في أفق المؤتمر الثامن للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات :المنظمة الاشتراكية الاتحادية التي نريد

 

في غمرة تحضير المنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات لمؤتمرها الثامن أيام 6/7 أكتوبر 2022 وفرحة رهان إنجاحه تحت شعار: تحرر مساواة عدالة، لا بد أن نستحضر التحديات الكبرى التي يعيشها مجتمعنا المغربي في ظل الاحتقان الاقتصادي والاجتماعي ببلادنا والتحولات المتسارعة التي يعرفها المحيط الدولي والإقليمي وآثارها على أوضاعنا الداخلية على جميع المستويات. ويشكل واقع المرأة جزءا من هذه الأوضاع ( كوفيد 19، الأزمة الطاقية ).
لايسعنا في هذه المحطة المفصلية من حياتنا الحزبية عامة وتنظيمنا النسائي عامة إلا أن نسجل كمؤتمرات وقفة تقييمية لأدوار ومهام تنظيمنا النسائي في سياق ما تحقق من نجاح على مستوى المؤتمر الحادي عشر للحزب وعلى مستوى الاستحقاق الانتخابي 2021، الذي أثمر تبوء الحزب للمرتبة الرابعة ومازال حزبنا يحقق نجاحات متتالية في الانتخابات الجزئية الأخيرة، وفي سياق تحديد الأولويات النضالية لهذا التنظيم ورسم معالم آفاق جديدة لتطوير الأداء والرفع من المردودية السياسية والتنظمية للمنظمة الاشتراكية، ومن المؤكد أن سبر أغوار انتظارات وتطلعات المنظمة على مستوى نضالها في واجهة الحقوق الأساسية للنساء وماقدمته في سبيل الارتقاء بأوضاع المرأة ونوع المعيقات الذاتية والموضوعية التي حالت دون تحقيقها لأهدافها المسطرة في المشروع النضالي النسائي، يعد في منظورنا شرطا أساسيا لتطوير هذه المنظمة انطلاقا من وعي نقدي لأدائها و أدوارها ومهامها في سبيل تحقيق رهان حزبي كبير يتمثل في دمقرطة الدولة ودمقرطة المجتمع بما يتطلبه ذلك من تعزيز الحقوق والحريات وتوفير شروط الكرامة الإنسانية والمواطنة الكاملة للمرأة والإنسان المغربي عموما. ولعل مطالب تحديث الدولة ومؤسساتها وتطوير الترسانة القانونية في جميع المجالات المؤطرة للعلاقات المجتمعية تمثل العنوان البارز للديمقراطية في شموليتها ببلادنا. في هذا الباب، ظل حزبنا منذ 1975 يعتبر القطاع النسائي الاتحادي واجهة نضالية أساسية وحيوية، ورافدا لتصريف اختياراته وتوجهاته الديمقراطية في الدفاع عن القضايا المشروعة للمرأة المغربية في جميع المجالات المؤسساتية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية. وفي ذلك استباقية لتملك وعي سياسي واجتماعي ينتصر لضرورة إنصاف نصف المجتمع وتمكينه من كافة حقوقه الأساسية وإشراكه في دينامية معركة الإصلاح والديمقراطية ببلادنا. اليوم ونحن نعقد مؤتمرنا الثامن وجميعنا يعيش على إيقاع وتواتر أزمات يتقاطع فيها الاقتصادي بالاجتماعي بالسياسي بالنفسي وما تعانيه الأغلبية الساحقة للنساء في وطننا العزيز من تهميش وفقر وإقصاء نظرا لمحدودية وضعف السياسات المنتهجة وانعكاسات الأزمة الدولية على الأمن الصحي والغذائي والطاقي والمائي وتأدية المواطن (ة) المغربي(ة) لفاتورة غلاء مستدام يمس كرامة العيش ويكرس عدم تكافؤ الفرص بين الأفراد والجماعات وبين المجالات الحضرية والقروية والنائية وغيرها، فإننا كتنظيم نسائي مطالبات بتجديد مقارباتنا لتشخيص الواقع وتحليل معطياته للوقوف على مكامن الخلل الذاتي والموضوعي. ولاستشراف آفاق تطوير أدائنا النضالي وفي هذا المستوى تتضاعف مسؤولياتنا السياسية والتنظيمية لأننا ببساطة تنظيم متجذر في تربة حزبية ممتدة في التاريخ النضالي لهذا الوطن، بشهدائه ورجالاته ونسائه الأوفياء للفكرة الاتحادية الأصيلة .
