الجمعة الثانية من أكتوبر… جلالة الملك يخاطبنا

 

-1 تحظى الجمعة الثانية من شهر أكتوبر كل سنة برمزية سياسية مهمة، حيث يفتتح جلالة الملك السنة التشريعية بخطاب يلقيه داخل البرلمان، وهو الخطاب الذي يكون غالبا موجها للسياسة العامة للبلاد.
الخطاب الملكي كان عن بعد بسبب حالة الطوارئ الصحية التي فرضها انتشار جائحة كوفيد، فمنذ بداية الوباء أبدى جلالة الملك صرامة في الالتزام بالاجراءات الإحترازية .
إن الخطاب الملكي، يوم الجمعة 8 أكتوبر 2021، بمناسبة افتتاح البرلمان، ربط بين الديموقراطية والسيادة بمفهومها الشامل، وإن إشادة جلالة الملك بنسبة المشاركة المرتفعة في الأقاليم الجنوبية له علاقة بالمحور الأول الذي تحدث عنه جلالته، وهو محور السيادة، فهذا المحور سينظم عمل المؤسسات الدستورية في الخمس سنوات المقبلة، وبالتالي فهذا تأكيد ملكي على وجود علاقة مترابطة بين السيادة والديموقراطية، يقول جلالة الملك ” نود أن نشيد بالتنظيم الجيد وبالأجواء التي مرت فيها الانتخابات الأخيرة وبالمشاركة الواسعة التي عرفتها خاصة في أقاليمنا الجنوبية “.
جلالة الملك أعاد التأكيد مرة أخرى على المساواة بين الأحزاب، مؤكدا على أهمية هذه المؤسسة الدستورية في تحقيق الأبعاد الثلاثة، جلالة الملك أكد على أهمية الأحزاب أيا كان موقعها، سواء في الأغلبية أو المعارضة ” الأهم ليس فوز هذا الحزب أو ذاك، لأن جميع الأحزاب سواسية لدينا “.
2 – بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية العاشرة الجمعة 12 أكتوبر 2018، كان خطاب جلالة الملك وهو يعلن باسمه الشخصي وباسم كل المغاربة في كل مكان من هاته الرقعة الجغرافية والتاريخية والحضارية التي تسمى المغرب الملل الجماعي والعياء التام والكامل من الانتهازيين، ومن الذين يريدون من المغرب أن يعطيهم فقط، ولا يريدون بالمقابل أن يعطوه شيئا.
المغرب” يجب أن يكون بلدا للفرص، لا بلدا للانتهازيين، وأي مواطن، كيفما كان، ينبغي أن توفر له نفس الحظوظ، لخدمة بلاده، وأن يستفيد على قدم المساواة مع جميع المغاربة، من خيراته، ومن فرص النمو والارتقاء “، هكذا تحدث جلالة الملك، وهكذا التقط المغاربة العبارة بكل الوضوح التام والكامل وفهموا المغزى منها والمراد من قولها وعرفوا أيضا المعنيين بها …
المغرب “يحتاج، اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، إلى وطنيين حقيقيين، دافعهم الغيرة على مصالح الوطن والمواطنين ” هكذا شدد جلالة الملك على حاجة المغرب أيضا “إلى رجال دولة صادقين يتحملون المسؤولية بكل التزام ونكران ذات”.
لذلك يبدو الرهان اليوم واضحا للغاية، غير قادر على مداراة نفسه: هذا البلد محتاج للقادرين على الدفاع عنه، المستعدين لبنائه وتنميته والصعود به، المفتخرين بالانتساب إليه، المصارحين بحقائقه كلها صعبها وسهلها، حلوها ومرها، لكن المنتمين له لا إلى أي مكان آخر.
جاء خطاب العرش 2019 ليعلن وجوب إجراء قطيعة نهائية مع الريع والعبث؛ يقول جلالة الملك… “بناء مغرب الأمل والمساواة للجميع، مغرب لا مكان فيه للتفاوتات الصارخة، ولا للتصرفات المحبطة، ولا لمظاهر الريع، وإهدار الوقت والطاقات…
لذا، يجب إجراء قطيعة نهائية مع هذه التصرفات والمظاهر السلبية، وإشاعة قيم العمل والمسؤولية، والاستحقاق وتكافؤ الفرص.”
وهكذا يتبين بكل وضوح وصرامة، أن جلالة الملك يدعو وجوبا إلى إحداث قطيعة، قطيعة نهائية؛ قطيعة بالمعنى البنيوي، القيمي، السياسي والسوسيولوجي مع السلوكات والتصرفات التي تعيق استكمال بناء مغرب الأمل والمساواة…
وجب إذن، القطع مع ثقافة النهب والعبث، والتأسيس لثقافة العمل والمسؤولية.
