مهرجان فاس للثقافة الصوفية في دورته 15 تحت شعار «الوجد والمعرفة» يختتم في أجواء روحانية

لم تكن السهرة الختامية لمهرجان الثقافة الصوفية في دورته 15 ، التي أقيمت برحاب الحديقة الأندلسية جنان السبيل يوم السبت 29 أكتوبر سهرة عادية، بل إنها كانت سهرة ساحرة واستثنائية بكل المقاييس تكريما لقطب من أقطاب الصوفية المغربية الشاعر الصوفي سيدي محمد الحراق، الذي عاش في كنف أسرة دينية محافظة متفرغا للشعر الصوفي على الطريقة الشاذلية، حيث نظم عددا هاما من التواشيح والأزجال الصوفية .
أحيى السهرة الختامية للمهرجان الفنان سعيد بلقاضي، الذي يعتبر أستاذا للإنشاد الصوفي رفقة جوقه الأندلسي صحبة الفنان الاسباني ادواردو المختص في الفن الموسيقي الاسباني ومؤسس فرقة الموسيقى العربية الأندلسية .
استهلت السهرة بتلاوة برقية ولاء وإخلاص للسدة العالية بالله جلالة الملك محمد السادس تلاها الدكتور فوزي الصقلي مبدع المهرجان ومديره . بعد ذلك ران صمت عميق ولم يعد يسمع سوى خرير مياه الجداول المنسابة بين أحواض الحديقة الغناء ليخترقها صوت رخيم لأحد المقرئين في المجموعة الصوتية للجوق حيث تلا آيات بينات من الذكر الحكيم إعلانا عن انطلاقة السهرة الصوفية على إيقاعات أندلسية في تناغم وانسجام بين الدفوف والكمان والناي ونغمات القانون، بعدها صدح الصوت الشجي العذب للفنان سعيد بلقاضي مرددا مجموعة من المقطوعات الموسيقية الأندلسية من شعر وأزجال القطب الصوفي الكبير سيدي محمد الحراق.
ولعل أهم محطة في هذه السهرة الصوفية هي تلك «الخمرة» الروحية التي حملت مجموعة من أفراد المجموعة الصوتية للجوق إلى عوالم ربانية جعلت الجماهير الغفيرة تتجاوب معها ليسافر الجميع في رحلة صوفية حية وسط زغاريد النساء ونسمات بخور العود القماري .
ومما أضفى على السهرة متعة سحرية روحية هو التجاوب الذي حصل بين الفنان سعيد بلقاضي والجماهير الغفيرة من المغاربة والأجانب الذين رددوا معه عددا من الأزجال الصوفية من بينها «المدد المدد أي رسول الله» و»منخافشي الضامن هو النبي» و «طلع البدر علينا من ثنيات الوداع» وغير ذلك من المقتطفات الدينية الروحية…
وفي ختام السهرة، التي كانت من تنسيق السيدة كارولين لطيفة أمير، أبت هذه الأخيرة إلا أن تقدم للمنشد الصوفي سعيد بلقاضي باقة من الورود الجميلة باسم جمهور مهرجان الثقافة الصوفية.
وجملة القول .. فإن هذه الدورة، التي انطلقت أيام 22 أكتوبر وتواصلت إلى غاية 29 منه، عرفت نجاحا منقطع النظير شارك فيها أكثر من مائة فنان من المغرب ومن جميع أنحاء العالم، كما تميزت بتسليط الضوء على حياة الأمير الهندي المتصوف شيكو دارة الذي عاش في القرن السابع عشر الميلادي، حيث امتزجت الثقافة الإسلامية بالثقافة الهندوسية، كما استضاف المهرجان مجموعة من الموسيقيين والدراويش من تركيا، بالإضافة إلى فرقة تاكاتا الهندية وفرقة المطرز اليهودية التي أدت مجموعة من الأغاني الدينية بكنيس بن دانان بالملاح، وعاش الجمهور أيضا سهرات صوفية مع الزاوية القادرية البوشيشتية و الزاوية الصقلية والزاوية الوزانية، زيادة على تنظيم مجموعة من الموائد المستديرة حاضر فيها أكثر من 60 متدخل من المغرب و15 محاضر قدموا من دول أجنبية حيث تمت مناقشة مجموعة من التساؤلات حول العلم والدين والوجد والمعرفة.
يذكر أن هذه الدورة مهداة إلى روح الراحل الصوفي الدكتور مولاي عبد الله الوزاني، كما أنها ساهمت في الإنعاش الاقتصادي لفاس من خلال توارد عدد هام من السياح الأجانب الذين واكبوا المهرجان الصوفي.


الكاتب : فاس: محمد بوهلال

  

بتاريخ : 03/11/2022