نداء الوطن …. مسيرات في عيد المسيرة
عبد السلام المساوي
1 – حديث الوطنية
ولحديث الوطنية في النفس وعليها وقع خاص، في 6 نوفمبر قبل سبعة وأربعين سنة، وطأت أقدام 350 ألف مغربي ومغربية مشاركين في المسيرة الخضراء، أرض الصحراء المغربية في إنجاز مبهر تنظيما وتدبيرا .
قبل سبعة وأربعين سنة، حرر المغاربة أقاليمهم الجنوبية بسلمية رائعة فيها من الإبداع الشيء الكثير، والمسيرة متواصلة…
مغرب 2022 يختلف عن مغرب 1975 اختلافات الكون كلها، وحده شيء أساسي لا يزال ثابتا في النبض، في العرق، في الفؤاد : حب الوطن .
في كل مكان من هذا البلد الأمين، يرن « نداء الحسن « بنفس النغمة المحببة إلى الأذان اليوم، يتساءل البعض عن سر بقائها، يأتي الجواب بالإجماع « لأن فيها حنين للصراخ بحب البلاد» .
سبعة وأربعون سنة لم تكن ضائعة ولا متهاونة وللذي قد يشكك في بعض هذا الكلام ما عليه سوى زيارة العيون أو الداخلة أو السمارة ليقف على ما تحقق من منجزات .
إن روح المسيرة الخضراء، التي أطلقها الراحل الحسن الثاني، بقيت مستمرة ومتواصلة إلى اليوم، وهذا نهج مغربي يصبو نحو الحداثة والحكامة والتنمية المستدامة، وبروح المسيرة الخضراء ستظل الصحراء مغربية بشرعيتها وبنمائها وبازدهارها .
هذه البلاد نعيش فيها وتحيينا، نرى مشاكلها اليومية، نقسو عليها أحيانا، ونتبرم ونمل ونقول كاذبين، « لو وجدنا التأشيرات لعبرنا إلى أي مكان آخر وهربنا «، ثم حين الهروب حقا منها تهجم علينا كلها، وتسكن فينا كل المسام تدمع منا الأعين كلما ذكر اسم المغرب أمامنا، ونتمنى فقط لحظة العبور، لكي نعود إليها ونطلب الكثير من الاستغفار، أننا لم نعطها حقها، وأننا لم نعرف قيمتها وأننا ساهمنا مع المساهمين في سبها، في النيل منها، في انتقادها في المليئة والفارغة .
لنا النماذج أمامنا، ترى، تتابع، تتوالى، كلها تقول لنا الشيء الواحد ذاته : مثل هذا البلد لن نجد أبدا، ومثل هذه القدرة على الحب لهذا الوطن لن نلفي وإن بحثنا في كل مكان .
فقط علينا أن نجد الفوارق السبعة بين حب الوطن لوجه الوطن، وبين حبه لأنه يعطينا أو كرهه لأنه نسي أن يعطينا بعض الفتات .
قالها الكبير يوما في العبارة التي يحفظها الجميع « لا تسألوا أنفسكم ماذا أعطانا وطننا بل اسألوا أنفسكم ماذا أعطيتم لهذا الوطن .»
لذلك يبدو الرهان اليوم واضحا للغاية، غير قادر على مداراة نفسه : هذا البلد محتاج للقادرين على الدفاع عنه، المستعدين لبنائه وتنميته والصعود به، المفتخرين بالانتساب إليه، المصارحين بحقائقه كلها صعبها وسهلها، حلوها ومرها، لكن المنتمين له لا إلى أي مكان آخر، وطني أو خائن ولا توجد مرتبة وسطى بين الخيانة والوطنية.
والمغرب في الليل من 6 نوفمبر 2022 ينفض عنه يوما بأكمله ويستعد لعناق ليلة جديدة، كان « نداء الحسن « يؤكد كلماته بعد مرور سبعة وأربعين سنة، ويحورها قليلا لكي يصبح نداء الملك وشعبه في سنة الناس هاته البعيدة تماما عن السبعينيات المقتربة أكثر مما يفتحه المستقبل من رهانات كبرى لهاته الأرض، ولأهل هاته الأرض .