اليوم ونحن نستقبل الاحتفال باليوم الوطني للمرأة المغربية 10 أكتوبر 2022 من واجبنا أن نسائل الحكومة حول الإنجازات وطبيعة السياسات العمومية المعتمدة لصالح تحسين أوضاع النساء في جميع المجالات، أن نحدد مساحات تفعيل مقاربة النوع في هذه السياسات المنتهجة أن نقف بالملموس على مدى تفعيل مقتضيات الدستور التي تنص على المساواة والمناصفة وعلى محاربة كل أشكال التمييز ضد المرأة، أن نتساءل كتنظيم نسائي عن أدوارنا ومهامنا في قدرتنا على حلحلة هذا الواقع العنيد الذي يعيد إنتاج أوضاع هشة يكون نصيب النساء منها أوفر. كل ذلك يثير لدينا هاجس استشراف ما الذي يجب عمله ويتعين اتخاذه كمسلك لإعادة البناء الذاتي للمنظمة الاتحادية بحمولاتها الاشتراكية الديمقراطية؟ ما هي مساحات توسيع النضال النسائي واستقطاب أوسع النساء من مختلف الشرائح الاجتماعية والمجالية؟ بأية أجندات نضالية يمكن الانفتاح على الطاقات النسائية الواعدة بما يعزز البعد الجماهيري للمنظمة ويقوي ملفها الترافعي في الساحة النضالية النسائية سياسيا ومدنيا؟ كيف يمكن استعادة الثقة في المجتمع ؟ بأي تعاقد جديد يمكن تملك المبادرة السياسية والمدنية والاجتماعية لتمكين النساء المغربيات من شروط التحرر من كل أشكال القيود الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والفكرية والايديلوجية؟ وكيف تتحقق المساواة الفعلية على أرض الواقع؟
إذ نقف كتنظيم نسائي في هذه المحطة النضالية على حجم هذه التساؤلات، فإننا نؤكد في نفس الوقت على أنه قد تحققت مكتسبات هامة منذ عقدين بفضل إرادة سياسية عليا وبفضل نضالات سياسية ومدنية تقدمية وحداثية وفي هذا الإطار نقر أنه بالقدر الذي نعتز فيه بإسهامنا الفعال في تحقيق هذه المكتسبات بالقدر الذي يحتم علينا واجب الاستمرار في النضال من أجل تحصين المكتسبات القائمة وانتزاع فعلية الحقوق الأساسية للنساء، لأننا نعيش في مجتمع مغربي بتعددية مكوناته وتنوع ثقافته، التي تشكل في منظورنا إسمنتا ثمينا للاستثمار النضالي في الواجهة النسائية في جميع الجهات التي تزخر بطاقات شابة واعدة في حاجة إلى استقطاب واسع وتأطير سياسي يؤهلها للمشاركة في الحياة السياسية والديمقراطية ببلادنا وهذا ما يحفزنا على اعتبار أننا نعيش في نفس الوقت في مجتمع حيوي متفاعل مع محيطه الداخلي والخارجي يزخر بالعديد من القدرات شبابا ونساء في تعطشها للتحديث والحداثة وفي تطلعها للتمتع بالحريات والحقوق، ويتعين علينا كتنظيم نسائي أن نلتقط بحس سياسي عال هذه المعطيات التي تتوفر عليها بلادنا، والتي تلقي علينا مسؤولية كبيرة في حشد عزائمنا كتنظيم اتحادي منغرس في المجتمع حامل للفكرة الاتحادية الأصيلة، أن نضرب موعدا مع التاريخ لإنجاز مهمات التغيير والتوجه نحو المستقبل بأمل كبير في استعادة المبادرة الحزبية في الواجهة المجتمعية مع ما يتطلبه ذلك من توفير ضمانات التعبئة والانخراط في دينامية التغيير والتنمية، وتنسيق الجهود مع الحركة التقدمية والحداثية والحركة النسائية لفرض واجب الدولة في إحقاق الحقوق المنصوص عليها دستوريا وتفعيلها مؤسساتيا لإعادة الاعتبار للمرأة المغربية وبإمكان مناسبة تفعيل النموذج التنموي الجديد تحقيق هذه الرهانات الكبرى.
إن محطة المؤتمر الثامن تشكل فرصة تاريخية لتقديم اجوبة عملية وإجرائية عن التساؤلات المطروحة من خلال حوار ديمقراطي هادئ ومسؤول بين جميع المؤتمرات في مختلف جهات المملكة بحس نضالي عالي يستحضر حجم المهام وتحديات المرحلة ورهانتها (الاستحقاقات المقبلة). مع الوعي بضرورة إعطاء قيمة ووزن سياسي لكل لحظة ومحطة نجتازها، وتبقى محطة إنجاح المؤتمر بجميع مخرجاته عنوانا للحمة الاتحادية وللتضامن النسائي من أجل تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية لصالح المرأة المغربية، وبذلك سيشكل التنظيم النسائي المقبل جسر عبور نحو غد أفضل في سعينا الدؤوب نحو مغرب الكرامة والمواطنة الكاملة للنساء.


الكاتب : السعدية بنسهلي

  

بتاريخ : 07/10/2022