جريمة رهيبة وردت في تقرير غوتيريس وترتكبها البوليزاريو تحت مسؤولية الجزائر… : تقزيم أطفال المخيمات !

عبد الحميد جماهري

تشرف الجزائر النظامية اليوم، على جريمة غير مسبوقة في تاريخ البشرية، جريمة قد لا تجدي فيها الأدبيات التي تراكمت منذ عقود في أروقة المحاكم الدولية وفي بهو المحكمة الجنائية الدولية. جريمة لم تجد اسمها بعد أن تخلق كل الشروط لكي يصاب الأطفال في مخيمات توصف بالتقزُّم …
جريمة تكون نتيجتها أن تنقص الإنسان من أطرافه، السلفى والعليا، ويفقد من طول قامته بسبب الظروف المعيشية، إنها جريمة تسعى إلى التحويل الجيني والوراثي، ليس فقط في الظاهر الفيزيونومي بفعل النقص في الغذاء وفقر الدم والتغذية غير الكافية بل تتعداها إلى التغيير في الطبيعة الجينية والوراثية للأطفال المحتجزين.
ورد هذا، بكل هذا الألم والفظاعة، في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الذي تسلمه مجلس الأمن في يوم 3 أكتوبر ، كشفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمية عن دراسة استقصائية للتغذية وبعثة التقييم المشتركة لعام 2022 عن ارتفاع معدل فقر الدم وسوء التغذية الحاد العالمي والتقزيم بين الأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل والمرضعات في المخيمات القريبة من تيندوف…
لقد اعتاد العالم، والعادة غالبا ما تكون عدو اليقظة والشعور بالمسؤولية، أن يشاهد مناظر الهزال ونقص التغذية ويتابع التقارير عن حالات الضعف الجسدي..
ولربما جعل من هذه الرتابة نوعا من التَّوْرية الأخلاقية التي تعفيه من تأنيب الضمي ، غير أن العالم لا يمكنه أن يدعي بأنه اعتاد ظروفا لاإنسانية تفضي إلى التقزم، الذي صار معاينة أممية ولم يعد مجرد بلاغة في بلاغات الإدانة…
والأنكى أن هذا الوضع سيزداد تفاقما وليس منظورا أن يتغير نحو الأفضل، وذلك بشهادة أخرى على لسان السيد غوتيريس…
فقد عبر باسمه: يساورني القلق إزاء استمرار تدهور الحالة الإنسانية في مخيمات اللاجئين… بل قال إن »الوضع أصبح مقلقا بشكل متزايد مع وجود تهديدات خطيرة قصيرة الأجل…
ولعل السيد غوتيريس يورد الاحتمال العلمي الذي يرى بأن »مشكلة تأخر النمو تنتقل غالبا بين عدة أجيال بمعنى أن الأطفال الذين يعانون من تأخر النمو يحتمل بشدة أن يصاب أبناؤهم بنفس المشكلة مستقبلا، وهو ما يعني الحكم على أجيال برمتها بهذا التقزم.
هل سيظل العالم ينتظر المأساة إلى ما لانهاية؟
لم يعد الأمر يتعلق بتوازن الرعب الذي تسعى إليه دولة العسكر، ولا في توفير الاحتياطي الشهري لخدمة إيديولوجيا متهالكة وحسابات ضيقة، ولا حتى بأسرى حرب معلنة، يتم استعراض الأطفال منهم بكل وقاحة أمام العالم، كما حدث عند وصول المبعوث الشخصي السيد ستيفان دي ميستورا، ولا أصبح الأمر يتعلق بمرافعة المغرب عمن سرقوا من أبنائه، نحن أمام حالة تشتيت وتشويه متعمدة وتوجد فيها وثائق دولية منها تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، وإذا كان هذا التقرير لا يفيد في بناء مرافعة اتهام فمن تراه يستطيع ذلك؟
إن التقرير صك اتهام ضد الذين ينزعون نحو صناعة الأوهام بحقيقة فادحة ساطعة حول ترويض الأجساد الغضة والطفولية لأبناء المحتجزين، بعد سرقة ما تقدمه البشرية من مساعدات لهم، لقد سرقوا أحلامهم وسرقوا منهم مغربيتهم وهاهم اليوم يسرقون منهم …أطراف جسدهم ويحكمون عليهم بتقزُّم مؤلم ورهيب.
قد يبدو «منطقيا» أن الذي سعى إلى تقزيم بلاد وتقزيم أرض وتقزيم شعب لن يتردد في تقزيم أبناء المحتجزين، لكن المغرب واجه المؤامرة منذ نصف قرن ويزداد سموا ورفعة ويزداد تعمْلُقا، بالرغم من كل هذا، أما الأطفال فقد تركوا في بيداء المخيمات عرضة لتجريب أبسط أنواع الوجود، وفي مختبر صناعة التشوهات، تشوهات الدول والإنسان…
لطالما اعتبرت المحاكم الدولية والشرطة العالمية الانتربول أن الاعتداء الجنسي، والاستغلال، والاتجار، والعمل القسري، والاختطاف، ليست سوى بعض المخاطر التي يواجهها الأطفال في جميع أنحاء العالم اليوم، لكن ليس هناك عقل إجرامي ولا عقل حقوقي على حد سواء يمكن أن يتوقع جريمة تقزيم الأطفال وتقزمهم، بعد سرقة غذائهم وتلويث بيئتهم من أجل الحصول على ذلك. فإذا كانت البشرية، أخلاقيا وطبيا، قد صنفت علم تحسين النسل eug?nisme جريمة، فكيف لها أن تغض الطرف بل تتجاهل أوضاعا يتم فيها عمدا سياسة تشويه النسل وتطبيق «علومها« الوحشية؟

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 11/10/2022