هل سيعود الدفء قريبا للعلاقات المغربية الفرنسية ؟

 جلالة الملك محمد السادس والرئيس إيمانويل ماكرون أجريا اتصالا هاتفيا في الأول من نونبر

يبدو أن الغيوم التي خيمت على العلاقات المغربية الفرنسية تقترب من الانفراج، حسب عدة مصادر فرنسية مطلعة، والتباشير الأولى لهذا التحسن في العلاقات، هي المكالمة الهاتفية الأخيرة بين الجانبين، ذلك أن جلالة الملك محمد السادس والرئيس ايمانويل ماكرون أجريا اتصالا هاتفيا في الأول من نونبر، حول زيارة دولة مخطط لها منذ فترة طويلة للرئيس الفرنسي، بحلول نهاية العام أو بداية عام 2023. هذه الأخبار تناقلتها الوكالة الفرنسية والموقع الفرنسي «افريكا انتيليجونس» المقرب من دوائر القرار، وحتى الآن، لم يتم تأكيد الاتصال أو نفيه.
وحسب نفس المصدر، فإن هذه المكالمة التي تمت، مساء يوم الفاتح من نونبر، حاول الطرفان من خلالها تحسين العلاقة بين الرباط وباريس التي تعثرت في الشهور الأخيرة. وحسب «انتيليجونس افريكا» فإن هذه المكالمة لم تكن موضوع أي بيان من الطرفين. وتطرق الجانبان لسوء الفهم الذي مس العلاقات وغياب سفيري البلدين، وحسب نفس المصدر، فإن باريس مازالت تبحث عن الشخص الملائم لهذه المهمة.
وخلال هذه المكالمة التي دامت نصف ساعة، أكد الرئيس الفرنسي رغبته في القيام بزيارة رسمية للمغرب، وهي رغبة تجاوب معها جلالة الملك الذي عبر عن استعداده لاستقباله إلا أنه لم يتم تحديد وقت لهذه الزيارة التي يمكن أن تتم قبل نهاية 2022 أو بداية سنة 2023، وهي الزيارة التي كانت مبرمجة لنهاية شهر أكتوبر، لكنها تأجلت بسبب الأجواء المتوترة التي سادت بين الطرفين، يقول نفس المصدر.
وتعد هذه المكالمة مقدمة لمرحلة إعادة الدفء بين الرباط وباريس ، وهو مسار مهم سيدوم عدة أسابيع خاصة بوجود مواضيع حساسة بين الجانبين من قضية التأشيرة إلى قضية الصحراء المغربية حيث تنتظر الرباط من باريس دعما واضحا لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب حسب «انتيليجونس أفريكا».
ووصلت هذه الأزمة أوجها في الشهر الأخير، بعد أن أصبح منصب السفير شاغرا سواء في الرباط أو باريس، وحالة البرود حسب المتتبعين، تعود لأسباب متعددة منها عدم تطور موقف باريس من وضعية الأقاليم الجنوبية للمغرب، بعد أن اعترفت حليفة أخرى له وهي الولايات المتحدة الأمريكية بسيادته على أقاليمه، بالإضافة إلى تطور موقف عدد من البلدان الأوروبية من هذا الملف خاصة إسبانيا وألمانيا، وقرار المغرب ربط تطوير علاقاته بالبلدان حسب موقفها من قضيته الوطنية الأولى.
هذا بالإضافة إلى ملف التأشيرة، والذي استعملته باريس كوسيلة ضغط على حكومة المغرب خاصة أنه يمس الفئات الفرنكوفونية بالمغرب التي تعتبر لوبيا قويا في الساحة. ورغم هذا البرود السياسي وانقطاع الزيارات بين البلدين الذي دام عدة شهور، فإن التنسيقات الأمنية والتمارين العسكرية بين جيشي البلدين لم تنقطع، آخرها تم بمنطقة أوكيمدن، بالإضافة إلى الحضور القوي للمقاولات الفرنسية في مختلف الأنشطة الاقتصادية بالمملكة، مما يجعل من باريس شريكا أساسيا في الاقتصاد المغربي، لكن استعمال التأشيرة كوسيلة ضغط على الحكومة المغربية أساء لصورة فرنسا وسط الرأي العام المغربي، وعكست ذلك الصحف المغربية وشبكات التواصل الاجتماعي التي أفرزت رأيا عاما معاديا لفرنسا وللغتها وكذلك للفرنكوفونية، وهو عداء كان حتى الآن غائبا عن الرأي العام المغربي .
ودعا وفد من البرلمانيين الفرنسيين من الرباط بعد لقائه بنظيره المغربي، إلى «الخروج» من أزمة التأشيرات التي وترت العلاقات الفرنسية المغربية منذ أكثر من عام، وقال نائب رئيس مجلس الشيوخ فانسان دولاهاي «ينبغي إيجاد حلول للخروج من هذا الوضع بسرعة». وأضاف السيناتور عن الضاحية الباريسية أيسون خلال زيارة قام بها برلمانيون ونظمتها لجنة الصداقة الفرنسية المغربية «يجب أن نحاول إيجاد طرق مقبولة للجميع».
رئيس لجنة الصداقة المغربية الفرنسية لحبيب المالكي ذكر في هذا اللقاء بالروابط التاريخية والقوية بين فرنسا والمغرب، وبالتضحيات التي قدمها الجنود المغاربة خلال الحرب العالمية الثانية، وأضاف أن العلاقات بين البلدين لها أبعاد متعددة تمس الجانب الإنساني، الحضاري، الاقتصادي والسياسي مشيرا إلى دور المغرب بقيادة جلالة الملك في تقوية مجهودات التعاون جنوب جنوب مع البلدان الإفريقية وبالمنطقة المتوسطية.
وأضاف خلال زيارة قام بها برلمانيون ونظمتها لجنة الصداقة الفرنسية المغربية «يجب أن نحاول إيجاد طرق مقبولة للجميع».
هذا التشدد في منح التأشيرةأثار استياء المغاربة، الذي ظهر جليا على مواقع التواصل الاجتماعي كما أفرز مقالات لاذعة بوسائل الإعلام المغربية، وأدى إلى إضعاف العلاقات بين الرباط وباريس،
وبهذا الخصوص قال صلاح بوردي، رئيس حلقة اوجين دو لاكروا للمنتخبين وللصداقة بين فرنسا والمغرب خلال مؤتمر صحافي بالرباط «التقينا رجالا ونساء مغاربة أصيبوا بالخيبة»، موضحا أن «سياسة التأشيرات هذه ألحقت ضررا بالغا لأنها شملت قسما كبيرا من المغاربة الناطقين بالفرنسية والأكثر قربا إلى بلدنا».
اللقاء الهاتفي بين قائدي البلدين واللقاءات بين البرلمانيين، تعتبر ربما، التباشير الأولى لعودة الدفء إلى العلاقات بين الرباط وباريس التي تعرضت لنزلة برد طويلة الأمد، حيث تنتظرهما ملفات متعددة بتعدد العلاقات بينهما وتنوعها.


الكاتب : باريس : يوسف لهلالي

  

بتاريخ : 08/11/2022