المسيرة الخضراء ليست مجرد ذكرى وطنية نحتفل بها والسلام، هي درس مغربي متواصل على امتداد الأزمنة والأمكنة يجدد نفسه دوما وأبدا ويمنح إمكانية الاستفادة منه لمن كان ذا عقل سليم .
2- إدريس لشكر :
« إن المسيرة الخضراء اليوم عند المغاربة أسلوب وجود»
تذكير برسالة الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي في 6 نوفمبر 2021 .
في رسالة الكاتب الأول بعنوان « مسيرات في عيد المسيرة الخضراء «، يقول الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي الأستاذ إدريس لشكر « من حق المغاربة، من كل الأجيال، أن يحتفلوا احتفالا استثنائيا هذه السنة بذكرى المسيرة الخضراء، بالنظر إلى طبيعة المرحلة، داخليا وخارجيا، وبالنظر إلى طبيعة المكتسبات التي تحققت طوال الدفاع عن كيان الأمة الموحد «بين الذكرى 45 للمسيرة الخضراء والذكرى 46 توالت الكثير من الأحداث والوقائع لقنت فيها الديبلوماسية المغربية بالقيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس دروسا كثيرة لنظام جزائري لا ينفع معه التعليم ولا التربية الوطنية .
كانت سنة متميزة حقق فيها المغرب الكثير من الانتصارات على واجهات مختلفة، بل دشن فيها شعبا ودولة مسيرة جديدة تتجه للحسم مع هذا النزاع المفتعل.
هذه السنة نخلد ذكرى المسيرة الخضراء في ظل إخراج الجارة الشرقية لكل الحقد الدفين، الذي ظل حكامها يعانون منه طيلة السنوات الماضية ومنذ زمن الخيانة الأولى عندما طعنوا المغرب في الظهر واستولوا على مناطق من ترابه وأنفقوا المال والجهد كي يعرقلوا مسيرة وطننا .
هذه المرة وككل مرة تختلق الجزائر الأكاذيب ويدعي حكامها عشية تخليد ذكرى المسيرة أن المغرب قصف شاحناتها وقتل سائقيها .
بالمقابل لطالما أكد المغرب أكثر من مرة أنه لن يمس الجزائريين بسوء، بل وجاء التأكيد على لسان قائده الحكيم محمد السادس عندما قال في خطاب العرش في يوليوز الماضي : « أنا أؤكد هنا لأشقائنا في الجزائر، بأن الشر والمشاكل لن تأتيكم أبدا من المغرب، كما لن يأتيكم منه أي خطر أو تهديد، لأن ما يمسكم يمسنا، وما يصيبكم يضرنا «، وهنا فإن القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية لا يخلف وعده، وهو ما يفسد على الجزائر حجة البحث عن فتيل حرب .
لم تعد الشروط الدبلوماسية المستجدة التي تواجه الجزائر ووضعها الداخلي المتأزم، تسمح لحكامها بربح مكاسب دبلوماسية بالشكل الذي خططت له، مقابل أموالها وغازها وأسلحتها، فقد أصبح هامش المناورة لديها ضعيفا أن لم نقل منعدما، خاصة بعد تبدد أحلام الانفصال مع آخر قرار لمجلس الأمن، وإجماع عربي على دعم وحدتنا. أمام هذا الوضع يبقى هامش المناورة وآخر الأوراق المتبقية لدى عسكر الجزائر، هو محاولة الاستفادة مما قد تسمح به غنائم الحرب، لذلك يبحث عسكر الجزائر عن أي قشة لإشعال حرب لن يربح فيها أحد .
كل يوم كذبة جديدة، كل يوم إشاعة، تلك هي استراتيجية النظام الجزائري، فالآلة الدعائية لهذا النظام لا تمل من الكذب والتلفيق وهي تصنع الإشاعة وتروجها وتكون أول من يصدقها .
اليوم تصرف السلطات الجزائرية الكثير من الوقت والجهد والمال في العداء على المغرب وتترك مشاكل الشعب الجزائري وقضاياه عرضة للإهمال، ومن نتائج هذا الإهمال حدة الفقر الذي وصلت له بعض الفئات والأسر التي أعلنت صراحة فيديوهات ينشرها الإعلام الجزائري نفسه، عن بيعها لأبنائها، لأنها لا تستطيع أن توفر لهم الطعام واللباس، فبالأحرى حاجيات الدراسة .
وفي اللحظة التي تدق فيها الجزائر طبول الحرب وتبحث بشق الأنفس عن أسباب مفتعلة، ويصر الانفصال حركة ودولة على المضي قدما في نهج المغالطات وتزوير الحقائق واتباع سياسة تضليلية مكشوفة ومفضوحة، فإن المغرب ماض في نهجه التنموي الثابت، ولن توقف مسيرته تلك الاستفزازات والتحرشات والحركات البهلوانية لنظام فقد كل فرامله وأصبح يخبط خبط عشواء .
لا مجال ولا وقت لدينا لنهدره على نظام غير متزن همه الوحيد ومبتغاه الفريد هو إيقاف قطار التنمية ببلادنا بأي طريقة خشنة، فنحن دولة أفعال لا دولة بهلوانيات.
إن خيار التنمية والمزيد من التنمية يظل هو الحل الحاسم في ما يجري على الأرض، ثم بعد ذلك تأتي القوة الدبلوماسية والعسكرية لضمان الدفاع عن ما تحقق في انتظار المزيد من مسيرات الذكرى: المسيرة الدبلوماسية، المسيرة التنموية، المسيرة الديموقراطية.
يقول الأستاذ إدريس لشكر: « المسيرة التنموية: فقد كانت الصحراء المغربية العنوان الأبرز للتنمية في بلادنا، وكان من الواضح أن التعبئة من أجل خدمة الساكنة، خطة تأمين الوحدة عبر الإنسان لقيت ترحيبا دوليا، وأعطت للمغرب فرصة لا تتاح للدول في كل حين، لإعادة النظر في نموذجه التنموي، وإعادة النظر في الطبيعة الترابية الجديدة للدولة من خلال خدمة الجهوية المتقدمة، ويجدر بنا أن نحيي أبناءنا في الأقاليم الصحراوية على غيرتهم الوحدوية، وانخراطهم الواسع في التعبئة السياسية لإنجاح هذه الجهوية في أفق الحكم الذاتي».
يقول الأستاذ إدريس لشكر : «إن المسيرة الخضراء اليوم عند المغاربة أسلوب وجود، وروح تمس بحرارتها كل مناحي الحياة الوطنية، ويحسن للمغاربة أن يفتخروا بها، وهم يشاهدون ما يتحقق بفعل الوحدة الوطنية والاجتهاد الديموقراطي والمجهود التنموي، لخلق مجتمع متضامن وحداثي، بدولة قوية وعادلة…
3 – في الدفاع عن الوطن، الإعلام قبل البندقية
ألحاجة اليوم ماسة لصحافة مواطنة، جادة وجدية، تنقل الأخبار الموثوق منها والصحيحة إلى الناس تواكب هذا الإبداع المغربي في مجال مقاومة العدو بوطنية وبتقدير حقيقيين، تقفل الباب على المتسللين سهوا إلى ميدان الصحافة، وهم كثر ….فهناك من يصر على أن يظل الوحيد الذي يستفيد من هذا الميدان غير المدر للدخل بالنسبة لأبنائه الأصليين، الوفير الأرباح بالنسبة لعدد كبير من المتسلطين عليه …
الحقيقة، التي انكشفت اليوم، أكدت حاجتنا لإعلام وطني، مواطن، قوي، موجود في كل مكان من المغرب، متمكن من المهنة وأجناسها وأدواتها، حر في التعامل، سريع التجاوب، لا يترك لأعداء الوطن ولا للطابور الخامس الفرصة مهما كانت صغيرة لترويج الأكاذيب .
هذا الإعلام نستطيع صنعه وتشجيعه إذا امتلكنا جرأة الإيمان النهائي والتام بأن المعركة الإعلامية تسير مع المعركة السياسية ومعارك الوطن جنبا إلى جنب .
إن الدفاع عن الوطن، هو أساس وجود الإعلام، وأن ما عدا هذا الأمر من تنويعات هي أشياء إضافية أو نافلة، تتوارى إلى الخلف حين المعارك الكبرى …وفي اللحظات المصيرية يصبح الإعلام قبل البندقية والطائرة والصاروخ أداة المواجهة الأولى .
هنا- وهاته يجب قولها بكل بصراحة- الحكاية الوطنية تختلط في أذهان بعض من يكتشفون الصحافة في الزمن المتأخر والميت من أوقاتهم بالدفاع عن الرواية الرسمية .
لا يستطيع هؤلاء أن يميزوا بين دفاع مستميت عن الوطن، وعن قضايا الوطن، وبين الخلاف أو الاختلاف العادي في الأيام العادية حول قضايا محلية يفرقنا تدبيرها ولا نحقق حولها الإجماع ولا نريد لهذا الإجماع أصلا أن يكون لأنها قضايا خلافية، عكس قضايا الوطن الكبرى .
أن تصرخ بنفس الحماس وبنفس القوة دفاعا عن وطنك، مثلما يفعل آخرون أثناء الدفاع عن فلسطين أو عن العراق أو عن سوريا أو عن ميانمار أو عن مسلمي الروهينغا، أو ضد رسامي شارلي إيبدو أو عن أنصار لهم في بلدان أخرى يعتبرون أنهم ملزمون بمساندتهم، لا يعني أنك بوق رسمي، ولا يعني أنك مأجور ولا يعني أنك تتلقى مقابل ما تكتبه من قناعات في هذا الصدد .
قد يكون الأمر فقط دفاعا من جانبك عن وطنك، لأنك تعتبر هذا الوطن أغلى ما لديك، وتعتبر الدفاع عنه بوسيلتك وبمهنتك الشيء الوحيد الذي يمكنك أن تقدمه له في لحظات الضيق والشدة التي يمر منها .
كيف السبيل إلى إقناع من لا يقتنعون أصلا بأي شيء أن هذه البديهية على بساطتها قد تكون هي تفسير كل الأشياء ؟
لا ندري، ولا نكترث كثيرا بطريقة الإقناع هاته ولا حتى بجدواه . هناك ما هو أهم : هذا الوطن المستهدف من أكثر من جانب، والذي لا ينتظر من أبنائه الأصليين إلا الوقوف معه دون أي قيد أو شرط، مثلما تفعل كل الأجناس مع أوطانها، بكل اختصار…
قال الملك محمد السادس، في خطاب لمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء عبارته الشهيرة : « لم يعد هناك مجال للغموض أو الخداع، فإما أن يكون المواطن مغربيا أو غير مغربي، إذ انتهى وقت ازدواجية المواقف».
4- نطمح إلى دولة مدنية
نطمح إلى دولة مدنية، دولة آمنة مطمئنة يعود فيها شيوخ الفقه الأسود، يعود فيها رجال الدين، إلى معابدهم ومقابرهم، نطمح إلى تطهير هذا البلد، البلد الأمين، بلد التسامح والديموقراطية، بلد التعدد والاختلاف، نطمح إلى تطهيره من تجار الدين وتجار السياسة ؛ الذين أساؤوا إلى الدين والسياسة سواء بسواء…
نطمح إلى تطهير المغرب من فيروس شيوخ التكفير والموت، أعداء الحياة والإنسان، تطهيره من دعاة الانغلاق والتعصب، زارعي الحقد والفتن …
أعتقد أن وصول الإسلاميين إلى مبتغاهم كان مرحلة ضرورية، لنكتشف ضحالة مشروعهم، هذا إن جاز لنا تسميته بالمشروع . ففي ما خلا كرسي السلطة، لم يتمكنوا حتى الآن من تقديم مشروع واضح ومتكامل لدولة يؤسسونها، ولم نر برامج أو خططا لحل مشكلات معقدة تعاني منها معظم الشعوب العربية من فقر وبطالة وأمية واحترام الفرد واحترام الفرص على أساس الكفاءة لا الولاءات .
لا ديموقراطية على الأرض، فثمة ديموقراطية الأكثرية التي تجعل من الشعب أكثرية وأقلية، هناك لعبة ديموقراطية عبر صناديق الاقتراع، ما نحلم به أكبر وأنبل من لعبة الصناديق وكواليس السياسة، نطمح إلى دولة مدنية يتمتع فيها الجميع بحقوق المواطنة وواجباتها في ظل قانون لا أحد يقف فوق سطحه، يكون رجال الدين فيها داخل معابدهم فقط .
إنا ممن يؤمنون بفساد الرؤية العامة للإسلاميين، وأراها تتحمل عبء إخفاقهم وفشلهم …ولا أرى الإخفاقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي سجلت بحق تجربتهم إلا انعكاسا لفساد هذه الرؤية أو لنقل إنه الدم الفاسد، الذي بثوه في برامجهم فسرى بأوصال المجتمع المؤسسية حتى أصابها بالمرض، لأن رؤية كرؤية الإسلاميين لمفاهيم القرن السابع أو العاشر الميلادي، حتما ستفقد حياتها وحيويتها بفعل الزمن وعوامله المؤكدسة، فالمفاهيم التي تسكن العقل تكبر والهرم وتشيخ وتموت، وإن لم تكرم بدفنها تعرض العقل للخرف، حالها كحال خلايا الجسد حين يعتريها النضوب ويحين الموت لا تعود قادرة على بث الحياة والحركة في الأوصال . وعوضا عن إكرام هذا الخرف وفصله عن الممارسة السياسية، أصر الإسلاميون على الإبقاء عليه، وتراءى لهم أن بث بعض مفاهيم الحداثة في خطابهم السلفي الماضوي من نوع المدنية، الديموقراطية، الشرعية الدستورية، سينجي حكمهم، ولكنهم لا يعرفون أن رش أفخر العطور الباريسية لا يستطيع أن يمنع هبوب الرائحة الكريهة من الميت…
لماذا فشل الإسلاميون في الحكم ؟ ولماذا ينجحون ؟ العالم تغير، والعالم العربي الإسلامي تغير كذلك . والتغير التاريخي، لا يشكل في حد ذاته، حجة على ضرورة فشلهم، لكنه عامل أساسي،» وضع الإنسانية « التاريخي الحالي، لم يعد مهيئا لقبول خضوع مطلق « لرقابة ايديولوجية «، حتى ولو كانت « دينية «، والإسلاميون لا يقترحون، على المستوى السياسي والاجتماعي، شيئا آخر، الحرية لا تختزل بحرية الصلاة والصوم والتجارة، حرية الشعوب اليوم عديدة ومتحركة، وهم لا يعرضون أمام الشعوب إلا حريات ساكنة وبائتة، إنها نوع من النكوص المطلق الذي لا يفي بحاجة أحد من المواطنين، « الحريات الحديثة «، ويجب أن نصر على هذا التمييز، لا تشبه في شيء الحريات الإنسانية العتيقة، التي تدافع عنها حركات الإسلاميين السياسية. اليوم، تحتاج الشعوب إلى حرية المعتقد، وحرية السفر، وحرية التعبير، وحرية التغيير، وحرية تشكيل الأحزاب والنقابات والجمعيات والنوادي . إنها « الشعوب « بحاجة إلى حرية الفكر، وحرية الجسد، حرية المكان وحرية الزمان، والإسلاميون لا يعترفون بشيء من هذا، وإن فعلوا، فلا ضامن لمستقبل، ولا نعرف ما هي حدودهم الحقيقية للحرية .
لنتعبد…ولنترك الآخرين يعيشون بحرية، والعدل أساس الملك، ولا عدل في المطلق، وبخاصة في المطلق الديني المحدد الوجهة والصفة مسبقا .
الكاتب : عبد السلام المساوي - بتاريخ : 03/11/2022