مديونية لارام والسكك الحديدية والطرق السيارة مجتمعة
أصبحت تفوق 92 مليار درهم
مازالت العديد من المؤسسات والمقاولات العمومية تشكل عبئا ثقيلا على الدولة التي تضطر لضخ ملايير الدراهم في ميزانيتها دون أن يكون لها أثر ملموس.
ويخبرنا التقرير السنوي المرفق بمشروع قانون المالية 2023 أن الموارد المالية التي تجنيها الدولة من مؤسساتها العمومية، البالغ عددها 227 مؤسسة، ومن مقاولاتها العمومية البالغ عددها 44 مقاولة، ومن مساهماتها المباشرة في 502 شركة ، لم تتعد 10.7 مليار درهم في 2021 ، ويتوقع هذا العام أن تصل إلى 14.1 مليار درهم (بفضل 1.1 مليار درهم من أرباح مجمع الفوسفاط) ، في المقابل سيصل حجم الإعانات التي تبتلعها هذه المؤسسات والمقاولات العمومية من خزينة الدولة، 48.1 مليار درهم ، 56 في المائة من هذا المبلغ تم تحويله إلى حدود غشت 2022.
بيد أن أهم ما سكت عنه التقرير هو أن جزءا كبيرا من قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية مازال يعاني من غياب استراتيجية واضحة، إضافة إلى مواكبة غير كافية وغير موحدة، فضلا عن غياب رؤية شاملة ومنسجمة مع مجموع القطاع العام. ونتيجة لذلك سبق للمجلس الأعلى للحسابات أن أوصى بتصفية الوضعية المالية للمقاولات العمومية الاستراتيجية، وممارسة يقظة مستمرة على مديونية هذه المؤسسات، ومعالجة دين الضريبة على القيمة المضافة المتراكم لفائدة المؤسسات العمومية تجاه الدولة، إضافة إلى ترشيد التحويلات المالية للدولة نحو هذه المؤسسات وترشيد مردودية المحفظة العمومية.
ويشكل ارتفاع المديونية خطورة على الصحة المالية للقطاع وعلى الدين الخارجي بشكل عام، حيث أصبحت ديون المؤسسات والشركات العمومية تمثل 45 في المائة من المديونية الخارجية للمملكة.
وتتفاوت مديونية المقاولات والمؤسسات العمومية حسب طبيعة القطاع، وعلى سبيل المثال فقد أصبحت مديونية المكتب الوطني للسكك الحديدية تفوق 43 مليار درهم، فيما وصلت مديونية الشركة الوطنية للطرق السيارة إلى 39 مليار درهم . فيما أصبحت مديونية الخطوط الملكية المغربية تناهز 10.5 مليار درهم، ما يعني أن مديونية هذه الشركات الثلاث مجتمعة أصبحت تفوق 92 مليار درهم.
وفي هذا السياق، جاء مشروع إحداث الوكالة الوطنية للتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة وتتبع نجاعة أداء المؤسسات والمقاولات العمومية كضرورة ملحة ضمن مقاربة إعادة هيكلة المؤسسات والمقاولات العمومية المذكورة، وتقييم مساهمات الدولة وتحسين أدائها من أجل جعل هذا القطاع محركا للتنمية الاقتصادية وقاطرة للقطاع الخاص.
وفي العديد من الحالات، ما زال دور «الدولة كمساهم» يظل غير محدد وغير واضح، أما دور «الدولة كمخطط» فيبقى أيضا غير محدد بالشكل الكافي. فالقيادة الاستراتيجية من طرف الوزارات ذات الاختصاص القطاعي غير مؤطرة قانونا، إذ أن الممارسات تعرف تباينا من قطاع إلى آخر، وذلك حسب الثقافة السائدة في كل وزارة على حدة ، وحسب مهارات المسؤولين المعنيين، ومستوى الأهمية التي يولونها لهذه المقاولات.
ونتيجة لكل هذا، فإن الدولة تجد نفسها مضطرة لأن تضخ في ميزانية هذه المؤسسات ملايير الدراهم دون أن تستفيد هي من الأرباح التي تجنيها هذه المنشآت العمومية، فمن أصل 269 مؤسسة ومقاولة عمومية وأزيد من 440 شركة فرعية ، فإن عدد المؤسسات العمومية المساهمة بأرباحها في ميزانية الدولة، لا يتعدى رؤوس الأصابع ، حيث إن أرباح المساهمات والحصص من الأرباح يبقى مصدرها الأساسي مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط ومجموعة صندوق الإيداع والتدبير..