشاكل القانونية والواقعية التي صاحبت الظروف والملابسات التي أحاطت بمرحلة ما بعد تأسيس شركة التنمية المحلية مرافق بركان، على أنه سبق لنا الحديث عن عدم قانونية تركيبة مجلسها الإداري، والذي سنتناول في ما بعد الجزاءات القانونية الواجب تطبيقها على عدم قانونية هذه التركيبة.
فبشأن اختصاصات وصلاحيات شركة التنمية المحلية مرافق بركان، سنكون مضطرين إلى مقارنة ومحاججة قواعد وفقرات المادة 83 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات.
وهكذا بعد أحكام الفقرة الأولى مع الفقرة الثانية من المادة 83 المذكورة، نخلص إلى أن الجماعة المحلية لها اختصاصات ذاتية، يمكن تصنيفها إلى نوعين:
النوع الأول: اختصاصات ذاتية غير قابلة للتفويض.
النوع الثاني: اختصاصات ذاتية قابلة للتفويض.
ويقصد بالنوع الأول تلك الاختصاصات الواردة في الفقرة الأولى من ذات المادة 83، والتي تنص على ما يلي:
“تقوم الجماعة بإحداث وتدبير المرافق والتجهيزات العمومية اللازمة لتقديم خدمات القرب في الميادين التالية:
– توزيع الماء الصالح للشرب والكهرباء؛
– النقل العمومي الحضري؛
– الإنارة العمومية؛
– التطهير السائل والصلب ومحطات معالجة المياه العادمة؛
– تنظيف الطرقات والساحات العمومية وجمع النفايات المنزلية والمشابهة لها ونقلها إلى المطارح العمومية ومعالجتها وتثمينها؛
– السير والجولان وتشوير الطرق العمومية ووقوف العربات؛
– حفظ الصحة؛
– نقل الأموات والدفن؛
– إحداث وصيانة المقابر؛
– معارض الصناعة التقليدية وتثمين المنتوج المحلي؛
– أماكن بيع الحبوب؛
– المحطات الطرقية لنقل المسافرين؛
– محطات الاستراحة؛
– إحداث وصيانة المنتزهات الطبيعية داخل النفوذ الترابي للجماعة؛
– مراكز التخييم والاصطياف.” انتهت الفقرة الأولى.
التساؤل يجب طرحه من خلال قراءة هذه الفقرة الأولى من المادة 83 المذكورة: هل يمكن للجماعات بإقليم بركان تحويلها هذه الاختصاصات لشركة التنمية المحلية مرافق بركان أو تفويضها في إطار التدبير المفوض؟
إن الجواب على هذا التساؤل، يفرض علينا الاحتكام لمقتضيات الفقرتين الثانية والثالثة من نفس المادة واللتين تنصان على ما يلي:
” كما تقوم الجماعة بموازاة مع فاعلين آخرين من القطاع العام أو الخاص بإحداث وتدبير المرافق التالية:
– أسواق البيع بالجملة؛
– المجازر والذبح ونقل اللحوم؛
– أسواق بيع السمك.
يتعين على الجماعة أن تعتمد عند إحداث أو تدبير المرافق المشار إليها الفقرة الثانية أعلاه، سبل التحديث في التدبير المتاحة لها عن طريق التدبير المفوض أو إحداث شركة التنمية المحلية أو التعاقد مع القطاع الخاص.” انتهت الفقرتان الثانية والثالثة.
من خلال هذه المقتضيات؛ يتضح أن الجماعات الترابية بإقليم بركان لا يجوز لها تفويض لشركة التنمية المحلية مرافق بركان، سوى المرافق التالية:
– أسواق بيع الجملة؛
– المجزرة الإقليمية ونقل اللحوم؛
– أسواق بيع السمك.
لكن الملاحظ أنه بالإضافة لهذه المرافق تم تفويض لشركة التنمية المحلية مرافق بركان صلاحيات لا علاقة لها بالمرافق الواردة في الفقرة الثانية من المادة 83 السالفة الذكر، وهي:
– النقل الحضري؛
– السوق النموذجي القرب؛
– النظافة ؛
– مآرب للسيارات؛
– المساحات الخضراء؛
– المجزرة الإقليمية التي لم تر النور بعد؛
فهل هذا يدل على الرغبة في إفراغ الجماعات من اختصاصاتها الذاتية غير قابلة للتفويض لشركة التنمية المحلية مرافق بركان؟ وهل يدل على الرغبة في تحويل جماعات الإقليم لشركة التنمية المحلية مرافق بركان؟
(*)عضو المكتب السياسي بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية