أي تصور سياسي واجتماعي لقانون المالية 2023

نظم الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين، بشراكة مع مرصد العمل الحكومي ومنظمة «اوكسفام»، مائدة مستديرة بمجلس المستشارين، يوم الخميس 17 نونبر2023، حول موضوع: «أي تصور سياسي ومالي للحكومة من خلال مشروع قانون المالية 2023 «، بمساهمة وتأطير العديد من الفاعلين السياسيين والاجتماعيين والأكاديميين، لتقديم مختلف التوضيحات والرهانات المتحكمة في دعائم وركائز وتوجيهات القانون المالي لسنة 2023، وبتسيير من مدير البرامج داخل المرصد الحكومي على غنبوري ،وبمساهمة من : خولة لشكر، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، وبدر الزاهر، باحث في المالية والاقتصاد، ومحمد النميلي، جامعي في المالية والاقتصاد، وذلك حسب

المحاور التالية:
المحور الأول : أية علاقة بين توجهات البرنامج الحكومي ومشروع قانون المالية 2023.
المحور الثاني : مشروع قانون المالية 2023 والإجراءات الضريبية الجديدة.
المحور الثالث : مشروع القانون المالي والأدوار الاجتماعية للدولة وإمكانيات التمويل.

رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين:
نتعاطى في الفريق الاشتراكي بكثير من الحذر مع قراءة مضامين مشروع قانون المالية ونتوجس بشأن صدق تحقق فرضياته.

يعتبر قانون المالية الأداة الإجرائية لترجمة الأهداف والتزامات البرنامج الحكومي المتعاقد بشأنه مع البرلمان ومن خلاله مع الشعب المغربي، لذلك وبمناسبة مناقشة مشروع قانون المالية 2023 باعتباره ثاني مشروع قانون في عهد الحكومة الجديدة، فإننا بحاجة إلى الكشف بدقة وبلا قلق وبالأرقام عن حقائق أصبحت اليوم واقعا يجب الإفصاح عنه من طرف الجهات المعنية، فالتدبير الشفاف للمالية العمومية والإفصاح عن كل المعطيات الخاصة بالمال العام عنوانين أساسيين في مشروع الإصلاح الاقتصادي والجبائي والمالي والنموذج التنموي للمغرب، فالاقتصاد أرقام وحقائق قبل أن يكون متمنيات وأحلاما وخطبا للاستهلاك .
