الفنان التشكيلي عبد النور القشتول لـ «الاتحاد الاشتراكي» : على المبدع أن يتمتع بالحرية والجرأة وألا يرسم لنفسه حدودا

 

عبد النور القشتول فنان تشكيلي من مواليد مدينة تطوان.  تابع دراسته الابتدائية والثانوية والجامعية بتطوان .فنان  قرر التحرر من قتامة الحياة وقساوة الرؤيا، تصالح مع جراحه وآلامه.فتسلح بالجمال، بالرقي و الإبداع، حيث انطلق على طريقته المختلفة في عالم الرسم .مضى مبحرا بين الألوان والأضواء والمادة، فطوع بالماوس الشكل والإحساس، حيث مزج بين عمق التفكر فيهما ورصانة تجسيدهما.
عبدالنور القشتول اسم متفرد في عالم التشكيل الرقمي.فنان لا ينفصل عن إبداعاته في هذا الحوار يكشف لنا جوانب من مساراته في عالم التشكيل والإبداع. وكذا مشاريعه المستقبلية .

p بداية كيف كانت بدايتك مع الفن التشكيلي، وما هي الصعوبات التي واجهتك وأنت تلج هذا المجال؟
n بداية أتوجه بجزيل الشكر إلى الطاقم التقني والصحفي لجريدة «الاتحاد الإشتراكي» كما أغتنم هذه الفرصة لتجديد التبريك والتهنئة للمغاربة بالإنجاز التاريخي للمنتخب الوطني المغربي لكرة القدم .
في الحقيقة هي بدايات في مستهل العمر، كانت هناك خربشات على الجدران على الأرض على طاولات قاعات الدرس على هوامش الكراسات على رمال الشطآن ،الشرارة الأولى كانت بمدرستي الابتدائية على يد الفنان المغربي المقتدر محمد بناني المعروف بموحا. وقتها كان أستاذا، يشتغل بغرائبية بمواد خشنة بين الجلد والخشب وثوب الكتان و»الخنش» على مقاسات كبيرة جدا.
عند المرحلة الثانوية كان لقائي بمدرسين نهلوا من الأكاديمية الملكية للفنون الجميلة ببروكسيل و أكاديمية الفنون الجميلة بروما ،خلال المرحلة الجامعية بدأت بإعداد صفحة تشكيلية لإحدى الجرائد الورقية بتطوان مكنتني من اكتشاف عوالم التشكيل العالمية من خريجي مدرسة الفنون الجميلة بإشبيلية سانطا إيسابيل دي أونغريا ومدرسة الفنون الجميلة بمدريد سان فيرناندو، كما مكنتني من اكتشاف المنجز التشكيلي وتطوره، حللت ضيفا على مجموعة من المراسم وتتبعت مجموعة من التجارب ووقفت على مجموعة من الأساليب.
بعجالة كانت مرحلة البحث عن الذات و صقل الموهبة وتراكم التجربة ، تهت بين مجموعة من الأساليب ليستقر بي الحال على التقنية الرقمية.

p الفنان التشكيلي دائما يسعى إلى التعبير عن ما يخالجه من أفكار وأحاسيس عبر لوحاته. بالنسبة إليك إلى متى يكون الفنان صادقا في ذلك؟.
n الفنان التشكيلي لبن بيئته، شأنه شأن الكاتب والشاعر والزجال والموسيقي والمسرحي والسينمائي ، كل يعبر بطريقته بوسائله .ففي ميدان التشكيل هناك من تمرد على الأشكال التقليدية أو كلاسيكية إذ بدأ البحث عن البعد الثالث والرابع ليتعداه للخامس. برزت الأنصاب التذكارية و الجداريات و إنشاءات وتعددت الأساليب والمواد المستعملة لتشمل الألياف الاصطناعية ،البلاستيك، الألمنيوم، الزنك، النحاس.
عن صدق الفنان لا يجب بتاتا أن يشتغل تحت الطلب أو بشروط مسبقة. ففي هذا الوضع يصبح أقرب إلى الصانع التقليدي،على المبدع أن يتمتع بميزات كالحرية والجرأة وألا يرسم لنفسه مسارا أو حدودا  .