المغاربة الذين يقولونها بكل اللغات عن تبرمهم ومللهم من الانتهازيين والناهبين، سمعوا ملك البلاد يقول بأن الحاجة ضرورية اليوم لكفاءات صادقة ومخلصة إن هذا الملك يريد العمل، ويبحث عن الصادقين للعمل معه.
لا ننكر أن العثور على هؤلاء الصادقين هو عملة صعبة في زمننا هذا، ولكن نعرف أن المغرب هو بلد كفاءات، وبلد شباب وبلد وطنيين مواطنين قادرين على إبداع كل الطرق والحلول للنهوض ببلادهم والسير معها جنبا إلى جنب في كل مراحلها، وأساسا في مرحلتها الجديدة المقبلة.
إن قدر المغرب ليس أن يبقى رهينة الذين يقفلون على الكفاءات المخلصة والمحبة لوطنها منافذ الطموح والمسؤولية في بلادهم، وهم من جعلوا الانتخابات وسيلة اغتناء عوض أن يجعلوها وسيلة خدمة للمواطنين والمواطنات، وهم سبب حقيقي من أسباب بقاء المغاربة غير مستفيدين من كثير الإصلاحات التي وقعت في البلد، رغم أهمية هاته الإصلاحات وثوريتها وعدم تحققها في بلدان أخرى…
هناك اقتناع، هناك توافق بين الملك وبين شعبه؛ أن الحاجة ماسة إلى الكفاءات الحقيقية الجديدة، والطاقات المواطنة التي يمتلئ بها خزان هذا البلد حد الإبهار.
وهذه المرة كانت واضحة أكثر من المرات السابقة، وتقول باسم الشعب وباسم الملك معا إن الحاجة ماسة لضخ الدماء الجديدة في العروق، التي لم تعد تستطيع الاشتغال بشكل سليم.
3 – لقد تعلمنا أنه لا يمكن قراءة الخطب الملكية بدون الرجوع إلى مضامين الخطب السابقة، وأن هناك خيط رابط بين جميع الخطب الملكية، وبالتالي فإن أي قراءة لا تأخذ بعين الاعتبار الخطابات السابقة تبقى قراءة معيبة وتزيغ عن الصواب.
عندما نقرأ خطاب العرش، 29 يوليوز 2020، فإننا نستحضر بشكل أوتوماتيكي خطب ملكية أخرى حملت معها ثورات هادئة في مجالات الإدارة العمومية والديبلوماسية والجهوية المتقدمة ومراكز التكوين المهني والتعليم ومراكز الاستثمار الجهوي وميثاق اللامركزية وغيرها من المجالات التي تهدف إلى تحسين حياة المواطن وتجويد الخدمات العمومية، وتسعى إلى تحقيق مقومات التنمية الاجتماعية والاقتصادية…
لقد جاء في أكثر من خطاب ملكي، أن تشريح وتشخيص الواقع، بكل جرأة وموضوعية، ليس نقدا هداما ولا يدخل في خانة جلد للذات، لكنه نقد بناء خاصة وأنه مرفوق دائما بالاقتراحات والحلول الاستعجالية والاستراتيجية…
لقد شكلت خطب جلالة الملك محمد السادس جيلا جديدا من الخطب، إذ تميزت بالواقعية والموضوعية والجرأة، سواء في مجال تشخيص الواقع وانتقاد أداء المؤسسات والمرافق الإدارية…
خطاب العرش 2020 منسجم ومكمل لخطب جلالة الملك محمد السادس في الآونة الأخيرة، خطب تتميز بسمات جديدة لم يألفها المواطن من قبل ولم يتعود عليها ذوو المناصب والمحتكرون للثروة والسلطة. خطب متجددة وحداثية تتماشى وروح العصر، بل وتحمل في طياتها حمولات سياسية واقتصادية واجتماعية بلغة سلسة واضحة يفهمها ويتذوقها الجميع.
إن خطب جلالة الملك محمد السادس متميزة شكلا ومضمونا، وتشكل خارطة طريق لإخراج المغرب من كل الاختلالات السياسية والتنموية والاقتصادية والمجالية، لكنها في حاجة، ليس لمن يشيد بها، بل لمن يلتزم بها وينزلها إلى أرض الواقع.
خطب متماسكة ومنسجمة، تحكمها وحدة الهدف ووحدة الرؤية، خطب مؤسسة على ثوابت مبدئية ورؤية واعية واستراتيجية، خطب حية متجددة يحكمها ناظم مشترك ؛ تنمية المغرب وخدمة المواطن، خطب واعية وهادفة، خطب عقلانية لا تروم السيطرة على الوجدان بخطاب عاطفي، خطب الحقيقة واضحة شكلا ومضمونا ، لغة وفكرا، منهجية ورؤية. يقول جلالة الملك في خطاب العرش 29 يوليوز 2019 “نحن نريد سماع الحقيقة كاملة عما يجري في بلادنا وإن كانت قاسية ومؤلمة”، يقولها ملك البلاد بكل الوضوح الممكن، يقولها ويكررها لمن يريد أن يفهمه، لا لمن يريد فقط الإنصات لجلالته.
خطب صريحة وصارمة، خطب نقدية ، جريئة وشجاعة، وعلى المسؤولين الذين يقولون لنا دائما إن المصلحة العامة تهمهم أكثر من الخاصة أن يؤكدوا لنا هذه المرة بالملموس، بالفعل لا بالكلام، أنهم مقتنعون بهذا الشعار الذي يرددونه، وأن يحاولوا تدوير العجلة، وإخلاء المكان، والبحث عمن يستطيعون الحديث مع مغرب 2020 بلغة 2020 بل بلغة 2030 و 2050 و…
إن المسألة تهم مستقبل وطن بأكمله، المستقبل الذي ينادينا، والذي يطرح على كل واحد منا السؤال؛ أي بلد سنتركه للأبناء والأحفاد بعدنا؟
جاء في خطاب العرش 29 يوليوز 2019″ إن المغرب ملك لجميع المغاربة، وهو بيتنا المشترك، وعلينا جميعا، كل من موقعه، أن نساهم في بنائه وتنميته، وأن نحافظ على وحدته و أمنه واستقراره”.
4 – خطاب العرش 29 يوليوز 2020 كان خطابا بنفس اجتماعي متقدم، تعودناه من جلالته في خطبه كلها منذ اعتلائه العرش لكن خطاب هاته السنة وهو يأتي في زمن خاص من نوعه، يسميه الكل “زمن كورونا” جعل لهذا النفس الاجتماعي معنى آخر ووزنا أكبر.
الاستفادة من الجائحة ومن دروسها ومن المحنة الصحية والوبائية والاجتماعية والمجتمعية التي يمر منها العالم بأسره وضمنه بلدنا، تلك كانت هي النبرة الناظمة لخطاب العرش الذي تابعه المغاربة جميعا بكبير الاهتمام.
استفادة تعيد ترتيب أولوياتنا المغربية، وتضع في اعتبارها الأساس أكثرنا هشاشة الذين لا يمكن أن نتركهم على قارعة الطريق وأن نمضي، لأن هذا الأمر مستحيل، وبلدنا سيسير بنا جميعا أو لن يسير.
المغرب، وملك المغرب قرر له منذ البدء أن يسير بنا جميعا، وهذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها جلالة الملك عن الفئات الهشة وعما يجب أن تفعله لاخراجها من وضعيتها. لكن هاته المرة جلالته ذكرنا أن ما قاله في خطبه كلها أكدته الأيام، وأكده أساسا الزمن الصعب المسمى “زمن كورونا”.
لذلك كان الرد واضحا على سؤال الهشاشة هذا من خلال رصد مبلغ مالي ضخم لمواجهتها، ومن خلال وضع خطة لا تتجاوز مدتها السنوات الخمس لأجل أن ندخل جميعا – دون استثناء – نظاما اجتماعيا يغطي لحظات ضعفنا، ويؤكد لنا أننا – جميعا – مرة أخرى أبناء وبنات هذا البلد وأنه لن يفرط فينا وأننا لن نفرط فيه.
كان خطابا متميزا مرة أخرى، وكان خطابا بنفس اجتماعي متقدم ذكرنا جميعا بأن ما يمسنا يمس ملك البلاد، وأن الشعور متبادل حتى الختام…
5 – منذ إعلان حالة الطوارئ الصحية رأينا أن الملك في مختلف صوره ووظائفه، رأيناه رئيس دولة مكلف بالسهر على حماية المواطنين وضمان السير العادي لمؤسسات الدولة، ورأيناه أميرا للمؤمنين يقبل على قرارات شجاعة وأخرى إنسانية، ثم رأيناه أيضا قائدا أعلى للقوات المسلحة، وناظرا أعلى للأوقاف والشؤون الإسلامية، كل خزانه الدستوري استعمله دون أن تطأ قدماه خارج الدستور .
في الواقع ملك المغرب محظوظ جدا، ومصدر حظه أنه تمرس مبكرا على ما يشغل الحكومات حاليا على الصعيد الدولي: الا تتحول التدابير الاستثنائية إلى سلطوية، وأن لا ينهار الاقتصاد، ولا يدفع الفقراء وحدهم فاتورة الكارثة أو القوة القاهرة.
منذ توليه العرش كان الاقتصاد شغله الأول، ووصف “ملك الفقراء” حينها يختزل الكثير من التمثل الشعبي لملك أختار أن ينتصر للفئات الهشة، وحتى مع ظهور التهديدات الإرهابية لم نطبق قاعدة الأمن أسبق من الديموقراطية . وحين هبت رياح “الربيع العربي” كانت الوصفة قد اختمرت: الديموقراطية والنمو والتنمية، وبها خرج المغرب من منطقة الزوابع الإقليمية والوصفة نفسها اليوم تعود للاشتغال بشكل مكثف ليخرج البلد من حالة الوباء القاتل.
وفي كل ما عشناه مع الوباء، كنا تحت قيادة ملك يدرس المعطيات الموضوعية جيدا، لكنه يضيف إليها كثيرا من الحدس والجرأة، وأساسا القدرة على التضحية، تلك القيمة التي قال عنها الآخرون من الجهات الأخرى من العالم: ملك المغرب يضحي باقتصاد بلده من أجل شعبه.
وما ميزنا عن غيرنا هو تلك الحكامة التي كانت في القمة من خلال اتخاذ مجموعة من القرارات في وقتها وبصمت وبمسؤولية وجرأة، وهذه المنهجية هي التي ساعدت على مواجهة هذا الوباء.
اليوم صدق المغاربة والمغربيات، اليوم تحققت نبوءات من سكنهم المغرب قبل أن يسكنوه، اليوم الكل يقول شكرا جلالة الملك.
المغرب بقيادة ملكه الحكيم واستنادا إلى تجربة القرون الماضية في الحكم، واستماعا لصوت العقل قرر أن يجعل هاته المعركة لأجل صحة وحياة شعبه أولوية الأولويات.
سنجتاز جميعا هذه الأزمة أكثر قوة لأننا أكثر اتحادا اليوم، فخورون بهويتنا الوطنية وانتمائنا لشعب عظيم بقيادة ملك عظيم.
درس مغربي متواصل على امتداد الأزمنة والأمكنة يجدد نفسه دوما وأبدا ويمنح إمكانية الاستفادة منه لمن كان ذا عقل سليم .
6 – يقول جلالة الملك في خطاب 20 غشت بمناسبة الذكرى السابعة والستين لذكرى ثورة الملك والشعب” أدعو كل القوى الوطنية، للتعبئة واليقظة، والانخراط في المجهود الوطني، في مجال التوعية والتحسيس وتأطير المجتمع، للتصدي لهذا الوباء.
وهنا، أود التنبيه إلى أنه بدون سلوك وطني مثالي ومسؤول، من طرف الجميع، لا يمكن الخروج من هذا الوضع، ولا رفع تحدي محاربة هذا الوباء “.
خطاب العرش 29 يوليوز 2020 كان خطابا بنفس اجتماعي متقدم، تعودناه من جلالته في خطبه كلها منذ اعتلائه العرش لكن خطاب هاته السنة وهو يأتي في زمن خاص من نوعه، يسميه الكل “زمن كورونا” جعل لهذا النفس الاجتماعي معنى آخر ووزنا أكبر .
الاستفادة من الجائحة ومن دروسها ومن المحنة الصحية والوبائية والاجتماعية والمجتمعية التي يمر منها العالم بأسره وضمنه بلدنا، تلك كانت هي النبرة الناظمة لخطاب العرش الذي تابعه المغاربة جميعا بكبير الاهتمام.
استفادة تعيد ترتيب أولوياتنا المغربية، وتضع في اعتبارها الأساس أكثرنا هشاشة الذين لا يمكن أن نتركهم على قارعة الطريق وأن نمضي، لأن هذا الأمر مستحيل، وبلدنا سيسير بنا جميعا أو لن يسير.
المغرب، وملك المغرب قرر له منذ البدء أن يسير بنا جميعا، وهذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها جلالة الملك عن الفئات الهشة وعما يجب أن تفعله لاخراجها من وضعيتها، لكن هاته المرة جلالته ذكرنا أن ما قاله في خطبه كلها أكدته الأيام، وأكده أساسا الزمن الصعب المسمى ” زمن كورونا “.