ونعرف جميعا أن التصويت على مشروع قانون المالية من طرف البرلمان يشكل الترخيص للحكومة باستيفاء الموارد والرسوم الجبائية، وصرف الميزانيات وفق ما تتضمنه الوثيقة المصادق عليها من طرف البرلمان، واليوم وبمناسبة مناقشة مشروع القانون المالي 2023 بمجلس المستشارين، لابد من الوقوف على مدى مطابقته لتوقعات الحكومة والأهداف التي حددت له بخصوص ترسيخ ركائز الدولة الاجتماعية وإنعاش الاقتصاد الوطني وتكريس العدالة المجالية واستعادة الهوامش المالية، فهل قانون المالية 2023 سيكون في مستوى هذا الطموح، وهل الحكومة ستستطيع إنجاز ما تضمنه قانون المالية من أهداف؟ خصوصا أن المعطيات المتوفرة تجعلنا نتعاطى بكثير من الحذر في قراءتنا لمضامين هذا المشروع ونتوجس بشأن صدقية تحقق الفرضيات، التي اعتمدت عليها الحكومة خاصة إذا علمنا بأن المؤشرات الماكرو اقتصادية لهذه السنة توجد في أغلبها في حالة سالبة، وهو ما عبرت عنه وزيرة الاقتصاد والمالية من خلال عرضها التي تقدمت به أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب والمستشارين، حيث أبرزت أنه من المتوقع أن ينحصر نمو الاقتصاد الوطني لهذه السنة في حدود 1.5% عوض3,2% المتوقعة بقانون المالية برسم سنة 2022، وأن معدل التضخم من المنتظر أن يتجاوز 5,3 % هذه السنة مقابل 1,4% سنة 2021، وأن الميزان التجاري قد يرتفع إلى نسبة 36,9% نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة مما سيضر بالحساب الجاري لميزان الأداءات بحوالي 5% مع استمرار عجز الميزانية بحوالي 5.3 % وارتفاع المديونية لحوالي 70% من الناتج الداخلي الخام.
وهكذا يرى رئيس الفريق بأن هناك مجموعة من المؤشرات المقلقة التي من شأنها التأثير على صدقية التوقعات والفرضيات التي ارتكز عليها مشروع قانون المالية، خاصة إذا أضيفت إليه التقلبات المناخية المتسمة بعدم انتظام التساقطات المطرية التي عرفها ويعرفها المغرب وخاصة في السنتين الأخيرتين، وكذا الانعكاسات الاقتصادية السلبية للسياسة النقدية التي نهجتها الحكومة من خلال تعويم الدرهم في حدود 5% ورفع نسبة الفائدة الرئيسي إلى 2% خاصة مع الارتفاع الهائل الذي سجله الدولار الأمريكي وكذا الموجة الجديدة المنتظرة لارتفاع أسعار الطاقة خاصة بعد القرار الذي اتخذته منظمة « أوبيك « بخفض الإنتاج بحوالي مليوني برميل يوميا.

