«عادت إلينا السينما بكل جمالها في مراكش لإسعادنا جميعا»
تستعيد مراكش، لأزيد من سبعة أيام، احتفالية السينما بمناسبة تنظيم الدورة 19 من المهرجان الدولي للفيلم الذي يستأنف مساره بعد انقطاع اضطراري أملته الأجواء الاحترازية لأزمة كوفيد19. ويأتي هذا الاستئناف بطعم الإصرار على الأمل والاستمرار في الحلم وتأكيد أحقية الجمال في عالم منشغل أكثر بحروبه ودماره، ليوفر المهرجان في دورة هذه السنة حوارية عميقة مع تجارب عالمية تؤسس للتقارب والتفاهم والانفتاح اللازم لتواصل المغامرة الإنسانية.
و في هذا الصدد قال الأمير مولاي رشيد، رئيس مؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش في الكلمة التقديمية لدورة هذه السنة» بعد غياب دام لسنتين بسبب الجائحة، يسعدنا أن نلتقي مرة أخرى في هذه الدورة التاسعة عشرة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش. لقد كان لهذه الأزمة الصحية بالغ الأثر على البيئة الاقتصادية والاجتماعية الوطنية والدولية. لذا أصبح لزاما علينا استعادة كل الطاقات والموارد في إطار مناخ صعب يجعلنا نعي تماما مدى المجهودات الجبارة التي يقوم بها شركاء المهرجان مشكورين، الذين ما كان لهذه التظاهرة أن تستمر دون مساندتهم وجهودهم، لتظل القيم الإنسانية التي تساهم في إعادة بناء كينونتها في صلب اهتماماتنا جميعا أكثر من أي وقت مضى، اكتشاف الآخر، حوار الحضارات والتعايش..».
ويضيف الأمير مولاي رشيد» من خلال الاختيار الرسمي لأفلام هذه الدورة، سيتمكن رواد المهرجان من الاستمتاع ببرنامج يجمع بين مختلف الأنواع والجنسيات. بين قسم “العروض الاحتفالية” بحضور ممثلين متألقين، و“العروض الخاصة”، و“القارة الحادية عشرة” بأفلامها الطلائعية، و”بانوراما السينما المغربية” التي ستعرض أفضل وأحدث الإنتاجات السينمائية الوطنية، وعروض أكبر الأفلام الجماهيرية في ساحة جامع الفنا، وأفلام الجمهور الناشئ، حيث ستكون جميع أوجه التنوع في الإبداع السينمائي حاضرة في مراكش.» ليختم قائلا « عادت إلينا إذن السينما بكل جمالها في مراكش لإسعادنا جميعا.»
وتتميز هذه الدورة بترأس المخرج باولو سورينتو للجنة التحكيم التي ستمنح النجمة الذهبية لواحد من الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية. وتضم اللائحة ثمانية أعضاء من جنسيات مختلفة ينتمون لأربع قارات. ويتعلق الأمر بكل من المخرجة الدانماركية سوزان بير، الممثل المنتج الأمريكي الگواتيمالي أوسكار إسحاق، الممثلة البريطانية فانيسا كيربي، الممثلة الألمانية ديان كروجر، المخرج الأسترالي جاستن كورزيل، المخرجة والممثلة اللبنانية نادين لبكي، المخرجة المغربية ليلى المراكشي والممثل الفرنسي طاهر رحيم.
ويأتي المخرج الإيطالي باولو سورينتينو، المولود بمدينة نابولي سنة 1970، إلى مراكش وخلفه رصيد سينمائي محترم، حيث تواصل عطاؤه منذ فيلمه الطويل الأول «الرجل الإضافي» الذي تم اختياره للمشاركة في دورة 2001 لمهرجان البندقية السينمائي الدولي. كما اختيرت أفلامه الستة الموالية للمشاركة في المسابقة الرسمية لمهرجان كان: عواقب الحب (2004)، صديق العائلة(2006)،إيل ديفو(2008)، الذي نال عنه جائزة لجنة التحكيم،لا بد أن يكون هذا هو المكان (2011)، والذي صوره في الولايات المتحدة الأمريكية ولعب فيه دور البطولة كل من شين بيـن وفرانسيس ماكدورماند،الجمال العظيم (2013)، الذي نال عنه جائزة الأوسكار وجائزة گولدنگلوب لأفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية، وشباب(2015)، الذي جمع فيه كلا من مايكل كين، هارفي كيتل، راشيل وايز، بول دانو وجين فوندا، وهو الفيلم الذي فاز بثلاث جوائز في حفل جوائز السينما الأوروبية، وبترشيح لجوائز الأوسكار، وترشيحين لجوائز گولدنگلوب.وفي سنة 2016، حظيت أولى سلسلاته التلفزيونية البابا الشاب بترشيح لإحدى جوائز گولدنگلوب، وترشيحين لجوائز إيمي. وفي سنة 2018، تم اختيار فيلمه الثامن لورو (سيلفيو والآخرون) للمشاركة في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي. وتواصل عمله بإخراجه سنة 2019 السلسلة التلفزيونية البابا الجديد، والتي لعب فيها دورالبطولة كل من جود لو وجون مالكوفيتش. وفي سنة 2021، عُرض فيلمه يد الله في مهرجان البندقية السينمائي الدولي، حيث نال جائزة لجنة التحكيم الكبرى، كما حظي بترشيح لجوائز الأوسكار وترشيح آخر لجوائز گولدنگلوب.
وحسب المنظمين فتركيبة لجنة التحكيم التي ستمنح النجمة الذهبية لواحد من 14 فيلما طويلا تتنافس في المسابقة الرسمية، تعد صورة تعكس خصوصية المهرجان الدولي للفيلم بمراكش كتظاهرة تحتفي بالسينما العالمية.
وسيكرم المهرجان في دورته لهذه السنة أربعة أسماء كبرى من عالم الفن السابع، تقديرا لمساراتٍ مهنية رائعة وملهمة، وهم الممثلة والمنتجة والفنانة الأيقونية الاسكتلندية تيلدا سوينتون، المخرج الأمريكي الكبير جيمس جراي، صاحب واحد من أروع الأعمال في السينما المعاصرة، رائدة السينما الوطنية فريدة بليزيد، التي ارتبط مشوارها المهني كمنتجة ومخرجة وكاتبة سيناريو بالعديد من كلاسيكيات السينما المغربية، وأخيرا الممثل الهندي الموهوب رانفير سينغ، الذي بتوقيعه على صعود فني فائق، أصبح واحدا من أكبر النجوم التي تمثل سينما بوليوود…
دورة هذه السنة ستوفر أيضا فضاء خصبا لنقاش وتبادل التجارب من خلال فقرة « حوار مع» التي تستضيف شخصيات مهمة من عالم السينما، وتسمح بتقاسم تجاربها ورؤاها مع الجمهور.
وانطلق المهرجان الدولي للفيلم بمراكش في أولى دوراته سنة 2001 من قبل جلالة الملك محمد السادس، وذلك من أجل تعزيز وتطوير الفن والصناعة السينمائيين في المغرب، وبفعل التجربة التي راكمها بعد أزيد من عشرين سنة أصبح مهرجان مراكش فضاء للتعبير ولاكتشاف المواهب السينمائية، حيث يرفع عاليا رهانات التنوع والتبادل والإثراء، كما أنه يعد فرصة بالنسبة للمغرب لاستقبال وتكريم شخصيات متميزة من عالم الفن السابع، واستطاع أن يستقطب جمهورا واسعا سواء على الصعيدين الوطني أو الدولي، وأن يحظى بسمعة عالية وبمكانة جد مرموقة.