p هل هناك ألوان محددة أو بالأحرى مادة تفضل الرسم عليها ضمن لوحاتك ؟.
n رأيي أن التشكيلي الذي يتقيد بمجموعة من الألوان دون الأخرى كمن يتكلم لغة ناقصة مبتورة الكلمات، في مراحل ما يمكن مثلا وجدت نفسي مقيدا بالرمادي خلال فاجعة زلزال الحسيمة أو خلال الحجر الصحي. كانت أغلب شطحاتي بين الأزرق والأحمر والأسود.
حاليا أشتغل بالتقنية الرقمية بالدرجة الأولى. لدي أعمال بالحجر والزجاج مجموعة من السنائد المختلفة التي أحاول جاهدا إيجاد نوع من الإنسجام بينها ،أنجزت مجموعة من الأنصاب التذكارية أبرزها يخلد للذكرى الخمسين للتعاون المغربي الإسباني في ميدان التكوين المهني وتبادل الخبرات كما صممت مجموعة كبيرة من واجهات الكتب  .

p هل تعتقد أن الفن التشكيلي لاتزال له القدرة على ممارسة التأثير على الجمهور؟ .
n الفن التشكيلي فعل إنساني من الإنسان للإنسان يعبر عن أفراحه و أحزانه ،يبحث عن مكامن القوة والضعف في الفكر البشري. لما تقف مشدودا الى عمل ما سواء كان تجريدا أو تشخيصا ثنائي الأبعاد أو ثلاثي أو رباعي ،خشبا أو قماشا أو مرمرا أو مركبا بين الإعجاب أو النفور بين طرح الأسئلة و محاولة الإجابة عنها، هذه هي وظيفة الفن.

p بالنسبة لك هل الفن الواقعي الأقرب والأفضل لك أم الفن التجريدي ولماذا ؟.
n العمل الفني في التشكيل يجب أن يكون جيدا أو سيئا. هذا النوع من المقارنات كمن يقارن بين القصيدة الموزونة المقفاة والزجل والموشح وما يصطلح عليه بالقصيدة النثرية. هذه حتمية التطور في رأيي المتواضع التجريد هو عصارة المنجز الفني وهو لغة العصر، فيه من الجمالية والفكر والمعرفة وتوحيد الرؤى واللغة.

p كيف تقيم الحركة التشكيلية بتطوان بصفة خاصة، والشمال بصفة عامة ومذا عن آفاقها؟
n الحركة التشكيلية بتطوان بألف خير، تساير الزمن وتسارع الخطى. هناك بعض المعيقات ولكن يمكن التغلب عليها بتظافر الجهود. المعهد الوطني للفنون الجميلة يقوم بدوره كمؤسسة ذات تكوين عالي ،مركز تطوان للفن الحديث كذلك الأروقة الخاصة والعمومية تقوم بدورها. المنجز التشكيلي متنوع ومتميز بين اللوحة والنصب التذكاري والجدارية و الإنشاءة والطابع البريدي والورقة النقدية والقطع المسكوكة ،يلاحظ خصاص في التظاهرات الوازنة .الآن أصبح من الضروري أن يكون لتطوان بينال أو ترينال لترويج و تسويق تطوان فنيا و تشكيليا.
عن الشمال، المنطقة أنجبت صفوة التشكيلين المغاربة سواء من بقي وفيا للخط الذي رسمه دون ماريانو بيرطوتشي نييطو أو من انفتحوا على مدرسة الدارالبيضاء ،مؤخرا تعززت البنية المتحفية بطنجة بمتحف للفنون الجميلة احتضنته فيلا هاريس إلى جانب مجموعة كبيرة من الأروقة الخاصة والمراكز الثقافية الأجنبية.

p ماذا عن مشاريعك المستقبلية ؟
n عن مشاريعي المستقبلية ،هي مشاريع عديدة ،أحلم يوميا وأخطط يوميا وأنفذ يوميا. كما في علمكم احتفل المغرب خلال هذا الأسبوع بالذكرى الثلاثين بعد المائة لنشأة البريد المغربي (المخزني) هذه المؤسسة العريقة نشأت بموجب ظهير شريف للمولى الحسن الأول بموجبه تنظم المعاملات البريدية بثلاثة عشرة مدينة مغربية التي هي تطوان، طنجة،العرائش، أصيلا، الرباط، الدار البيضاء، الجديدة،أزمور، الصويرة، آسفي، مراكش، فاس، مكناس.من هنا تبلورت فكرة تجميع إنشاءة مكونة من 13 ختما مستديرا و13ختم مثمنا بالألوان الستة لتسافر في طواف عبر هذه المدن المخزنية إن صح التعبير. هذه القطع التي ستعرض في فضاءات مختلفة وبظروف مختلفة.

p كلمة أخيرة تود أن نختم بها هذا الحوار ؟.
n أجدد شكري وإعجابي بجريدة الإتحاد الإشتراكي صاحبة المبادرات القيمة والداعمة للمشاريع الجادة المتميزة كمنبر إعلامي أكن له الإعجاب والتقدير.


الكاتب : مكتب تطوان : عبد المالك الحطري

  

بتاريخ : 07/12/2022