خولة لشكر، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي:
الدعوة إلى مالية اجتماعية لخدمة كافة الفئات الاجتماعية الفقيرة أو المهددة بالفقر.

اعتبرت خولة لشكر أن قانون المالية هو بمثابة وثيقة مؤسسة للعمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي لأية دولة، ولها خصوصية أنها منتهية الصلاحية تبدأ من فاتح يناير وإلى آخر السنة، الشيء الذي يجعل تنفيذها ذا أهمية قصوى، ومما يعاب في مجال الشفافية المالية العمومية أنها وثيقة صعبة الفهم وبذلك تسائل المسلسل الديموقراطي برمته، وذلك أننا إذا لم نفهم على ماذا نصوت، فهذا خطر على الوطن وعلى المجتمع وعلى المالية العمومية نفسها في مجال التدبير العقلاني والإنفاق غير المجدي، وأن المشاكل التي تقع في المالية تقع عن حسن نية، فمجهود التبسيط والشرح والتمحيص للترافع في ما يخص أي مشروع يخص الوثيقة من المفروض أن يكون من أولويات وزارة المالية، وللأسف فإن الآجال المتاحة لمناقشة هذا القانون غير كافية سواء في مجلس النواب أوفي مجلس المستشارين، وكان الهدف أن ننجزه في أقل وقت وفي أسرع وقت وكأننا في سباق الألعاب الاولمبية، في حين أن تجويد الممارسة السياسية في المغرب تجويد للإنجاز الحكومي، وبالتالي تجويد للمجهود التنموي، الذي يمر عبر أخذ الوقت الكافي والتفسير الكافي لمداخل ومخارج قانون المالية.
عانينا في الفريق الاشتراكي بمجلسيه، وفي الاتحاد الاشتراكي لحظة الترافع أو مناقشته لقانون المالية، حيث نطرح دائما نفس المناقشة ونواجه دائما بنفس التبرير، (هادشي صعيب والكل لايفهمه)، وإذا كان الأمر يتطلب الفهم من عشرة أفراد فليكن البرلمان من نفس العدد ، لكن البرلمان فيه مئات النواب ومجلس المستشارين120 مستشارا، وهؤلاء كلهم ممثلي الأمة من المفروض كل من موقعه وتخصص مجاله، أن يفهم هذا القانون ليكون قادرا على التصويت عليه أو ضده، هذا المجهود الذي يمكن للحكومة أن تستعمله للتبسيط بدل لغة الأرقام الماكرو اقتصادية المعقدة، و كل عامل من عوامل التبسيط هو شرح السياسات العمومية لهذا القانون المالي لسنة 2023 ، ونحن اليوم، تشير خولة، أمام قانون يدعي أنه رافع للدولة الاجتماعية، في حين أنه في الاتحاد الاشتراكي، وقد أشرنا إليه في البرنامج الانتخابي للحزب، من المواضيع التي كنا نترافع عنها ولا نزال، أن يكون في قانون المالية باب اسمه المالية الاجتماعية ويصوت عليه بهاته الصفة كباقي الدول المتقدمة، انطلاقا مما يتم تداوله في مختلف الأوساط على أنه قانون مالي يتسم بنفس اجتماعي قوي، والذي سيكون من السهل لا على الحكومة ولا على المواطن ولا على النائب البرلماني، أن يكون في ميزانية اجتماعية يصوت عليها بشكل منفرد، معتبرة أن هذا الأمر بمثابة توصية من هذا اللقاء، ومن الملاحظات التي وقفت عندها وهي المتعلقة بالمنهجية في التعامل الحكومي مع مختلف المشاريع، وخاصة مشروع قانون المالية، وهو ذو حساسية وخطورة بمكان وخاصة في مسألة الديموقراطية التشاركية، والتداول، والفهم، والاستيعاب للإجراءات، حيث تقول الحكومة إن هذا القانون المالي يحقق طفرة نوعية في مجال تنزيل الإصلاح الجبائي، بصدق، تقول خولة وهي تتساءل عن كلمة الإصلاح الجبائي في حد ذاته، وهو الباب الذي لا وجود له في القانون المالي، بقدر ما نجد فيه بعض الإجراءات الخاصة بالجبايات. تقول المتحدثة.

بدر الزاهر الأزرق، باحث في قانون الأعمال والاقتصاد:
مشروع قانون المالية.. الطبقة الوسطى … الغائب الحاضر

انطلق الزاهر الأزرق في تحليله مما جاء به مشروع قانون المالية، والذي أشرفت على إنجازه الحكومة الحالية، والذي يرى أنه مسكون بعدد من الهواجس، كما حمل في طياته مجموعة من الرهانات، فهذا المشروع الذي تمت صياغته في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة التي تمثل إحدى هذه الهواجس، حيث عمل واضعوه على تبني مجموعة من المقتضيات رغبة في الحد من آثار هذه الأزمة والاستجابة لمتطلبات المرحلة، خاصة تلك المتعلقة بتنزيل الإصلاحات الهيكلية الكبرى وضمان التوازنات المالية والتحكم في العجز.
فانطلاقاً من الفرضيات التي يرى البعض أنها جاءت متفائلة بعض الشيء خاصة نسبة النمو التي حددت في 4 %، وهو يعتقد أنها لم تستحضر بما فيه الكفاية السياق الاقتصادي العالمي ولا الدراسات الاستشرافية التي تتحدث عن سيناريو ركود تضخمي قد يلقي بظلاله على الاقتصاد العالمي، وكذلك على الاقتصاد المغربي، إذ تراجع الطلب الخارجي على المنتجات والخدمات المغربية، كما لم يستحضر الدراسات التي تتحدث عن توقع تراجع الطلب الداخلي جراء تضرر القدرة الشرائية خاصة للطبقة المتوسطة، وهو يعلم أن الطلب الداخلي كان هو طوق نجاة الاقتصاد المغربي خلال فترة الجائحة.
إلى جانب هذا فقد فسر مشروع قانون المالية هذه النسبة أيضاً بتوقع سنة فلاحية متوسطة وهو أمر بدأت الشكوك تحوم حوله قبل المصادقة النهائية على مشروع قانون المالية في ظل تأخر التساقطات، ناهيك عن كون فرضية 800 دولار لطن الغاز تظل بدورها فرضية محفوفة بالشكوك في ظل استمرار الاضطرابات الناجمة عن الحرب الأوكرانية – الروسية، وتوقع تفاقم الأوضاع أمام إصرار كل أطراف النزاع على الاستمرار في الحرب، وهو الأمر الذي لن يكون له انعكاس فقط على قطاع الطاقة والمحروقات بل أيضا على الواردات الغذائية، خاصة الحبوب والأعلاف، وهو ما قد يجعل نسب التضخم تستقر عند مستوياتها المرتفعة للسنة الثانية على التوالي، وذلك عكس ما تم توقعه في مشروع قانون المالية حين تم حصر نسب التضخم المفترضة على 2 %بالاستناد إلى مجموعة من التحركات التي عرفها المشهد الاقتصادي والمالي الدولي، كالرفع من نسب الفائدة المديرية بُغية دفع نسب التضخم إلى الاستقرار وهو التوجه الذي وجه بتحرك مضاد من قبل منظمة أوبك + التي خفضت من إنتاجها وبالتالي أسهمت بشكل مباشر في استمرار ارتفاع أسعار الطاقة.
من جهة أخرى، يشير الازرق إلى أن مشروع القانون المالي الحالي، حاول تهييئ الظروف المواتية لتحقيق عدد من الرهانات خاصة تلك المرتبطة بتنزيل دعامات الدولة الاجتماعية، في مقدمتها ورش إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية، ومنظومة الصحة والتعليم، حيث تم رصد ملغ 19 مليارا لصندوق التماسك الاجتماعي و300 مليار للاستثمار العمومي والرفع من ميزانية عدد من القطاعات وهو أمر محمود، من شأنه تسريع تنزيل هذه الأوراش، غير أن القضية المركزية في نظره تم تجاهلها من قبل مشروع قانون المالية، فكيف يعقل أن تصل نسب التضخم إلى مستويات غير مسبوقة وستؤثر على القدرة الشرائية لمختلف الطبقات وترتفع الأسعار بشكل حاد دون أن نجد صدى لكل هذه التطورات الخطيرة في مشروع قانون المالية، فمراجعة الضريبة على الدخل بالنسبة للموظفين هي ذات دلالة رمزية فقط، لن يكون لها أي تأثير في دعم صمود القدرة الشرائية التي تآكلت بشكل كبير جراء الأزمات المتتالية التي ضربت الاقتصادين العالمي والمغربي، ناهيك عن كون الحوار القطاعي بدأ يأخذ منحى جد متباطئ لن يفيد بشكل كبير في تحصين ما تبقى من القدرة الشرائية من الانهيار.
هذا وأشار الازرق إلى ما تعرضت له القدرة الشرائية للطبقة الوسطى على وجه الخصوص من تآكل على مدى السنوات الثلاث الماضية، حيث تضاعفت أسعار المواد الأساسية والخدمات وتراجعت القيمة الحقيقية للأجور، في الوقت الذي تستعد الحكومة لإنجاز الشطر الأخير من إصلاح صندوق المقاصة عبر التحول إلى منظومة الدعم المباشر للفئات الفقيرة، وهو ما يعني إخراج هذه الطبقة بشكل نهائي من منظومة الدعم والإسهام بشكل مباشر في تقويض قدرتها الشرائية.
ذلك أن التوجه إلى منظومة الدعم المباشر شيء محمود، بل مرغوب وضروري، غير أن عدم وضع آليات لتحصين الطبقة الوسطى من التحول إلى طبقة فقيرة قد يجهض كل الجهود الرامية إلى تحسين مؤشرات الفقر والهشاشة، وينذر برفد الطبقة الفقيرة بملايين جديدة من الفقراء، وهو المعطى الذي سبق وأن أكدته المندوبية السامية للتخطيط حين تحدثت شهر أكتوبر الماضي عن تدهور الأوضاع المعيشية لأكثر من ثلاثة ملايين شخص تحت التأثير المزدوج للأزمة الصحية المرتبطة بفيروس كورونا والتضخم.
لقد طغى هاجس تعبئة الموارد المالية وضمان استدامتها لتمويل الإصلاحات الهيكلية الكبرى وتقليل العجز على ضرورة خلق توازن بين هذا السعي وبين تعزيز القدرة الشرائية وتحصينها،لأن هذه الأخيرة ستظل في اعتقاده إحدى الضمانات الداخلية للخروج من الأزمة الراهنة وضمان استدامة الموارد المالية، خاصة وأن الضريبة على القيمة المضافة وغيرها من الضرائب المرتبطة بالاستهلاك تظل من بين أهم الموارد الضريبية التي تغذي خزينة المملكة، وأي مساس بالقدرة الشرائية قد يؤدي إلى تراجعها وهو الأمر الذي قد يكون له أيضاً اثر سلبي على الأداء الاقتصادي للمقاولات المغربية.
كما أكد المتحدث أن هاجس التعبئة هو الذي دفع أيضا باتجاه السعي إلى توسيع قاعدة الخاضعين للمنظومة الضريبية، وهو الأمر الذي نجحت من خلاله الحكومة السنة الماضية في رفع مواردها خاصة من خلال بوابة الربط بين الحماية الاجتماعية والضريبة، مرة أخرى يتأكد هذا السعي الذي يستند إلى بعض مخرجات المناظرات المتعلقة بالحماية الجبائية، التي تهم تحقيق الإنصاف والعدالة الضريبية عبر التحول من آلية الإقرار الضريبي لعدد من المهن الحرة إلى الاقتطاع من المنبع، وهو توجه في رأيي غابت عنه آلية التشاركية والتدرج الأمر الذي أفضى إلى خلق جيوب مقاومة أفشلت هذا السعي وقوضت جهود إقرار آلية موحدة لتحصيل الضرائب، هذا من جهة،
ومن جهة أخرى، اعتقد المتحدث أنه تم إغفال الحديث عن موارد مفترضة لتطعيم المداخيل الضريبية، في مقدمتها الضريبة على الثروة غير المنتجة والضرائب على صناع المحتوى وتضريب شركات المحروقات، خاصة أن هذين القطاعين حققا أرباحا كبيرة خلال سنوات الأزمة، كان بالإمكان الرجوع إليهما لتحقيق موارد إضافية وتخفيف العبء الضريبي على الطبقات الوسطى والفقيرة.
وخلص الزاهر الأزرق إلى أن مشروع قانون المالية يجب أن يستحضر أكثر فأكثر السياق الداخلي الراهن الذي يتسم بتضخم تصاعدي وتدهور كبير للقدرة الشرائية، غير أن المقتضيات التي تضمنها لا توحي بذلك، وهو أمر جد مقلق بالنظر إلى أن عدم اتخاذ الإجراءات الضرورية لتحصين ما تبقى من هذه القدرة قد تكون له انعكاسات سلبية على استدامة تمويل مشاريع الإصلاحات الهيكلية الكبرى، وهو الأمر الذي يستدعي تدارك هذا الأمر واتخاذ خطوات استشرافية واستباقية في هذا الصدد في ما تبقى من عمر مشروع قانون المالية.