لذلك كان الرد واضحا على سؤال الهشاشة هذا من خلال رصد مبلغ مالي ضخم لمواجهتها، ومن خلال وضع خطة لا تتجاوز مدتها السنوات الخمس لأجل أن ندخل جميعا – دون استثناء – نظاما اجتماعيا يغطي لحظات ضعفنا، ويؤكد لنا أننا – جميعا – مرة أخرى أبناء وبنات هذا البلد وأنه لن يفرط فينا وأننا لن نفرط فيه.
كان خطابا متميزا مرة أخرى، وكان خطابا بنفس اجتماعي متقدم ذكرنا جميعا بأن ما يمسنا يمس ملك البلاد، وأن الشعور متبادل حتى الختام.
خطاب 20 غشت خطاب الصراحة والصرامة الذي يروم إيقاظ الوعي في ضمائر المغاربة، والتذكير كما يؤكد جلالة الملك” وأننا اليوم، ونحن نخلد ذكرى ثورة الملك والشعب، أكثر حاجة لاستحضار قيم التضحية والتضامن والوفاء، التي ميزتها، لتجاوز هذا الظرف الصعب.
وإني واثق بأن المغاربة، يستطيعون رفع هذا التحدي، والسير على نهج أجدادهم، في الالتزام بروح الوطنية الحقة، وبواجبات المواطنة الإيجابية، لما فيه خير شعبنا وبلادنا”.
إن خطاب جلالة الملك يشكل خارطة طريق للخروج من هذه الأزمة الصحية وانعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية، لكنه في حاجة، ليس لمن يشيد به، بل لمن يلتزم به وينزله إلى أرض الواقع فعلا وتنفيذا…
خطاب صريح وصارم، جريء وشجاع “إن خطابي لك اليوم، لا يعني المؤاخذة أو العتاب؛ وإنما هي طريقة مباشرة للتعبير لك عن تخوفي، من استمرار ارتفاع عدد الإصابات والوفيات، لا قدر لله، والرجوع إلى الحجر الصحي الشامل، بآثاره النفسية والاجتماعية والاقتصادية”.
يقول جلالة الملك”إننا لم نكسب بعد المعركة ضد هذا الوباء، رغم الجهود . إنها فترة صعبة وغير مسبوقة بالنسبة للجميع.
صحيح أنه كان يضرب بنا المثل، في احترام التدابير الوقائية التي اتخذناها، وفي النتائج الحسنة التي حققناها، خلال فترة الحجر الصحي،وهو ما جعلنا نعتز بما قمنا به، وخاصة من حيث انخفاض عدد الوفيات، وقلة نسبة المصابين، مقارنة بالعديد من الدول.
ولكن مع الأسف، لاحظنا مع رفع الحجر الصحي، أن عدد المصابين تضاعف بشكل غير منطقي، لأسباب عديدة.
فهناك من يدعي بأن هذا الوباء غير موجود؛ وهناك من يعتقد بأن رفع الحجر الصحي يعني انتهاء المرض؛ وهناك عدد من الناس يتعاملون مع الوضع، بنوع من التهاون والتراخي غير المقبول. وهنا يجب التأكيد على أن هذا المرض موجود؛ ومن يقول عكس ذلك، فهو لا يضر بنفسه فقط، وإنما يضر أيضا بعائلته وبالآخرين “.
نحن في حاجة إلى الانتباه إلى مخاطر ترك الحبل على الغارب، وعلى الجميع أن يعي خطورة الوضع ويفهم صعوبة المرحلة وما تتطلبه من انضباط صارم يقي البلد من السقوط في ما لا تحمد عقباه، نحن في حاجة إلى الاقتناع الجماعي بالحاجة إلى إعادة بناء الثقة بين الدولة والمجتمع، باعتبارها أضمن وأقوى تأثيرا على النفوس من أية قوة عارية قد تتصور أو يتصور أصحابها أنهم قادرون على الحسم في كل الظروف…
إن التحرك الاستباقي للمغرب في تعامله مع الوباء كان صائبا، بل هو نموذج أثنى عليه العديدون في أقطار المعمور، غير أن كل هذا ليس مبررا لسبق الأمور، فالنصر لن يكون سوى بالتحكم التام والشامل والنهائي في الفيروس والقضاء عليه.


الكاتب : عبد السلام المساوي

  

بتاريخ : 14/10/2022