ممثل وزارة المالية:
قانون المالية يقدم أرقاما وفرضيات في ظرفية اقتصادية صعبة

أشار ممثل وزارة المالية والاقتصاد في هاته الندوة إلى أن مشروع قانون المالية لسنة 2023 يشكل طفرة نوعية في تنزيل البرنامج الحكومي وخاصة في شقه الاجتماعي، وذلك على الرغم من مجيئه في ظرفية صعبة، مرتبطة بالحالة المناخية، وارتفاع الأسعار بسبب تداعيات الحرب الروسية الاوكرانية.
كما سجل أن مشروع قانون المالية، حاول قدر الإمكان العمل على بلورة إجراءات جديدة للضرائب، وفق رؤية لتحقيق العدالة الضريبية، كما أن هذا القانون له الجرأة في تقديم أرقام وفرضيات في ظل ظرفية اقتصادية صعبة.

محمد النملي:
إعادة جدولة أسعار الضرائب على الشركات قد يؤدي إلى هروب المستثمرين

اعتبر محمد النملي هاته المحطة هي آخر فرصة للمستشارين لتدارك ما يمكن تداركه على أساس أنهم أكثر التصاقا ومعرفة عن قرب بالواقع الاقتصادي والاجتماعي من غيرهم بحكم أنهم يمثلون تلك القطاعات ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي على أرض الواقع، وأن تدخله في هذا اللقاء حول موضوع الجبايات ما هو إلا إثارة للانتباه، وطرح أسئلة ليس إلا ، وأن ماسُمي بإصلاح الضريبة على الشركات، هو في الحقيقة معالجة لأسعار الضريبة على الشركات(الأسعار تنبح لكنها لاتعض)، كما لاحظ المتحدث أن هناك إلغاء للسعر النسبي الذي كان تصاعديا، وإلغاء الأسعار لمناطق التسريع الصناعي، وكذلك منطقة الدار البيضاء المالية، وإلغاء الأسعار التي كانت مسقفة بالنسبة للتصدير، وكذا إلغاء السعر الأدنى الذي كان محددا للشركات الصغرى والمتوسطة بنسبة10 في المائة، وكله أصبح موحدا في20 %إلى 2026، بالنسبة للشركات التي لاتفوق أرباحها مائة مليون درهم، وأن الضريبة على الشركات من 2013 وهي تعدل سنويا، وأن الجدول التصاعدي للضريبة على الدخل لم يتغير منذ2010 ، كما أشار إلى أن هناك مخاطر في ما يتعلق بإعادة جدولة أسعار الضريبة على الشركات والذي يتمثل في هروب المستثمرين والتحاقهم ببلدهم الأصلي أو إلى مناطق أخرى…

وكخلاصة
من خلال القراءات السابقة التي جمعت بين التحليل السياسي والتقني يتبين أن القانون المالي الجديد2023 لم يأت بجديد ، مما يبين أن هناك فرقا كبيرا بين خطاب الانتخاب السياسي للحكومة، وبين ممارستها الحكومية، فالدولة الاجتماعية لاوجود لها في وثيقة القانون المالي الحالي والآفاق المستقبلية للتنمية ومؤشراتها الرقمية أصبحت في خبركان، والتبشير بمعدل التنمية ما فوق 03 %كل سنة أصبح الآن بعيد التحقق، أما التضخم فإنه يزداد استفحالا مما سيؤثر حتما على الوضع المعيشي للمواطن ويزيد وتيرة الغلاء والقهر الاجتماعي.
والقراءات والمداخلات التي عرضت في اللقاء والتي تم إغناؤها بالنقاش تبين بأننا أمام حكومة بعيدة كل البعد عن برنامجها الحكومي، وتغرد خارج السرب بل كانت سببا في احتراق والقضاء على الفئة المتوسطة بحكم غياب سياسة اجتماعية عادلة، وبرامج التنمية في محاربة الفقر والهشاشة ، وعدم وجود برامج اقتصادية واجتماعية تساعد على حماية القدرة الشرائية لكل الفئات الاجتماعية ،وخصوصا الطبقة الوسطى، لذا فموقف الاتحاد الاشتراكي لن يكون غير التصويت ضد هذا القانون المالي2023،في انتظارأن تتكتل كل القوى الوطنية وكل الأحزاب الديموقراطية اليسارية في جبهة واحدة لمقاومة التغول الحكومي.


الكاتب : مكتب الرباط: محمد طمطم

  

بتاريخ : 26/11/2022